لماذا أدمن الأميركيون على الأفيون عقب الحرب الأهلية؟

ما بين عامي 1861 و1865، عاشت الولايات المتحدة الأميركية على وقع الحرب الأهلية التي صنّفت حسب المؤرخين كأكثر حرب دموية بتاريخ الأميركيين.

ففي غضون 4 سنوات من الاقتتال بين قوات الاتحاد وقوات الكونفدرالية، فقد أكثر من 650 ألف أميركي حياتهم وأصيب مئات الآلاف الآخرين بجروح مختلفة واضطر العديد منهم للعيش بعاهات مستديمة.

كما خلّفت الحرب الأهلية الأميركية نوعا آخر من الضحايا، فمع نهاية هذا النزاع الدامي، أدمن عدد كبير من الجنود السابقين المخدرات، خالقين بذلك أزمة في الولايات المتحدة الأميركية.

انتشار استخدام المسكنات الأفيونية

وخلال السنوات التي سبقت اندلاع الحرب الأهلية، استخدمت المسكنات الأفيونية كعلاج أساسي بالولايات المتحدة الأميركية، فلم يتردد الأطباء حينها في تقديم أقراص الأفيون واللودنيوم (laudanum)، التي كانت خليطا من الأفيون والكحول، لمساعدة مرضاهم على العلاج.

فضلا عن ذلك، تواجدت هذه المواد المخدرة بشكل مكثف بالصيدليات وتوفرت للعامة بشكل قانوني حيث لم يكن الأميركي حينها بحاجة لوصفة طبية للحصول على مثل هذه الأدوية.

ومع اندلاع الحرب الأهلية، أولى كل من الاتحاديين والكونفدراليين اهتماما كبيرا بالمسكنات الأفيونية.

فبالنسبة للأطباء الكونفدراليين، اعتبرت هذه المسكنات عنصرا أساسيا وشبّهت بالبارود الذي تسلّح به الجنود على الجبهة.

أما في الشمال، لم يتردد الأطباء الاتحاديون في الاعتماد على الحقن، التي مثّلت ابتكارا جديدا، لحقن المصابين بمثل هذه المواد قبل البدء بالتدخلات الجراحية.

أيضا، مثّلت المسكنات الأفيونية أهم علاج بالحرب الأهلية حيث استخدم الأطباء والممرضون هذا المخدّر لتخفيف الآلام ووقف النزيف الداخلي وتخفيف حالات التقيؤ والغثيان التي سببتها الأمراض المعدية.

من ناحية أخرى، أدمن عدد كبير من الأطباء على المسكنات الأفيونية. فلتخفيف حالات القلق والضغط النفسي، عمد أطباء اتحاديون وكونفدراليون لحقن أنفسهم يوميا بهذه المواد.

إدمان عقب الحرب

ومع نهاية الحرب الأهلية، واصل عدد كبير من الجنود الجرحى السابقين، الذين سبق لهم أن استخدموا المسكنات الأفيونية، استخدام هذه المواد المخدرة حيث أدمن هؤلاء على المسكنات الأفيونية التي اعتمدوا عليها بشكل مكثف أثناء تلقيهم للعلاج.

من ناحية أخرى، وجد العديد من الأطباء والصيادلة في هذا النوع من الأدوية فرصة لتحقيق الثروة.

وبينما باشر الصيادلة ببيع هذه المواد المخدرة لكل من حلّ بصيدلياتهم، لم يتردد الأطباء في التنقل بحقنهم التي استخدموها لحقن المدمنين بالمسكنات الأفيونية.

وخلافا للبيض، عانى عدد قليل من الجنود السود الاتحاديين الجرحى من الإدمان.

وبسبب السياسات العنصرية، لم يتلق المصابون السود عناية طبية جيدة، وحرم عدد كبير منهم من هذه المسكنات الأفيونية التي وفّرت أساسا للجنود البيض الجرحى.

Original Article

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

%d مدونون معجبون بهذه: