مع هزيمتها بالحرب العالمية الثانية، سلمت اليابان شبه الجزيرة الكورية، التي تحولت بشكل رسمي لمستعمرة يابانية عام 1910، إلى الحلفاء، واضعة بذلك حداً لعقود من الاحتلال.
ومع وقوع هذه المنطقة بأيديهم، اتفق الحلفاء على اعتماد خط العرض 38 لتقسيم شبه الجزيرة لنصفين. فبالقسم الجنوبي، أقام الأميركيون نظاماً ديمقراطياً ونظموا انتخابات رئاسية. وبالقسم الشمالي، اتجه الاتحاد السوفيتي لوضع نظام حليف له عن طريق إعلان قيام دولة شيوعية.
كيم إل سونغ قائداً لكوريا الشمالية
وبحلول العام 1948، وقع اختيار القائد السوفيتي جوزيف ستالين وأعضاء الحزب الشيوعي السوفيتي على الرجل البالغ من العمر 36 عاماً، كيم إل سونغ (Kim Il Sung) ليصبح قائداً لدولة كوريا الشمالية.
جاء هذا الاختيار بسبب السمعة التي حظي بها كيم إل سونغ طيلة السنوات الفارطة بالأوساط الشيوعية، حيث مثّل شخصاً وفياً لمبادئ الشيوعية ومعادياً للفكر الرأسمالي الغربي كما قاتل في وقت سابق بمنشوريا لصالح السوفيت والصينيين ضد اليابانيين. واتجه أيضاً فيما بعد لمؤازرة الشيوعيين الصينيين ضد قوات شيانغ كاي تشيك (Chiang Kai-shek) في خضم الحرب الأهلية الصينية.
تغير الموازين
وعلى الرغم من تصنيفه كأداة للاتحاد السوفيتي بكوريا الشمالية، عبّر كيم إل سونغ لستالين مرات عديدة عن رغبته في اجتياح جارته الجنوبية لتوحيد كامل شبه الجزيرة الكورية وإرساء نظام شيوعي بها.
غير أنه لحدود مطلع عام 1949، كان ستالين رافضاً لهذا المقترح حيث تخوّف من إمكانية نشوب نزاع قد يجر العالم لحرب عالمية ثالثة ويضع الولايات المتحدة الأميركية في مواجهة الاتحاد السوفيتي الذي لم يضمد بعد جراح الحرب العالمية الثانية.
إلى ذلك، تغيرت الموازين الجيوسياسية العالمية يوم 1 أكتوبر 1949 تزامناً مع إعلان الزعيم الشيوعي الصيني ماو تسي تونغ انتصاره على القوميين بقيادة شيانغ كاي تشيك وقيام جمهورية الصين الشعبية.
فعلى إثر هذا النجاح العسكري والسياسي، اتجه ماو تسي تونغ لعقد تحالف مع الاتحاد السوفيتي المصنف حينها كأهم قوة شيوعية بالعالم. ومع حلوله بموسكو، وجد ماو تسي تونغ العديد من نقاط الاختلاف مع الجانب السوفيتي. فيما اتجه ستالين لاعتماد شبه الجزيرة الكورية كورقة مساومة للقبول بمطالب الصينيين.
إرسال قوات أميركية
من جهته أعلن وزير الخارجية الأميركي دين أتشيسون (Dean Acheson) خلال خطاب ألقاه عام 1950، أن بلاده سترسل قوات للمناطق القابعة تحت حمايتها، مشيراً بذلك لكل من الفلبين واليابان ومتجاهلاً كل من تايوان وكوريا الجنوبية.
وانطلاقاً من هذا الخطاب الذي قدمه أتشيسون، وضع ستالين شروطه للصينيين. فمقابل دعمه الاقتصادي والعسكري لهم، طالب ستالين الصينيين بالوقوف إلى جانب كوريا الشمالية ودعمها في حال اندلاع الحرب بشبه الجزيرة الكورية وتدخل الأميركيين.
وبذلك، حاول ستالين إبقاء الجيش السوفيتي خارج المعارك وإرسال القوات الصينية بدلاً منه لمقارعة الأميركيين في شبه الجزيرة الكورية.
فرصة لستالين
من ناحية ثانية، مثلت الحرب الكورية والتدخل الأميركي بها فرصة لطالما انتظرها ستالين لتعطيل السياسة العسكرية الأميركية بأوروبا الغربية التي شهدت نشأة جمهورية ألمانيا الاتحادية في القسم الغربي وظهور حلف شمال الأطلسي عام 1949.
ومع بداية الحرب الكورية التي اندلعت عقب إعطاء ستالين الضوء الأخضر لكيم إل سونغ بغزو جارته الجنوبية، أرسلت الولايات المتحدة، رفقة حلفائها، أعداداً كبيرة من الجنود لطرد الشماليين من القسم الجنوبي. وتزامناً مع بداية التدخل الصيني، وافق الأميركيون على إرسال أسراب من قاذفات القنابل بي 29 لتعطيل تقدم القوات الصينية والكورية الشمالية.
غير أنه خوفاً من فقدان حلفائها السيطرة على الوضع، أرسل الاتحاد السوفيتي أسراباً من طائرات ميغ 15 نحو شبه الجزيرة الكورية.
فيما أقدم الاتحاد السوفيتي، لضمان بقائه خارج مواجهة محتملة مع الأميركيين، على وضع شارات الجيش الكوري الشمالي على هذه الطائرات الحربية التي تواجد بداخلها طيارون سوفيت.