وجهت الولايات المتحدة ضربة مؤلمة لدكتاتور فنزويلا، نيكولاس مادورو، بتسلمها أمس من "جمهورية الوادي الأخضر" رجل أعمال كولومبي من أصل لبناني، موصوف بأنه "ذراع مادورو الخاصة" وكاتم أسراره المالية، ومهندس علاقاته الخارجية، خصوصاً مع تركيا وإيران، هو Alex Saab الذي اعتقله الانتربول في 12 يونيو العام الماضي بمطار مدينةPraia عاصمة جمهورية Cabo Verde الواقعة في الأطلسي كأرخبيل صغير من الجزر مقابل موريتانيا.
طائرة خاصة، أقلعت في الرابعة بعد ظهر أمس السبت، حاملة أليكس نعيم صعب الى الولايات المتحدة، بحسب خبر عاجل، ألمّت "العربية.نت" بتفاصيله القليلة من موقع أشهر صحيفة محلية بالدولة الأرخبيلية، هي Noticias de Norte المضيفة في خبرها أن محكمة الاستئناف بمنطقةAlgarve في الجنوب البرتغالي، سبق وأعطت الاذن في يناير الماضي لتسليم صعب الى الولايات المتحدة، بتهمة غسيل الأموال ومحاولة اختراق عقوبات مفروضة أميركيا على ايران وتركيا وفنزويلا، وهو ما عقوبته السجن 20 سنة في حال ادانته.
بعد الاذن بتسليمه، أصدر فريق الدفاع عنه بيانا، وصف الاذن بأنه تحد مباشر لحكم صدر في 2 ديسمبر الماضي عن محكمة "المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا" الواقع مقرها في أبوجا، عاصمة نيجيريا، يلزم "الوادي الأخضر" بإخراج صعب من سجنه ووضعه قيد الإقامة الجبرية، الا أننها رفضت، لذلك اعتبر فريق الدفاع بأن رفضها هو انتهاك لقوانين "جمهورية الرأس الأخضر" نفسها.
"تم خطفه، لا تسليمه"
ثم أصدر الفريق بيانا قال فيه: "سنستأنف أمام محكمة العدل العليا للطعن بالقرار الصادر في منطقة ألغارف" التابع لها قضاء "الرأس الأخضر" بالبرتغال الا أن سلطات الدولة الأرخبيلية سلمته أمس للقضاء الأميركي قبل تقديم الاستئناف، لذلك نقلت الصحيفة عن Pinto Monteiro رئيس الفريق المدافع عن صعب، قوله: "إن موكلنا تم خطفه، لا تسليمه بوجه قضائي سليم" فيما صدر عن وزارة الخارجية الفنزويلا أن تتسليمه "ليس الا مؤامرة مشتركة بين جمهورية الوادي الأخضر التي عذبته طوال 491 يوما، والولايات المتحدة" بحسب بيان أصدرته.
وكان القضاء الأميركي، ذكر عددا من الحيثيات والموجبات في طلبه من الانتربول اعتقال صعب، البالغ 50 سنة، منها إدارته لشبكة واسعة تهدف تمكين مادورو ونظامه من تحويل المساعدات الغذائية المخصصة لفنزويلا لصالحه الخاص، وأنه حوّل 350 مليون دولار الى حسابات أجنبية خارج فنزويلا باسمه (أي صعب) أو يسيطر عليها، بوصفه فنزويلي الجنسية ودبلوماسي بمنصب سفير جوّال ومشرف على عدد من الشركات الفنزويلية، عبر مجموعة يديرها، هي Group Grand Limited المعروفة بأحرف GGL اختصارا.
الغذاء مكافأة للمؤيدين ومعاقبة للمعارضين
كما من التهم، واحدة خطيرة، هي "ادارته لشبكة فساد واسعة النطاق، سيطرت على برنامج معروف بأحرف CLAP اختصارا لاسمه المشير الى أنه برنامج لتوزيع المواد الغذائية، حيث تمكن أقارب ومقربون لمادورو بالسرقة من الشعب الفنزويلي، واستخدامهم المواد الغذائية كشكل من أشكال الرقابة الاجتماعية ومكافأة المؤيدين السياسيين ومعاقبة المعارضين، فربحوا في الوقت نفسه مئات ملايين الدولارات" وفق المذكرة التي وقعها وزير الخزانة الأميركي السابق ستيفن منوشين .
استفاد أليكس صعب أيضا، من شبكة شركات وهمية، كان يتعامل عبرها مع مختلف المسائل التجارية للنظام الفنزويلي، وعبرها جمع ثروة مقدارها مليارات عدة من الدولارات "تاركا مشاكل غذائية عدة يعاني منها الفنزويليون بلا حل، ومنها عدم وجود حليب للأطفال، وبدلا منها كان يذهب ويتفاوض على شحن خزانات وقود من ايران" وبهذه الطريقة أقام علاقات تجارية ودبلوماسية وثيقة معها ومع تركيا وروسيا "هدفها الرئيسي مساعدة الديكتاتور الفنزويلي في الالتفاف على العقوبات الدولية" لذلك لم تقتنع المحكمة الدستورية في "جمهورية الرأس الأخضر" بما قدمه فريقه المدافع عنه، فقررت تسليمه أمس.
وكان الإنتربول الدولي عثر على صعب في مطار "الرأس الأخضر" حين كانت طائرته تتزود بالوقود، فاعتقلوه طبقا لما نرى في فيديو تعرضه "العربية.نت" أدناه، وكان يهمّ وقتها بالمغادرة إلى إيران، للتفاوض بشأن صفقات بينها وبين فنزويلا، منها استبدال الذهب ببنزين إيراني، وفق تقرير ورد في يونيو العام الماضي بموقع "أحوال تركية" الإخباري، ومقره بقبرص، وفيه ورد أيضا أن تركيا قلقة من احتمال أن ينتهي صعب أمام محكمة أميركية، لأنه "مفتاح" لكثير من الأسرار.
الذهب من فنزويلا مقابل البنزين من إيران
ورد أيضا أن صعب أسس آلية معروفة منذ 2018 بشعار "الذهب مقابل الغذاء" بين كاراكس وأنقرة وطهران، تم بموجبها شحن ذهب فنزويلي إلى تركيا بما قيمته 900 مليون دولار، وفي المقابل أصبحت أنقرة المزود الغذائي الرئيسي لفنزويلا بمواد غذائية حيوية، كالمعكرونة وزيت عباد الشمس والقمح والدقيق والعدس الأحمر والحليب المجفف والمواد الغذائية المعلبة، وغيرها الكثير، لذلك تحول صعب بما فعله "إلى سند تجاري رئيسي" لإدارة نيكولاس مادورو.
كما أسس في 2017 شركة سماها Mulberry Proje Yatirim لتلعب دور الوسيط بتصدير المواد الغذائية وبيعها في فنزويلا، وهي شركة طالتها في 2019 العقوبات الأميركية، لتورطها بغسل مئات ملايين الدولارات من أرباح عقود مرتبطة ببرنامج تزويد فنزويلا بالغذاء مقابل المعدن الأصفر الرنان، مما ستتضح المعلومات بشأنه حين التحقيق معه في الولايات المتحدة قريبا.