رحلت الفنانة المصرية دلال عبدالعزيز، اليوم السبت، عن عمر يناهز الـ61 بعد أزمة صحية شديدة حيث دخلت المستشفى منذ أواخر شهر أبريل الماضي، وكانت تعاني من تليف في الرئة إثر إصابتها بفيروس كورونا، كما تعاني من مضاعفات ما بعد كورونا، وحالتها خاصة جدا ولا تحدث كثيرا مع مصابي الفيروس.
رحلة دلال عبدالعزيز
قدمت دلال ما يقرب من 300 عمل ما بين التلفزيون والسينما والمسرح منذ بداية مشوارها الفني عام 1977 حتى الآن، لتصبح فنانة ونجمة كبيرة ارتبط اسمها بكل الأدوار الجادة والصعبة، قدمت أروع الأعمال الدرامية والسينمائية التي يحفظها الجمهور، فهي ليست الممثلة التي تتعامل مع أدوارها أو الشخصيات التي تجسدها "بالشوكة والسكينة" بل تعيش الشخصية لدرجة تجعل المشاهد ينسى أنها دلال الفنانة، بل الشخصية التي تجسدها أياً كانت، وعلى الرغم من كل هذه النجومية إلا أن "أم دنيا وإيمي" من أحب الألقاب إلى نفسها.
ولدت في قرية فرغان إحدى قرى ديرب نجم بمحافظة الشرقية في 17يناير 1960، حصلت على بكالوريوس كلية الزراعة جامعة الزقازيق وبكالوريوس من كلية الإعلام جامعة القاهرة، وليسانس الآداب قسم اللغة الإنجليزية من كلية الآداب جامعة القاهرة، وأيضا دبلوم في العلوم السياسية من كلية الاقتصاد والعلوم السياسية جامعة القاهرة، وأكدت دلال أنها تعشق الدراسة والعلم والنجاح، فهي ترى أنه الميراث الوحيد الذي لا يفنى ولا ينتهي، فهي بشكل عام ستظل تدرس حتى آخر يوم في عمرها.
حب الدراسة
ومن عشقها للدراسة، كان آخر ما تعلمته فن الرسم بالخيوط وأخذت عليه درجة الماجستير والدكتوراه، وهو فن نادر جدا، حيث وجدت نفسها تشعر بالشغف لدراسته، وهو للفنانة سميحة مسعود التي استطاعت أن تقدم لوحة فنية في غاية الإبداع فقط بالخيط والإبرة، فعندما رأت دلال اللوحات التي قامت بنسجها لم تكن تتخيل أن تلك اللوحات مشغولة وليست مرسومة.
وأضافت "دخلت المدرسة ويُعرف عني أني أعرف التمثيل، وكنت أقوم بكل الأعمال الفنية، وكنت طفلة وأختي كانت تحفظ أدواري، وكنت أؤدي الرقص والتمثيل والغناء حتى حصلت على الثانوية العامة، وكان لي قريب يعمل في التلفزيون، ودخلت ستوديو 10 وجربني نور الدمرداش وأعجب بي، ولكن أبي قال لي إنه يجب التركيز في المذاكرة ورفض حينها ووعدني أن أنضم للفن بعد أن أنتهي من البكالوريوس، وهو ما تم حيث انتهيت بالفعل واتصلت بنور الدمرداش وشاركت في مسلسل مع حمدي غيث وجورج سيدهم".
وبدأت مسيرتها الفنية عام 1977 مع مسلسل "بنت الأيام"، وقدمت وقتها العديد من الأدوار الصغيرة إلى أن رشحها الفنان نور الدمرداش للعمل في المسرح، حيث شاركت الفنان سمير غانم في مسرحية أهلاً يا دكتور في العام ١٩٨١م، وكانت من إخراج حسن عبد السلام، وكانت تلك بدايتها الفعلية حيث التوهج خلال فترة الثمانينيات، وهو العصر الذهبي للسينما، حرصت خلال هذه الفترة على تقديم مختلف الشخصيات والأنماط، إذ تقمَّصت شخصية الفتاة والزوجة والأم والموظفة والأخت والحبيبة والمتمردة والعاملة، ونالت إعجاب الجمهور بأدائها المتميز، لتقدم في تلك الفترة 30 عملا سينمائيا، منها أول عمل لها على الشاشة الكبيرة "المتهم"، بالإضافة إلي "يارب ولد" و"بئر الخيانة" و"طير في السما" و"الشاويش حسن" وغيرهم، وفي تلك الفترة قدمت 28 عملا دراميا منها مسلك أبواب المدينة بجزأيه الأول والثاني، وعالم العم أمين ودعوني أعيش وليالي الحلمية بكل أجزائه التي كان آخرها عام 1995 والضابط والمجرم.
قصة زواجها من سمير غانم
وشهدت تلك الفترة أيضا زواجها من الفنان سمير غانم، فبعد لقائهما في مسرحية "أهلا يا دكتور" وقعت في حبه من النظرة الأولى، وقالت إنه كان بعد كل ليلة عرض كان بيوصلها بعد المسرح ويشتري لها الفل، وأقنعته بالزواج منها عام عام ١٩٨٤، بعد أربع سنوات من التعارف والمطاردات التي عاشها معها عدد كبير من النجوم ومنهم فريد شوقي وفؤاد المهندس، وأكدت أن سر حبها لسمير غانم هو معاملته الجيدة للسيدات وخفة دمه، وقالت "سمير ليس مجرد زوج فحسب، فهو الأب والأخ والسند والأمان، هو دائماً يقول إن لديه ثلاث بنات أنا أكبرهن، فعلاقتنا أكبر من أي اثنين متزوجين، فهو متفاهم ومتصالح مع نفسه جداً".
بينما قال عنها سمير غانم الذي كان فرق السن بينهما 23 عاما، إنه لولا مجهود دلال في إتمام هذا الزواج لما سعى إليه على الإطلاق، مشرا إلى أن دلال أسطورة، وأشار "اللي نجح جوازنا إني مكنتش عاوز أتجوز،دلال اللي نجحت الجواز، هي ست مش سهلة وبتعرف تخطط مظبوط، كانت بتحبني بس كنا أصحاب مش متجوزين فضلت كده كتير لحد ما أخويا مات فوقفت جنبي بجد واكتشفت أنها ست لا يمكن الاستغناء عنها، وتزوجنا وعلى طول جت دنيا ثم إيمي"، وبالفعل في عام 1985 أنجبت دنيا سمير غانم منه، وفي عام 1987 أنجبت أمل سمير غانم التي عرفت بإيمي، وعلى الرغم من ذلك لم تتوقف عن مسيرتها الفنية، حيث قدمت الكثير من الأعمال وساعدتها والدتها في تربية بناتها، وقالت عن والدتها "أمي كانت حالة خاصة، لأنها كانت تعيش معى وأنا متزوجة، وهى من قامت بتربية ابنتي دنيا وإيمي، وبعد أن أصبحت أماً عرفت قيمتها بشكل أكبر، وكنت دائماً أسألها: هو أنت بتحبيي قد دنيا وإيمي؟".
دور الأم
شاركت دلال في العديد من المسلسلات والمسرحيات والأفلام السينمائية، واستطاعت خلال تلك الأعمال الحصول على العديد من الجوائز كأفضل ممثلة، ومؤخرا تركزت أدوارها في تقديم شخصية الأم وعلقت على هذا الأمر في حواراتها "دور الأم من الأدوار الإنسانية والمحببة لكافة أفراد الأسرة المصرية والعربية، وعندما تجسد الفنانة شخصية الأم، عادة ما تجذب إليها جميع الأمهات، اللاتي يركزن جيداً مع الأحداث وطريقة تعامل الأم مع أبنائها، فعادة ما نكون نحن من نساعدهم على توجيه أبنائهن بالشكل السليم أو الخاطئ، لأن الفن مرآة المجتمع، وفي كثير من أدوار الأم وجدت سيدات وفتيات يقلن لي إنني كنت قريبة منهن لأني كنت أشبه والداتهن، وهو ما حدث في الواقع، فقد أرسلت لي فتاة عبر فيسبوك تطلب مقابلتي، لأنني في المسلسل أشبه والدتها إلى حد كبير، وكانت والدتها قد توفيت، وكل ما تتمناه مقابلتي لتحتضنني ولو لمرة تعويضاً عن حضن والدتها، ووجدت الإعلامي رامي رضوان زوج ابنتي دنيا ينقل إلي ما كتبته، فطلبت منه أن يأتي برقمها، وبالفعل اتصلت بها وأتت لي في موقع التصوير".
وأثناء عملها ساعدت بنتيها على تنمية مواهبهما في التمثيل والغناء، حيث قالت "منذ الصغر كانت لديهما ميول فنية وترغبان في دخول مجال التمثيل، كما أن دنيا ظهرت معي في أحد أفلامي وهي طفلة، وعندما سنحت الفرصة تم ترشيحها لتجسيد دور ابنتي في مسلسل "للعدالة وجوه كثيرة". أما إيمي ففضلت أن تركز في البداية على دراستها وبعد ذلك دخلت مجال التمثيل"، وعن علاقتها بهما "كنت أصادقهما، وأرفض التعامل معهما بشكل صارم، يجب أن تترك الأم مساحة لبناتها كي يعبرن عن أنفسهن، وأحرص دائماً على عدم التدخل في حياة دنيا وإيمي الشخصية، وأتركهما تحلان المشاكل التي تواجههما بنفسيهما".
عداوة مع المطبخ
على الرغم من أنها زوجة وأم مثالية في نظر عائلتها، ولكن لديها علاقة عداوة بينها وبين المطبخ قديماً، كما أنها لا تجيد الطبخ نهائياً، ولكنها تعشق الأكل، وعندما تشتاق لـ"ورق العنب" تطلبه من ميرفت أمين فهي طباخة ماهرة تجيد العديد من الوصفات، وبعد أن أصبحت جدة بسبب كايلا قالت "شعرت بأنني رجعت 20 عاماً للوراء، بسبب سعادتي التي كانت لا توصف بوصولها، أحاول بقدر الإمكان أن أقضي مزيداً من الوقت معها، وتشاركني في تربيتها الفنانة ميرفت أمين التي تعتبر جدتها الثانية، فعندما علمت بخبر حضورها للحياة تولّد بداخلي شعور غريب مازجاً بين السعادة والدهشة، وإنني سأصبح جدة، وأن ابنتي الصغيرة صارت أماً بين ليلة وضحاها، هذا كان شعوري بالضبط وقتها، ولكن ما أقوله شعرت بأجمل وأروع إحساس في العالم. حقيقةً، مهما حاولت، لن أستطيع وصف ذلك بالكلمات، وأستغرب من إخفاء بعض الفنانات حقيقة أنهن أصبحن جدّات. من جهتي، أفتخر بأنني أصبحت جدةً وأنا في هذا العمر والجمال".
الفنان الكوميدي رقم واحد
وطوال مشوارها الفني قدمت العديد من الأعمال ولكن كان أكثر فنان كوميدي تعشقه نجيب الريحاني وعادل إمام الذي قدمت معه فيلم "النوم في العسل" وبعده بـ 24 عاما قدمت معه مسلسل "فالنتينو" وقالت "شرف كبير أن أنال ثقة الزعيم وأقف أمامه من جديد، ففيلم النوم في العسل كان نقلة كبيرة في حياتي الفنية على المستوى المعنوي والمادي، وسيظل علامة من علاماتي الفنية التي سأظل أتذكرها، وكنت مرعوبة للغاية وقت تصوير أول مشهد في المسلسل، لأن الدور صعب وكان علي أن أتشاجر وأزعق لأن المشهد كان يدور حول استيائي من الجيران الذين يعيشون حولي". وأضافت "عادل لم يتغير مطلقاً، فما زال كما هو قادراً على إضحاك الجميع، وأنا تعيسة الحظ لكوني لم أقف أمامه سوى مرة واحدة في فيلم "النوم في العسل"، وأول ما عرض علي فكرة تجسيد دور زوجته في فلانتينو لم أتردد مطلقاً، لأن الوقوف والتمثيل أمامه حلم وشرف لأي فنان مهما بلغ عمره ومكانته الفنية"، ومن أكثر الفنانين الذين تستمتع بمشاهدتهم الفنان عماد حمدي وحسين صدقي.