عقب فوز حزب العدالة والقانون بالانتخابات البولندية لعام 2005، لم يتردد وزير الدفاع البولندي رادوسلو سيكورسكي (Radosław Sikorski) في رفع السرية عن الآلاف من الوثائق المتعلقة بحلف وارسو الذي مثّل تحالفا أمنياً مشتركاً ظهر عام 1955 وجمع بين الاتحاد السوفيتي وسبع جمهوريات اشتراكية من الكتلة الشرقية.
كما تشكّل هذا الحلف العسكري حينها كرد على حلف شمال الأطلسي، المعروف بحلف الناتو، الذي ظهر عام 1949 وضم الولايات المتحدة الأميركية وحلفائها الغربيين.
ومن ضمن هذه الوثائق التي كشف عنها سيكورسكي لتذكير البولنديين بالماضي الشيوعي، برزت للعالم وثيقة سرية عرفت بتمرين "سبعة أيام إلى نهر الراين". وجاء هذا التمرين، الذي ظهر عام 1979، ليحاكي سيناريو حرب نووية تستمر 7 أيام وتنتهي بانتصار حلف وارسو عقب محو مدن بأكملها من الخارطة بضربات نووية.
ضد أهداف بأوروبا الغربية
إلى ذلك، توقّع الخبراء السوفيت، من خلال هذا التمرين، قيام حلف الناتو بتوجيه 25 ضربة نووية على بولندا على طول نهر فيستولا (Vistula) لتخريب البلد وشله كلياً بسبب التلوث والإشعاعات النووية قاطعين بذلك الاتصال بين القوات السوفيتية المرابطة بكل من ألمانيا الشرقية وتشيكوسلوفاكيا والمجر ببقية الجيش السوفيتي المتمركز بقواعده على الأراضي السوفيتية.
وبموجب ذلك، سيرد الاتحاد السوفيتي بتوجيه مجموعة من الضربات النووية ضد أهداف بكل من هولندا وبلجيكا والدنمارك وألمانيا الغربية وإيطاليا، وهو ما سيكبد الناتو خسائر جسيمة تزامناً مع تدمير مكتبه ببروكسل.
ومن خلال مناورة استراتيجية، استثنى الخبراء السوفيت الأراضي الأميركية والبريطانية والفرنسية من ضرباتهم النووية. وحاول الاتحاد السوفيتي خلق حالة من التخبط في صفوف هذه الدول، التي تحكمت بشكل منفرد بترساناتها النووية، حول إمكانية استهداف الأراضي السوفيتية وأول من سيقوم بذلك منهم. وعلى حسب هذا التحليل الذي قدمه الخبراء السوفيت، ستعجز كل من بريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة الأميركية عن القيام بذلك خوفاً من رد نووي سوفيتي على أراضيها.
محو مدن بأكملها
وتزامناً مع هذه الضربات النووية، سيبدأ الجيش السوفيتي، بمساعدة نظيره التشيكوسلوفاكي، بالتقدم نحو نهر الراين (Rhin) بفرنسا بشكل سريع. ولإنجاح هذا الزحف البري، تحدث الخبراء السوفيت عن امتلاكهم دبابات تجاوزت من حيث العدد تلك التي امتلكها حلف الناتو. وبينما سيقدم الطيران الحربي لحلف وارسو على تدمير المطارات العسكرية للناتو، سيباشر الجيش المجري بالتدخل في النمسا لاحتلالها بسبب دورها المركزي بالقارة الأوروبية.
في الأثناء، حصلت البحرية السوفيتية على مهمة جوهرية حيث ستقدم الأخيرة على قطع الاتصال بين القارة الأميركية وأوروبا وستتكفل بمهمة إعاقة وصول الإمدادات الأميركية نحو الحلفاء الأوروبيين. كذلك كان من المقرر أن تتمركز الغواصات النووية على مقربة من الولايات المتحدة، استعداداً لإمكانية إطلاق صواريخها صوب المدن الأميركية.
وفيما يخص الضربات النووية، خطط الاتحاد السوفيتي لاستهداف العاصمة النمساوية فيينا بقنبلتين نوويتين، بلغت قوة الواحدة منهما 500 كيلوطن. في المقابل، خصصت السلطات السوفيتية 3 قنابل نووية بقوة 500 كيلوطن لمدن فيتشنزا (Vicenza) وبادوفا (Padua) وفيرونا (Verona) الإيطالية لتسهيل دخول المجريين واحتلالهم للشمال الإيطالي. وبألمانيا الغربية، وضع الخبراء السوفيت مدن شتوتغارت وميونخ ونورمبرغ على رأس قائمة المدن الألمانية التي يجب محوها من الخارطة قبل دخول القوات التشيكوسلوفاكية إليها.
وبموجب هذه الضربات النووية، تحدث المسؤولون السوفيت عن إمكانية بلوغهم نهر الراين في غضون أسبوع واحد وتحييد حلف الناتو بشكل كامل بأوروبا. إلى ذلك، وصف الخبراء بحلف الناتو هذا المخطط السوفيتي بالغبي. فأثناء إعدادهم لهذا التمرين الغريب، تناسى المسؤولون السوفيت أن الاتفاقية الأساسية لحلف الناتو تقضي بالرد سريعاً بهجوم نووي ضد الاتحاد السوفيتي في حال قيام الأخير باستخدام هذا النوع من الأسلحة ضد أي عضو بالحلف.