لمواجهة الناتو..أسس السوفيت حلفا انهار بعد 36 عاماً

مع نهاية الحرب العالمية الثانية، وجد العالم نفسه أمام صراعٍ جديد عرف بالحرب الباردة ووُضع المعسكر الشرقي بقيادة الاتحاد السوفيتي في مواجهة المعسكر الغربي الذي تزعّمته الولايات المتحدة الأميركية.

فقد اتخذ هذا الصراع مع بداية عام 1949، منحى جديداً حيث اتجه الأميركيون برفقة حلفائهم الأوربيين وكندا لإنشاء حلف شمال الأطلسي، المعروف أيضاً بحلف الناتو، لمواجهة التهديدات السوفيتية المتنامية بالمنطقة.

وأملاً في تعديل ميزان القوى مرة أخرى، ردّ الاتحاد السوفيتي وحلفاؤه في أوروبا الشرقية بإنشاء حلف آخر عرف بحلف وارسو (Warsaw)، في 14 مايو 1955.

انضمام ألمانيا الغربية لحلف الناتو

أواخر أربعينيات القرن الماضي، آمن القائد السوفيتي جوزيف ستالين بنظرية العالم ثنائي الأقطاب الذي تقوده الولايات المتحدة الأميركية والاتحاد السوفيتي.

وأملاً في الحفاظ على هيمنته على بقية الدول الشيوعية بأوروبا الشرقية، أسس ستالين عام 1947 الكومنفورم (Cominform) الذي سعى من خلاله لتنسيق الأعمال بين الأحزاب الشيوعية بمختلف البلدان.

لكن، وعلى رغم ظهور حلف الناتو، لم يبد ستالين أي قلق حيال ذلك حينها، مؤكداً على عدم وجود حاجة لإنشاء تحالف عسكري بأوروبا الشرقية.

في مقابل ذلك، تخوّف ستالين من الدول التابعة له داخل الكومنفورم حيث عبّر الأخير مرات عدة عن قلقه الشديد من سعي بعض الدول بهذه المنظمة، وعلى رأسها يوغوسلافيا بقيادة المارشال جوزيب بروز تيتو (Josip Broz Tito)، للحصول على مزيد من الإستقلالية.

ومع رحيل ستالين عام 1953، ظهرت مخاوف القيادة السوفيتية الجديدة من طبيعة التحالف العسكري القائم بأوروبا الغربية.

في عام 1955، ذعر المسؤولون السوفيت وعلى رأسهم نيكيتا خروتشوف (Nikita Khrouchtchev) عند سماعهم موافقة باريس على إعادة تسليح جمهورية ألمانيا الاتحادية، أي ألمانيا الغربية، وضمّها لحلف الناتو.

وقد اعتبر السوفيت الأمر حينها انتهاكاً للاتفاقيات الموقعة عقب الحرب العالمية الثانية وتهديداً لألمانيا الشرقية ومصالحهم بالمنطقة.

في المقابل، وكمحاولة أخيرة للتخفيف من حدة الخلاف مع الغرب، طالب الاتحاد السوفيتي باتفاقية أمنية جديدة لمنع ألمانيا الغربية من إعادة التسلح.

لكن مع فشل جهودهم، اتجه السوفيت للتصعيد عن طريق طرح فكرة إنشاء تحالف عسكري لمقارعة الناتو.

تأسيس وانهيار الحلف

وضمن هذه الأجواء، أيد نيكيتا خروتشوف إنشاء تحالف عسكري يجمع بين دول أوروبا الشرقية لإعادة موازين القوى بالمنطقة وضمان وحدة المعسكر الشرقي عسكريا.

وبعد مضي 5 أيام فقط على ضم ألمانيا الغربية رسمياً لحلف شمال الأطلسي، وقّعت يوم 14 مايو 1955 بالعاصمة البولندية وارسو ثمانية دول من المعسكر الشرقي على اتفاق تحالف.

فقد تمثلت في هذا التحالف الجديد، كل من الاتحاد السوفيتي وألبانيا ورومانيا وبلغاريا وألمانيا الشرقية وتشيكوسلوفاكيا وبولندا والمجر، وشكلت تحالفاً عسكرياً عرف فيما بعد بحلف وارسو نسبة للعاصمة البولندية.

وبذلك، وضعت جيوش هذه الدول تحت قيادة عسكرية سوفيتية وتدخلت بشكل مباشر خلال السنوات التالية بكل من تشيكوسلوفاكيا والمجر، دول ضمن حلف وارسو، لقمع الاحتجاجات الشعبية.

بينما رفضت يوغوسلافيا الانضمام لهذا الحلف لتجنب وقوع جيشها تحت إمرة السوفيت، أعلنت الأطراف الموقعة على اتفاقية وارسو أن الحلف مفتوح لقبول انضمام أي دولة أخرى، مهما كانت توجهاتها.

وبدأت بوادر انهيار الحلف عندما انسحت منه ألبانيا بشكل رسمي في عام 1968، عقب خلاف مع السوفيت. وأواخر الثمانينيات، انسحبت بقية الدول مع انهيار الاتحاد السوفيتي ليحل هذا الحلف بشكل رسمي مطلع يوليو 1991.

Original Article

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

%d مدونون معجبون بهذه: