لـ30 عاما.. حدّت هذه المعاهدة من التسلح الأميركي الروسي

ما بين ستينيات وسبعينيات القرن الماضي، أجرت الولايات المتحدة الأميركية والاتحاد السوفيتي جولتين من المفاوضات الثنائية للحد من سياسة التسلح التي تحولت لتهديد حقيقي للسلام العالمي. إلى ذلك، انطلقت جولة المفاوضات الأولى بالعاصمة الفنلندية هلسنكي عام 1969 وأدت لتوقيع معاهدة الصواريخ المضادة للباليستية. وعام 1979، أسفرت محادثات الحد من الأسلحة الاستراتيجية الثانية عن ظهور اتفاق آخر رفض الكونغرس الأميركي المصادقة عليه بسبب الغزو السوفيتي لأفغانستان.

وخلال الثمانينيات، عاشت دول أوروبا الغربية على وقع تزايد التهديد السوفيتي لأراضيها بسبب تزايد أعداد الرؤوس النووية السوفيتية على حدودها. وقد أدى ذلك لظهور معاهدة الصواريخ النووية متوسطة المدى التي جاءت لتضع حدا لهذه الأزمة.

مزيد من الرؤوس النووية بأوروبا

وخلال شهر مارس 1976، باشر الاتحاد السوفيتي بنشر صواريخ آر أس دي 10 بيونير (RSD-10 Pioneer)، التي تراوح مداها بين 4700 و5000 كيلومتر والقادرة على حمل 3 رؤوس نووية، بالمناطق الخاضعة لنفوذه بأوروبا. وقد أقدم الاتحاد السوفيتي من خلال هذه الخطوة على تعويض منظومات صواريخه السابقة بالمنطقة التي لم يتجاوز مداها 2500 كلم والمتميزة بقدرتها على حمل رأس نووية واحدة. ودون انتهاك للاتفاقيات السابقة المبرمة مع الأميركيين، خلق الاتحاد السوفيتي تهديدا لحلفاء الولايات المتحدة الأميركية بأوروبا مجبرا إياهم على الاجتماع لبحث تداعيات هذه التطورات الخطيرة وسبل الرد عليها.

وببروكسل يوم 12 ديسمبر 1979، اجتمع وزراء خارجية ودفاع الدول الأعضاء بحلف الناتو للتشاور حول التهديدات التي شكلتها صواريخ آر أس دي 10 بيونير. وعقب جملة من المحادثات، طالب الحلفاء الغربيون الولايات المتحدة الأميركية بسحب عدد من الرؤوس النووية من غرب بأوروبا وبدء مفاوضات مع الجانب السوفيتي للحد من تهديد موسكو لأراضيهم. وفي حال فشل المفاوضات، طالب الحلفاء الغربيون الولايات المتحدة الأميركية بنشر مزيد من صواريخ بيرشينغ 2 (Pershing II) ومنظومات صواريخ كروز على أراضيهم لتعديل ميزان القوى بالمنطقة.

معاهدة مع السوفيت

خلال شهر أكتوبر 1980، انطلقت المفاوضات الأميركية السوفيتية المتعلقة بالصواريخ النووية متوسطة المدى. وعقب مباحثات متقطعة استمرت لأكثر من 5 سنوات، وقّع بالبيت الأبيض يوم 8 ديسمبر 1987 الرئيس الأميركي رونالد ريغان ونظيره السوفيتي ميخائيل غورباتشوف معاهدة الصواريخ النووية متوسطة المدى. وقد وافق الكونغرس الأميركي على هذه المعاهدة يوم 27 مايو 1988 لتدخل بذلك حيز التنفيذ مطلع يونيو من نفس العام.

إلى ذلك، حظرت المعاهدة على كلا الطرفين امتلاك أو إنتاج أو اختبار الصواريخ الباليستية وصواريخ كروز المطلقة من الأرض التي تراوح مداها بين مدى 500 و5000 كلم. كما منع الطرفان من حيازة وإنتاج قاذفات أرضية لمثل تلك الصواريخ. أيضا، امتد الحظر ليشمل الأسلحة ذات الرؤوس الحربية النووية والتقليدية واستثنى الصواريخ المحمولة جوا وتلك التي كانت تطلق من البحر. ولضمان تطبيق بنود المعاهدة وتدمير الأسلحة الموجودة، اتفق الأميركيون والسوفيت على بروتوكول للتفتيش المتبادل.

من ناحية أخرى، ضمت معاهدة الصواريخ النووية متوسطة المدى بندا منح السوفيت والأميركيين حرية الانسحاب منها في حال ملاحظتهم لأمور غير عادية، متعلقة بهذه المعاهدة، تمس بأمنهم القومي وتعرض مصالحهم العليا للخطر.

ويوم 20 أكتوبر 2018، أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترمب عن نيته إلغاء مشاركة الأميركيين بالمعاهدة. وتزامنا مع تزايد الحديث عن عدم تعاون الروس معهم، أكد الأميركيون أن انسحابهم ناتج أساسا عن زيادة تسلح الصينيين الذين لم يكونوا طرفا بهذه المعاهدة. ومطلع أغسطس 2019، انسحبت الولايات المتحدة الأميركية رسميا من معاهدة الصواريخ النووية متوسطة المدى.

Original Article

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

%d مدونون معجبون بهذه: