في الحادي والعشرين من شهر مارس، تحل المناسبة التي يحتفل فيها الجميع بالأم مع حلول عيدها، تكريما وتقديرا لها على كل ما قدمته وتقدمه في سبيل نهضة المجتمعات.
ولم تحمل السينما المصرية سوى توثيق لدور الأم في كافة الأعمال التي قدمت عبر الشاشة، والتي اختلفت بمرور الأزمنة، وأظهرت تطورا كبيرا في السنوات الأخيرة.
فاعتاد صناع السينما على وضع صورة نمطية واحدة للأم قبل سنوات طويلة، واعتاد الجمهور على فنانات بعينهن يظهرن في دور الأم بعد نجاحهن في التجربة الأولى.
ومن بين الفنانات اللاتي برعن في تقديم دور الأم كانت الراحلة فردوس محمد التي عرفت بطيبتها على الشاشة، ولم تظهر سوى في أدوار الأم، حيث كان من أشهر أفلامها "سيدة القصر" و"عنتر بن شداد" و"فاطمة".
ومن المفارقات التي ارتبطت فردوس محمد كونها لم ترزق بالأطفال في حياتها الشخصية على الرغم من زواجها مرتين، إلا أنها برعت في إظهار مشاعر الأمومة.
ومنذ نجاحها الأول قرر الصناع أن يحصروها في تلك الزاوية، ولم تقدم أدوارا بعيدة عن دور الأم، على مدار مسيرتها الفنية الطويلة التي انتهت برحيلها متأثرة بالسرطان وهي في الـ55 من عمرها.
عزيزة حلمي كانت واحدة من النجمات اللاتي اشتهرن بدور الأم في السينما المصرية، وكانت تصنف دائما على أنها الأم الطيبة التي تسهر وتتحمل من أجل أبنائها.
فرآها الجميع بهذه الصفات في أفلام "اليتيمتين" و"زمن حاتم زهران" و"ظلموني الناس"، والمفارقة الغريبة أن مشاركتها في الأعمال جاءت بترشيح من صديقتها فردوس محمد، والتي يبدو أنها رشحتها وحصرتها معها في تلك الزاوية الخاصة بالأمومة.
وقدمت عزيزة حلمي أدوارا للأم لن ينساها الجمهور خاصة أن ملامح وجهها كانت توحي بالأمر، وهو ما جاء رغم وفاة ابنها في سن مبكرة ولم ترزق بعده بأي أطفال.
وتعد كريمة مختار واحدة من علامات السينما المصرية في دور الأم، بل يبدو أنها الأم الأبرز على مدار سنوات طويلة للغاية، تغيرت في الأفلام والشخصيات والأعمال وبقيت هي بحنانها وعاطفتها.
فحينما تشاهدها في أفلام "يارب ولد" و"رجل فقد عقله" و"الحفيد"، لن تجد أنها تغيرت عن أدوارها في مسرحية "العيال كبرت" أو مسلسل "يتربى في عزو" التي بكى الجمهور بسببها فيه، وكانت هناك دمية تباع باسم الشخصية التي قدمتها.
وعلى نفس النمط كانت أمينة رزق التي قدمت أكثر من 200 عمل، برعت خلالهم في تقديم دور الأم الطيبة، وكذلك دور الأم القوية حينما يقتضي الأمر، وجاءت موهبتها وبراعتها على الرغم من كونها لم تتزوج ولم ترزق بأبناء.
ومن بين الأعمال التي قدمتها كانت أفلام "المولد" و"العار" و"أمهات في المنفى"، والتي كانت الراحلة واحدة من نجوم تلك الأعمال، حتى وإن كانت المساحة الخاصة بها ليست كبيرة.
تطور كبير استوعبته السينما المصرية فيما يتعلق بأدوار الأم، حيث باتت محركا حقيقيا للأحداث، وربما كانت الأم هي البطلة دون أن تحصر في دور ثانوي.
فكانت عبلة كامل واحدة من أهم النجمات اللاتي لعبن دور الأم البطلة، فظهرت بروح كوميدية على غير المعتاد والمتعارف عليها، وقدمت أعمالا أبرزها "كلم ماما" الذي رأى الجمهور من خلاله الأم البطلة التي تحرك الأحداث.
كما شكلت ثنائية ناجحة مع محمد سعد في فيلم "اللمبي" وكان لها نصيب كبير من البطولة بدور الأم، وهو ما ظهر أيضا في فيلم "عودة الندلة" الذي جسد رحلتها في البحث عن ابنها.
الفنانة يسرا واحدة من الفنانات اللاتي برعن في تقديم دور الأم البطلة، وكانت لديها أعمال تتطرق إلى تضحيات الأم فقط وكان من بينها مسلسل "أين قلبي" ومسلسل "حياة الجوهري"، وانضمت إلى قائمة الفنانات اللاتي برعن في هذه الزاوية دون أن يرزقن بالأبناء في حياتهن الشخصية.
نبيلة عبيد أيضا من الفنانات اللاتي قدمن دور الأم في سن مبكرة ونجحن في تقديمها، وهو ما ظهر في فيلم "العذراء والشعر الأبيض" الذي جاء رغم أنها اختارت طواعية ألا ترزق بالأبناء في الحقيقة، وبررت الأمر بعدة تبريرات، كان من بينها خوفها على جسدها ومسيرتها الفنية.
وفي الأجيال الجديدة ظهرت عدة فنانات خضن تجربة الأمومة على الشاشة، من بينهن نيللي كريم التي قدمت أعمالا مثل "ذات" و"اشتباك" وظهرت فيها بدور الأم.
إلا أن كافة الأعمال التي قدمت مؤخرا ابتعدت عن النمطية السائدة في السينما، ولم تحصر الفنانات في أدوار بعينها عن الأم، حيث حدث التطور وباتت الأم تلعب دور البطولة في الأعمال.