كيف أقنعت حرب الشتاء هتلر بحتمية انتصاره ضد موسكو؟

عقب تدخله ضد بولندا منتصف سبتمبر 1939 واقتسام أراضيها مع الألمان تنفيذا لما جاء باتفاقية مولوتوف ريبنتروب، اتجه الاتحاد السوفيتي أواخر نوفمبر من نفس العام لخوض غمار حرب أخرى ضد الفنلنديين غربا.

فمع رفض مطالبهم بالحصول على جزء من الأراضي الفنلندية بهدف خلق منطقة آمنة لحماية مدينة لينينغراد من هجوم ألماني مستقبلي، أرسل السوفيت ما يزيد عن نصف مليون من جنوده، مدعومين بآلاف الدبابات والطائرات وقطع المدفعية، لاجتياح فنلندا.

وفي البداية، آمن ستالين بإمكانية حسم الحرب بشكل سريع بفضل التفوق العددي والتقني لقواته. وبمرور الأيام، تفاجأ الأخير بالمقاومة الشرسة من قبل الفنلنديين وفشل الجيش الأحمر في تحقيق تقدم ملموس تزامنا مع تراجع الخبرة العسكرية في صفوف قواته عقب قيامه بإعدام كبار الجنرالات بالجيش خلال الأشهر التي سبقت اندلاع الحرب.

انهيار الجبهة ونفاد الذخيرة

أواخر فصل الشتاء، كانت بوادر التعب والإنهاك واضحة على الجنود السوفيت المتواجدين على الجبهة الفنلندية. ومع اقتراب فصل الربيع وذوبان الثلوج، تخوّف السوفيت من إمكانية علق قواتهم بالغابات المليئة بالطين الذي قد يعرقل تحرّك قواتهم.

وخوفا من إمكانية انهيار فنلندا أمام السوفيت الذين أرسلوا مزيدا من القوات نحو الجبهة، اقتنع الألمان والسويديون بضرورة الضغط على فنلندا لإنهاء حرب الشتاء خوفا من إمكانية انهيارها وسقوطها بقبضة الاتحاد السوفيتي. وأمام الرفض الفنلندي لمقترح وقف إطلاق النار والقبول بالشروط السوفيتية، أكدت السلطات السويدية أنها لن تسمح بمرور مزيد من المقاتلين المتطوعين عبر أراضيها نحو فنلندا.

بحلول أواخر فبراير 1940، أصبح الألمان والسويديون متيقنين من قرب انهيار الجيش الفنلندي الذي افتقر للذخيرة وأصبح غير قادر على الدفاع عن مواقعه. وأمام هذا الوضع، أعلنت السلطات الفنلندية قبولها بالمطالب السوفيتية من حيث المبدأ واستعدادها للجلوس لطاولة المفاوضات.

يوم 5 مارس 1940، تمكنت القوات السوفيتية من اختراق خط مانرهايم الدفاعي واقتربت من منطقة فيبوري (Viipuri). وبالبرزخ الكاريلي، تحوّل الوضع لكارثي بالنسبة للفنلنديين عقب نفاد الذخيرة. إلى ذلك، جاءت هذه الضغوطات والعوامل السيئة، التي تزامنت مع تأخر التدخل العسكري الفرنسي البريطاني الذي كان مبرمجا، لتجبر الفنلنديين على القبول بجميع الشروط التي وضعها السوفيت لإنهاء الحرب وتوقيع اتفاقية موسكو.

خسائر جسيمة

أواخر شهر مارس 1940، قدّم المسؤولون السوفيت، حسب ما أكده المسؤول العسكري بلينينغراد حينها، أرقام خسائرهم فتحدثوا عن سقوط أكثر من 48 ألف قتيل وإصابة حوالي 159 ألفا آخرين طيلة النزاع الذي استمر لأكثر من 3 أشهر. وخلال السنوات التالية، رجّح المؤرخون سقوط عدد أكبر من الضحايا السوفيت بحرب الشتاء. فضلا عن ذلك، أسفر التدخل السوفيتي ضد فنلندا عن تخريب وتدمير آلاف الدبابات السوفيتية التي أثبتت في الغالب عدم فاعليتها أمام الطقس بفنلندا.

مع نهاية الحرب، أفرج الفنلنديون عن 5572 أسير حرب سوفيتي. ومع عودتهم لوطنهم، أطلق المسؤولون السوفيت سراح 450 منهم بينما أعدم نحو 200 بتهمة الخيانة وأرسل البقية نحو مراكز العمل القسري، الغولاغ، حيث قضوا فترات تراوحت بين 5 و10 سنوات.

إلى ذلك، تابع الألمان عن كثب مجريات حرب الشتاء ولاحظوا الفشل العسكري السوفيتي والعجز الفرنسي البريطاني عن التدخل بشكل مباشر بالنزاع.

ومع مشاهدته للأداء العسكري الهزيل للجيش الأحمر السوفيتي، الذي تمتع بتفوق عددي وتقني، تيقّن أدولف هتلر من نجاح الغزو الألماني المبرمج للأراضي السوفيتية.

وأثناء الاستعداد للعملية العسكرية شرقا، تحدث أدولف هتلر لوزرائه وجنرالاته عن الجيش الأحمر قائلا " علينا فقط أن نركل الباب وسوف ينهار الهيكل الفاسد بأكمله".

Original Article

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

%d مدونون معجبون بهذه: