صرح دكتور جون غروف، مدير ضمان الجودة والقواعد والمعايير بمنظمة الصحة العالمية، أن المنظمة الأممية تتوخى عند إصدار أي توصيات أو إرشادات صحية على مستوى عالمي أو إقليمي، سواء الأمر متعلق بجائحة كورونا أو غيرها، أن يكون التوجيه أو التوصية قوية قدر الإمكان، مع مراعاة عناصر بالغة الأهمية على رأسها عدم تضارب المصالح وأن الخبراء المشاركين في إصدار التوصية يقدمون بالفعل النطاق الكامل لخبراتهم العلمية للتوصل إلى صياغة للإرشادات بشفافية تامة.
السلطة العالمية الوحيدة
جاء ذلك خلال لقاء أجرته معه مارتا سوسزينسكا، في الحلقة رقم 29 من المجلة المتلفزة "العلوم في خمس"، التي يبثها موقع منظمة الصحة العالمية على مواقع التواصل، بغرض التوعية والتثقيف بشأن كل ما يتعلق بفيروس كورونا المُستجد، والذي تطرق إلى كيفية إعداد إرشادات منظمة الصحة العالمية وما هي المعايير المتبعة للتأكد من جودتها والأساليب المتبعة لتطويرها وتحديثها.
شرح دكتور غروف أن منظمة الصحة العالمية هي بشكل قاطع السلطة العالمية الوحيدة، المنوط بها وضع مجموعة من التوصيات التي ينبغي تطبيقها على مستوى العالم والتي تقوم البلدان والأفراد ومقدمي الخدمات الصحية باتباعها لتحسين صحة الإنسان، مؤكدا أن تلك التدخلات والتدابير في مجال الصحة العامة هي بشكل أساسي لضمان صحة الإنسان وسلامته.
وأردف قائلًا إن التدابير أو التدخلات تصدر في شكل ما يتم تسميته بالإرشادات أو التوصيات التي يمكن للعالم استخدامها لأغراض التخطيط للاستجابة أو توفير التدخل الصحي بحسب طبيعة الموقف في كل منطقة وأحوالها، مشيرًا إلى تقديم منظمة الصحة العالمية لتوصية يتم بناء على جمع لأفضل الأدلة العلمية المتاحة من خلال وسائل مختلفة.
أقوى الأساليب وأكثرها شفافية
وشرح دكتور غروف أنه يتم جمع الخبراء العالميين معًا للمساعدة في التشاور بشأن تلك الأدلة العلمية وتبادل وجهات النظر والخبرات، ومن ثم يتم إصدار مجموعة من التوصيات، التي يجري نشرها على مستوى العالم.
وأضاف دكتور غروف أن مجموعة ضمان الجودة والقواعد والمعايير داخل منظمة الصحة العالمية، وداخل قسم العلوم، تعمل عبر الوحدات الفنية المختلفة للتأكد من أن الطريقة التي توضع بها الإرشادات للعالم تتم بأقوى الطرق وأكثرها شفافية، وهي إجراءات تستغرق الكثير من الوقت في البحث عن الأساليب المتبعة وضمان دقتها وجدواها، والتثبت من عدم وجود تضارب للمصالح وضمان الحصول على خلاصة علم الخبراء المشاركين في عملية إصدار الإرشادات.
مشاركة خبراء عالميين
واستطرد دكتور غروف موضحًا أن منظمة الصحة العالمية لا يمكن على الإطلاق أن تصدر إرشادات أو توصيات قابلة للتطبيق عالميًا دون أن يدعمها أقوى الأدلة العلمية، كما أن الأمر يستغرق الكثير من الوقت والجهد لأنه يتم مطابقة ومقارنة الأدلة ببعضها البعض والاطلاع على نتائج الدراسات، التي يتم إجراؤها على التدخلات المختلفة، والتأكد ممن يشاركون في تلك الدراسات وشكلها وأساليبها ودقتها.
وأوضح أنه في بعض الحالات، تكون البيانات قوية للغاية، في حين لا تتوافر بيانات، أو تكون قليلة جدًا، في حالات أخرى.
ولذلك يستمر فريق عمل أقسام ضمان الجودة والقواعد والمعايير بمنظمة الصحة العالمية في المراقبة والتأكد من أن البيانات الواردة قابلة للاستخدام، وأنه بمجرد الانتهاء من جمع البيانات يتم دعوة الخبراء للتباحث وتبادل وجهات النظر والخبرات مع طواقم وأقسام منظمة الصحة العالمية المختلفة.
الوتيرة السريعة لجائحة كورونا
وحول كيفية تعامل منظمة الصحة العالمية مع جائحة فيروس كورونا في ضوء المستجدات العلمية المتوالية بوتيرة سريعة للغاية، قال دكتور غروف إن التكنولوجيا تساعد في زيادة سرعة العلم والدراسات والأبحاث، وتساعد أيضًا على فهم الأدلة العلمية الناتجة عنها والتي يتم مناقشتها ومراجعتها قبل إصدار الإرشادات الصحية.
وشرح دكتور غروف أن منظمة الصحة العالمية تستخدم عملية تسمى "تخليق الأدلة"، حيث يتم جمع كل الأدلة معًا في مكان واحد لإجراء مراجعة، وللتواصل مع الخبراء، واستيفاء كافة الجوانب المتعلقة بها.
وأضاف أن الأسلوب المتبع حاليًا في العصر الجديد هو أكثر بكثير مما يمكن تسميته "نهجًا نشطًا"، حيث تقوم منظمة الصحة العالمية برعاية الأدلة العلمية عندما تصبح متاحة وتقوم في الواقع بتحديث الإرشادات على أسس متلاحقة وأكثر تواترًا.
مراجعة وتقييم متواصل
وكشف دكتور غروف أنه يتم العمل مع جميع الدوريات والإصدارات العلمية في العالم لإتاحة الوصول إلى المطبوعات والدراسات التي يتم إعدادها، بل وتم صياغة أسئلة حول التدخلات الصحية المختلفة التي يحتاج الخبراء والعلماء إلى إجابات عليها بشأن أي بيانات واردة مع تطبيق عمليات مراجعة وتقييم مستمرة للبيانات والمعلومات والأدلة الواردة.
وقال دكتور غروف إن أحد المهام المهمة، التي تقوم بها منظمة الصحة العالمية في هذا السياق، أن يتم التعامل مع العامة ومجتمعات المرضى لمعرفة إلى أي مدى سيتم اتباع تلك التوصيات والإرشادات وماهي تفضيلاتهم فيما يتعلق بالخيارات المختلفة.
كما تولي المنظمة اهتمامًا بالوصول إلى العدالة والقضايا المتعلقة بحقوق الإنسان في توفير التدخلات الصحية المختلفة للتأكد حقًا من أن ما يتم تقديمه من توصيات يتم تطبيقه وتوفيره للإنسان في أي وكل مكان حول العالم.