يستمر قطاع إنتاج المحتوى في النمو دون وجود أي علامات على احتمال تباطؤه في المستقبل، ومن المتوقع – وفقًا لأرقام المنتدى الاقتصادي العالمي – أن يصل حجم المحتوى المنتج لشبكة الإنترنت بحلول هذا العام إلى 44 زيتابايت (1 زيتابايت يساوي مليار تيرابايت) ما يجعل هذا المحتوى أكبر بأربعين مرة من النجوم الموجودة في الكون.
يشمل هذا المحتوى كل شيء بدءًا من المقالات المكتوبة ومقاطع الفيديو والصوت والرسوم المتحركة والصور، ويعد هذا القطاع كبيرًا جدًا لدرجة أن اللاعبين الرئيسين فيه يربحون ما يزيد عن مليار دولار سنويًا، ومن المتوقع أن تصل قيمة هذا القطاع إلى 217 مليار دولار بحلول العام 2030، وسيزداد الطلب على المحتوى مع زيادة عدد الأشخاص الذين ستتوفر لديهم إمكانية الوصول إلى الإنترنت.
أدى توسع قطاع إنتاج المحتوى بشكل كبير إلى ظهور نظام كامل لبرامج تسويق المحتوى وظهرت العديد من المنصات لمساعدة العلامات التجارية على تسويق المحتوى الذي تنتجه، ويشمل ذلك جدولة المحتوى وتحليل النتائج وتتبعها وتزويدهم بالبيانات الأساسية والرؤى حول أنماط استهلاك الجماهير.
يلعب الذكاء الاصطناعي دورًا أساسيًا في عمليات إنتاج المحتوى، ما يزيد من كفاءة الشركات وفعاليتها في الوصول إلى جمهورها المستهدف، وتعتمد عدة برامج على الذكاء الاصطناعي، ومنها برامج التدقيق اللغوي مثل جرامرلي وهيمنغوي والخدمات التي تقدم اقتراحات للمقالات مثل ستوري بيز وأدوات تتبع أداء المحتوى مثل كونتنلي.
نشرت صحيفة ذا جارديان خلال هذا الشهر مقالًا كتبه الذكاء الاصطناعي، ولم يوضح هذا المقال مدى تقدم هذه التقنية فحسب، ولكن أيضًا أكد على قدرتها على كتابة مقال عالي الجودة يهم البشر، وعلى الرغم من وجود مدقق بشري للمقال، لكن هذا العملية لا تختلف عن عملية إنتاج المحتوى المعتادة والتي تشمل كتابة المقال ثم تدقيقه.
لكن ما هو مستقبل الذكاء الاصطناعي في إنتاج المحتوى؟
هذه هي بعض الاتجاهات والابتكارات البارزة المتوقعة مع استمرار تقدم الذكاء الاصطناعي.
- التخصيص: من أهم الفوائد التي يقدمها الذكاء الاصطناعي للمسوقين هي القدرة على تخصيص المحتوى، إذ يمكن مثلًا للبرامج الحالية التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي تمكين الشركات من تعديل العناصر الدقيقة للمحتوى مثل التحية أو العنوان وتخصيصها حسب القارئ. وسيساهم تطوير الذكاء الاصطناعي في زيادة إمكانيات البرامج الحالية على تحليل رضى الجمهور عن المحتوى وتقديم تصورات عن سلوكهم وخياراتهم، والتي قد تُستخدم بعد ذلك لتحسين المحتوى.
ستتيح التطويرات الإضافية زيادة تخصيص المحتوى مع الاعتماد على الابتكار المحتمل صدوره قريبًا والمخصص لتتبع حركات عين القراء، ما يسمح بقياس انتباه القراء وتحديد عناصر المحتوى التي تجذب اهتمام القارئ أكثر، ومن المحتمل أيضًا أن يكون لهذه التقنية تطبيقات في التعليم للمساعدة في تخصيص المحتوى للطلاب.
- الاستهداف في الوقت الفعلي: يتجاوز الاستهداف في الوقت الفعلي عملية التخصيص إلى ما هو أبعد من مراعاة اختيارات الجمهور إلى مراعاة السياق، إذ يمكن للذكاء الاصطناعي أن يقدم للجمهور -اعتمادًا على بياناتهم في الوقت الفعلي والموقع الجغرافي- محتوى لاحتياجات محددة، وهذا يشمل مثلًا الأحداث الرياضية الخاصة وأحوال الطقس، أي أنه يمكن للمسوقين الوصول إلى الجماهير في الوقت المناسب بالمنتج المناسب وبطريقة أكثر دقة بفضل الذكاء الاصطناعي.
- التصميم المرئي الآلي: يمكن للذكاء الاصطناعي أيضًا إنشاء محتوى مرئي، وتوجد حاليًا عدة تطبيقات تعتمد على الذكاء الاصطناعي في إنتاج المحتوى المرئي، إذ تسمح مواقع إلكترونية مثل موقع ويكس بإنشاء مواقع إلكترونية كاملة دون الحاجة إلى معرفة كبيرة في لغات البرمجة، ويمكن تخصيص الموقع باستخدام الذكاء الاصطناعي لأغراض متعددة، سواءً كان الموقع للتجارة الإلكترونية أو للتدوين. يمكن أيضًا استخدام موقع لومن 5 لإنشاء مقاطع فيديو تسويقية كاملة وتوفير كل ما يحتاجه المستخدم من مقاطع الفيديو إلى الرسائل والصوت وحتى تحويل تدوينة إلى مقطع فيديو.
- عوالم افتراضية تفاعلية: يتجه الكثيرون الآن -مع تزايد أهمية المحتوى المرئي لصانعي المحتوى- إلى إنشاء مقاطع فيديو تفاعلية لتوفير هذه التجربة للمستخدم، وأنشأت شركة نيفادا نموذجًا للذكاء الاصطناعي قادرًا على تحويل الفيديو إلى عالم افتراضي واقعي وتفاعلي لقطاع صناعة الألعاب، وهو قابل للتطبيق أيضًا في قطاع صناعة الأفلام. يستطيع الذكاء الاصطناعي أيضًا تحويل الفيديو إلى هولوجرام ثلاثي الأبعاد، ما قد يؤثر على كيفية تقديم المحتوى الرياضي، إذ يمكن لهذه التقنية إتاحة مشاهدة أي مباراة رياضية من زوايا متعددة دون الحاجة إلى شاشة.
يمكننا القول بأن مستقبل إنتاج المحتوى مرتبط بشدة بالذكاء الاصطناعي، من فهم رأي الجماهير بالمحتوى واحتياجاتهم الفريدة إلى إنتاج المحتوى نفسه، وسيسمح استخدام الذكاء الاصطناعي في أتمتة العمليات التي تحتاج عادة إلى وقت طويل. ويخشى الكثيرون من أن يحل الذكاء الاصطناعي محل العديد من الوظائف، لكن التقنية تقدم حاليًا أدوات تسمح للمسوقين بتحسين فعاليتهم وكفاءتهم.
من الصعب في الواقع تخيل عملية إنتاج المحتوى الحالية دون استخدام الذكاء الاصطناعي، ونأمل أن تؤدي التطورات المستقبلية إلى زيادة فعالية هذه التقنية، لكن من الصعب أيضًا تخيل إنتاج المحتوى دون الحاجة إلى إشراف بشري.
The post كيف سيغير الذكاء الاصطناعي اتجاهات إنتاج المحتوى في المستقبل appeared first on مرصد المستقبل.