خلال عشرينيات القرن الماضي، عاشت الصين على وقع واحدة من أسوأ فتراتها. فتزامنا مع تواصل انقسام البلاد عقب ثورة شنغهاي عام 1911 واستمرار حالة الاقتتال الداخلي، عانت جمهورية الصين التي ظهرت عام 1912، من أزمات اقتصادية وويلات المجاعة التي تفشّت بالشمال ذي الكثافة السكانية العالية.
وأدى الجفاف لإفساد المحاصيل متسبباً في مجاعة أودت بحياة مئات الآلاف، وأجبرت نسبة كبيرة من الصينيين على الرحيل من هذه المناطق.
إضافة لكل الكوارث المذكورة، شهدت الصين خلال نفس الفترة زلزالا مدمرا هزّ الجنوب الغربي من إقليم نينغشيا (Ningxia)، وأدى لمحو مناطق بأكملها من الخارطة مسفرا عن سقوط مئات آلاف الضحايا.
مدن سوّيت بالأرض
فقد اهتزت منطقة هايوان (Haiyuan)، بإقليم نينغشيا، في حدود الساعة السابعة مساء يوم 16 كانون الأول/ديسمبر 1920 على وقع زلزال قدّرت شدّته حسب الخبراء المعاصرين بنحو 7.8 درجة على مقياس ريختر.
وسوّى الزلزال أغلب مباني هايوان بالأرض وتسبب في مقتل ما لا يقل عن 75 ألفا من سكانها. وبالمناطق القريبة، تسببت الإنزلاقات الأرضية في دفن قرية سوجياهي (Sujiahe) بمنطقة شيجي (Xiji) وقتلت ما يزيد عن 30 ألف شخص بمنطقة غويوان (Guyuan).
كما امتدت الأضرار لاحقا لتشمل مناطق أخرى كلانتشو (Lanzhou) وشيان (Xi'an) حيث أسفر الزلزال عن تسوية العديد مبانيهما بالأرض.
273 ألف قتيل
ووفق التقديرات التي قدّمتها السلطات الصينية حينها وهيئة المساحة الجيولوجية الأميركية، أسفر هذا الزلزال، الذي لقّب بزلزال هايوان، عن مقتل أكثر من 200 ألف شخص، 273 ألف شخص حسب المصادر الصينية المعاصرة.
كما ساهم بشكل هام بانتشار المجاعة في صفوف الناجين، الذين سرعان ما توفي عدد كبير منهم بسبب نقص الغذاء.
وبسبب المشاكل السياسية والاقتصادية وتفشي المجاعة حينها، لم يلقَ هذا الزلزال اهتماما كبيرا وتحوّل، على الرغم من تصنيفه ضمن أسوأ الكوارث بتاريخ البشرية، لحدث منسي بالقرن العشرين.
ومع غياب الاهتمام الكافي، لم يتمكن المتضررون من هذا الزلزال من الحصول على المساعدات الإنسانية الكافية، فضلا عن ذلك، اتجهت حكومة باييانغ (Beiyang) بجمهورية الصين حينها لنهب نسبة كبيرة من المبالغ المخصصة لمساعدة المناطق المنكوبة التي تجاوزت الخسائر المادية بها عتبة العشرين مليون دولار، أي ما يعادل حوالي 256 مليون دولار بوقتنا الحاضر.