حان الوقت، اليوم الثلاثاء، ليواجه الرئيس البرازيلي جايير بولسونارو، المتراجعة شعبيته إلى أدنى حد منذ انتخبوه قبل 3 سنوات، موقفاً صعباً مع نشر تقرير أعدته لجنة تحقيق بمجلس الشيوخ، يرأسها فلسطيني الأصل، حول سياسة انتهجها في التعامل مع "كورونا" المستجد، واعتبروها متهورة وغير مسؤولة، أدت بالبلاد البالغ سكانها 213 مليونا، لأن تفقد حتى صباح اليوم 605.885 قتيلا، مع 22 مليون إصابة "كورونية" مما جعلها الثانية بعدد الضحايا بعد الولايات المتحدة.
التقرير الموصوف بكلمتي "منتظر جدا" بوسائل الإعلام البرازيلية، تضمن 11 تهمة قد يتم توجيهها أو بعضها إلى بولسونارو، بينها "قتل بالإهمال" و"شعوذة" و"جريمة ضد الإنسانية" مما سيكون له تأثير "رمزي" فقط على الأمد القصير، لأنه لا يزال يتمتع بدعم لازم في البرلمان لعرقلة أي محاولة لعزله، إلا أن عواقبها السياسية قد تكون كارثية لرئيس يميني متطرف، لا تبدو إعادة انتخابه بعد أقل من عام مؤكدة وسط تقدم الرئيس اليساري الأسبق، لويس إيناسيو لولا دا سيلفا، بفارق كبير في الاستطلاعات.
أما رئيس لجنة التحقيق في مجلس الشيوخ، فهو المهندس الفلسطيني الأصل عمر جوزيه (يوسف) عبد العزيز، الذي يختصر اسمه إلى Omar Aziz عادة، وكان حاكما من 2010 إلى 2014 لولاية Amazonas الأكبر مساحة بالبرازيل، إلا أنه مولود في 1958 بسان باولو، لأب مهاجر من مدينة الخليل وأم إيطالية. وكان عزيز نائبا في السابق، وبانتخابات 2018 العامة، حصل على أكبر عدد من الأصوات بتاريخ الولاية، طبقا لما قرأت "العربية.نت" في موقعها، المورد أنه أب لثلاثة أبناء من اللبنانية المليونيرة، نجمة جمعة، المقيمة عائلتها المهاجرة في مدينة "فوز دو ايغواسّو" عند حدود مثلثة بأقصى الجنوب البرازيلي مع باراغواي والأرجنتين.
وكل شيء بدأ حين شهدت قاعة مجلس الشيوخ نقاشات ساخنة منذ 6 أشهر، تخللتها أحيانا شتائم ودموع وحتى توقيف شاهد بتهمة الحنث باليمين، وكشفت مشاهد بثتها المحطات التلفزيون على الهواء مباشرة، ولأسابيع متتالية، أبرز حالات "الإهمال" من قبل الحكومة في أوج الأزمة الصحية، وحاول أعضاء المجلس تحديد المسؤول عن أوقات عصيبة مرت بها البرازيل، منها وفاة عشرات المصابين بكورونا اختناقاً في يناير الماضي بسبب نقص الأكسجين في مستشفيات مدينة Manausعاصمة ولاية "أمازوناس" بالشمال البرازيلي. كما تأخر الحصول على لقاحات، وتم الكشف عن فضائح صادمة تتعلق خاصة بقضايا فساد، إضافة للأخطر.
ارتكب جرائم كثيرة
والأخطر هو أن بولسونارو "غض الطرف عن قضية لقاحات تم تضخيم ثمنها، مما دفع النيابة إلى فتح تحقيق بشأنها، اتضح منه أن الحكومة كانت تقوم بالترويج لعقاقير مسبقا وغير فعالة ضد الفيروس، خصوصا Hydroxychloroquine المثير للجدل، والذي اعتاد بولسونارو الإشادة بمزاياه، غير الأكيدة أصلا. إضافة أنه كان يستصغر شرر الفيروس ويصفه مرارا بإنفلونزا عادية، ويصرح أن الموت شأن عادي، والاقتصاد يتضرر إذا تمت مكافحة الفيروس بالطرق التي ينصح بها الأطباء، ويصف اللقاحات بمضيعة للوقت، ويرفض وضع الكمامة، وهي سياسة أدت إلى وفاة برازيليين بمئات الآلاف، ممن كان يمكن إنقاذ نصفهم على الأقل.
وما صدم البرازيليين أيضا، اتهامات خطيرة لمستشفى خاص، اشتبهوا بأنه أجرى تجارب سرية لعلاجات على مرضاه، من دون علمهم، وأعلن عن عدد وفيات أقل من الواقع "وهي ممارسة مروعة، لم يسبق لها مثيل في المستشفيات منذ الحرب العالمية الثانية" وفقا لما نقلته وكالة الصحافة الفرنسية عن برونا موراتو، وهي محامية 12 طبيبا، أجبرهم المستشفى على المشاركة بالتجارب.
ومع أن لجنة التحقيق بمجلس الشيوخ، لا تملك صلاحية إطلاق اتهام وملاحقة مباشرة، إلا أنها بإمكانها إرسال التقرير المكون من 1.200 صفحة، لهيئات مختصة، كالنيابة "كما وإحالته إلى المحكمة الجنائية الدولية التي تلقت بالفعل شكاوى أخرى ضد بولسونارو" بحسب ما قال عمر عزيز للوكالة التي نقلت عنه قوله أيضا: "اكتشفنا الكثير من الأمور. ارتكب بولسونارو والمحيطون به الكثير من الجرائم، وسيتعين عليه الرد عليها، في البرازيل كما بالخارج". إلا أن الرئيس الذي قام "فيسبوك" أمس، ونظيره "إنستغرام" أيضا، بمقاطعة ما يبثه فيهما من تصريحات مباشرة، ذكر أنه غير مذنب، واعتبر ما تقوم به لجنة التحقيق "مهزلة".