أواخر شهر تشرين الأول/أكتوبر 1984، اهتزت الهند على وقع حادثة اغتيال رئيسة الوزراء أنديرا غاندي (Indira Gandhi) المصنّفة كأول امرأة تشغل منصب رئيسة وزراء، والوحيدة ليومنا الحاضر، بتاريخ الهند.
وقد جاءت حادثة اغتيال رئيسة الوزراء المنتمية لحزب الكونغرس الهندي عقب أحداث عنف أسفرت عن مقتل المئات من منتسبي الديانة السيخية بمعبد هارمندير صاحب (Harmandir Sahib) الملقب أيضا بالمعبد الذهبي.
أول رئيسة وزراء بتاريخ الهند
وتعتبر أنديرا غاندي، المولودة يوم 19 تشرين الثاني/نوفمبر 1917، الابنة الوحيدة لبطل استقلال الهند جواهر لال نهرو (Jawaharlal Nehru). وعلى الرغم من عدم وجود أية قرابة بينها وبين الزعيم الروحي للهند المهاتما غاندي، حصلت الأخيرة على لقب غاندي بفضل زواجها من السياسي فيروز غاندي (Feroze Gandhi).
ومنذ صغرها، شاركت أنديرا غاندي في الحركات الاحتجاجية ضد الاحتلال البريطاني للهند. وعقب دراستها بأوكسفورد، رافقت الأخيرة والدها جواهر لال نهرو بتنقلاته عقب حصوله على منصب رئيس وزراء الهند عام 1947. وبحلول العام 1959 حصلت أنديرا غاندي على منصب رئيسة حزب الكونغرس الهندي.
مع وفاة والدها عام 1964، التحقت أنديرا بحكومة لال باهادور شاستري (Lal Bahadur Shastri) ونالت منصب وزيرة الإعلام والاتصالات. وخلال شهر يناير 1966، أصبحت هذه المرأة أول رئيسة وزراء بتاريخ الهند وهو المنصب الذي حافظت عليه لحدود العام 1977 قبل أن تعود لتفوز به مجددا عام 1980.
انتخابات وخسارة وعودة للمنصب
أثناء مسيرتها السياسية، واصلت أنديرا غاندي سياسة والدها الاشتراكية وحاولت جاهدة تحديث الهند. وقد ساهمت الثورة الخضراء حينها في نجاح الهند في تحقيق اكتفائها الذاتي بالمجال الزراعي وجعلت منها دولة مصدّرة للمنتجات الغذائية. فضلا عن ذلك، حاولت أنديرا غاندي دعم مكانة الهند على الساحة العالمية فأطلقت سنة 1967 برنامجا لتزويد بلادها بالقنبلة الذرية وقد نجحت الهند عام 1974 في إجراء أول تجربة لسلاح ذري لتدخل بذلك النادي النووي.
أيضا، قادت أنديرا غاندي عام 1971 حربا ضد باكستان ساهمت من خلالها في إجبار الأخيرة على الاعتراف باستقلال بنغلادش. وعلى الرغم من سعيها لتوطيد العلاقات مع الاتحاد السوفيتي، اتخذت انديرا غاندي موقفا رافضا للصراع السوفيتي الأميركي واتجهت في المقابل لمساندة دول عدم الانحياز.
مع تزايد الغضب الشعبي ضدها، وافقت أنديرا غاندي على إجراء انتخابات جديدة إيمانا منها بقدرتها على الفوز بسهولة. لكن ولسوء حضّها، سارت الأمور عكس ما تمنت حيث خسرت الأخيرة الانتخابات واضطرت لمغادرة منصبها الذي عادت لتشغله مجددا بحلول العام 1980.
اغتيال أنديرا غاندي
إلى ذلك، تميّزت عودة أنديرا غاندي لمنصبها ببداية نزاعها مع المجموعات الدينية السيخية التي تواجدت أساسا بمناطق البنجاب. ويوم 5 حزيران/يونيو 1984 اقتحم الجيش الهندي المعبد الذهبي وفتح النار على المتواجدين بداخله متسببا في سقوط مئات القتلى كان من ضمنهم عدد هام الحجاج.
وثأرا لما حصل بالمعبد الذهبي، أقدم حارسان شخصيان على استهداف أنديرا غاندي برصاصات قاتلة يوم 31 تشرين الأول/أكتوبر 1984 بحديقة منزلها تزامنا مع قيام المخرج البريطاني بيتر أوستينوف (Peter Ustinov) بتصوير فيلم وثائقي عن حياتها. وكرد على حادثة الاغتيال، شهدت الهند خلال الأيام التالية أعمال عنف ذات طابع ديني أسفرت عن مقتل ما يزيد عن 3 آلاف من السيخ.
مع رحيل أنديرا غاندي، استلم ابنها راجيف غاندي (Rajiv Gandhi) منصب رئيس الوزراء. وعام 1991، عرف الأخير مصيرا مشابها لمصير والدته حيث اغتيل راجيف على يد أحد منتسبي مجموعة نمور التاميل السيريلانكية.