على مدار أكثر من ربع قرن، حكم جوزيف ستالين (Joseph Stalin)، المعروف أيضا بالرجل الحديدي، الاتحاد السوفيتي بقبضة من حديد، حيث تميّز نظامه بدموية غير مسبوقة بتاريخ موسكو. وعلى حسب العديد من المصادر، فقد تسبب ستالين طيلة فترة حكمه في وفاة نحو 20 مليون شخص بطرق عدّة تراوحت بين الإعدامات والمجاعة والإرهاق داخل مراكز العمل القسري المعروفة بالغولاغ (Gulag).
وداخل الغولاغات الستالينية، أجبر المحتجزون، الذين كانوا في الغالب سياسيين وصحافيين وأساتذة ومهندسين ورجال دين، على العمل في ظروف قاسية بمناطق نائية من الاتحاد السوفيتي بعد اتهامهم من قبل ستالين بمعاداة الوطن والخيانة.
وعلى حسب الرجل الحديدي كانت الأعمال الشاقة أفضل عقاب لهؤلاء، حيث آمن القائد السوفيتي حينها بنظرية إعادة التأهيل عن طريق العمل.
وقد أجبر المعتقلون داخل الغولاغات على إنجاز مهمات يدوية صعبة وشاقة في ظروف قاسية فتحمّلوا درجات الحرارة التي بلغت أحيانا 50 درجة تحت الصفر، وحظوا بوجبات طعام هزيلة بالكاد كانت تسد رمقهم. وبسبب ذلك، لم يتمكن كثيرون من إتمام فترات احتجازهم ففارقوا الحياة في أوضاع صعبة ودفنوا بمناطق نائية قبل أن تمحى أسماء العديد منهم من السجلات السوفيتية.
نساء وأطفال المتهمين بالخيانة
إلى ذلك، امتدت سياسة ستالين القمعية لتشمل أطفال الاتحاد السوفيتي، حيث تخوّف الرجل الحديدي من أبناء أولئك الذين أرسلهم نحو الغولاغ.
وفي خضم حملة التطهير الكبير بالاتحاد السوفيتي التي أسفرت عن مقتل حوالي 700 ألف شخص خلال الثلاثينيات، وقّع قائد جهاز الشرطة السرية السوفيتية، المعروف باسم المفوضية الشعبية للشؤون الداخلية، نيقولاي ياجوف (Nikolai Yezhov) عام 1937 على قانون معاقبة زوجات وأبناء الخونة.
وقد أسفر هذا القانون عن إرسال عدد كبير من زوجات المتهمين بالخيانة لقضاء ما بين 5 و8 سنوات بمراكز العمل القسري بسيبيريا، بينما انتزع منهم أطفالهم الذين أرسلوا بدورهم نحو ديار اليتامى.
وعلى حسب مصادر تلك الفترة، أسفر القرار الذي وقّعه ياجوف عن إرسال حوالي 15 ألف امرأة نحو مراكز العمل القسري، إضافة لما لا يقل عن 25 ألف طفل تراوحت أعمارهم ما بين عام و15 عاما نحو ديار اليتامى.
وبديار اليتامى الستالينية، عانى الأطفال من سوء التغذية وفارق كثير منهم الحياة، بسبب الأمراض والجوع كما كانت الغرف المخصصة لهم مكتظة وغير مؤهلة لاستقبال أعداد كبيرة منهم. أيضا، مارس العاملون بديار اليتامى الستالينية ضغوطا نفسية على الأطفال كما لم يترددوا لأكثر من مرة في تعنيفهم بهدف تأهيلهم لجعلهم مواطنين سوفيت صالحين في المستقبل، حسب مفاهيم ستالين.
من جهة ثانية، صنّفت أوامر ياجوف عددا من الأطفال بالمجرمين الخطرين. وقد كانت تهمة هؤلاء الأطفال حينها رفضهم لإعدام آبائهم بتهمة الخيانة. وبسبب ذلك، مكثت هذه الفئة من الأطفال بمراكز اعتقال أخرى واضطروا للجلوس بزنزانات رفقة مساجين آخرين بالغين فتعرضوا للضرب والاغتصاب.
ومن ضمن هؤلاء الأطفال، تذكر السجلات السوفيتية اسم الطفل بيوتر ياكير (Pyotr Yakir) الذي أرسل وهو في الرابعة عشرة من عمره لأحد مراكز الاعتقال حيث مكث 17 سنة قبل أن يتمكن من الخروج وهو في الحادية والثلاثين.
إضافة لذلك، أنشأ السوفيت ديار يتامى داخل مراكز العمل القسري. وعلى حسب مصادر تلك الفترة، أوت هذه الأماكن الأطفال الذين سمح لأمهاتهم باصطحابهم معهن للغولاغ كما وضع بها أيضا الأطفال الذين ولدوا بسبب عمليات الاغتصاب بمراكز العمل القسري الستالينية.