بعد وفاة والده نيقولا الأول، اعتلى القيصر ألكسندر الثاني (Alexander II) مطلع شهر آذار/مارس 1855 عرش الإمبراطورية الروسية.
وتزامنا مع توليه لمنصبه، اتجه القيصر الجديد لتغيير الواقع عبر إحداث إصلاحات جذرية في البلاد.
وأعلن بحلول العام 1861، تحرير الأقنان، وتغييرات أخرى بمجال القضاء وإنهاء العمل بنظام العقوبات الجسدية.
أيضا، وافق ألكسندر الثاني على إحداث مجالس محلية أملا في تحديث الأرياف وإشراكها في الحياة السياسية المحلية، كذلك عمم برنامج الخدمة العسكرية على جميع الروس وألغى العديد من امتيازات النبلاء وشجّع على تحديث المدارس والجامعات وإقرار إجبارية التعليم.
إلا أن إصلاحات الإمبراطور لم تدم طويلاً، فبعد جملة من المحاولات الفاشلة، اغتيل الأخير عام 1881 على يد عدد من أفراد منظمة نارودنايا فوليا (Narodnaya Volya).
التخطيط للعملية
فقد قررت اللجنة التنفيذية أواخر شهر آب/أغسطس 1879، المكونة من 22 فردا، لمنظمة نارودنايا فوليا، اغتيال القيصر ألكسندر الثاني عقب مجموعة من المشاورات أقروا في خضمها بضرورة موت القيصر لإشعال الثورة بروسيا.
وبعد سلسلة محاولات فاشلة، اتجه المتآمرون لمراقبة تحركات القيصر ألكسندر الثاني عن كثب، واتفقوا على تنفيذ عمليتهم خلال عودة الأخير نحو قصر الشتاء عقب جولته الروتينية التي اعتاد القيام بها بأحد المنتزهات القريبة.
كما اتفق أفراد نارودنايا فوليا على وضع قنبلة تحت الطريق الذي اعتاد ألكسندر الثاني المرور منه، ليقترب منه عند الانفجار 4 أشخاص يستهدفونه بالقنابل.
وعلى مقربة من موقع العملية، افتتح أعضاء نارودنايا فوليا مصنع جبن وحفروا نفقاً من إحدى الغرف يمر تحت الطريق الذي سيسلكه القيصر بهدف استخدامه لوضع القنبلة.
ومن ناحية أخرى، تطوع كل من إنياسي غرينيفتسكي (Ignaty Grinevitsky) ونيقولاي ريساكوف (Nikolai Rysakov) وتيموفاي ميخايلوف (Timofey Mikhailov) وإيفان يميليانوف (Ivan Yemelyanov) لإكمال العملية واستهداف موكب ألكسندر الثاني بالقنابل.
اغتيال القيصر
مساء يوم 13 آذار/مارس 1881، غيّرت عربة القيصر، على غير عادتها، طريقها واتخذت منحى آخر لبلوغ قصر الشتاء بناء على طلب من ألكسندر الثاني الذي أراد زيارة قريبته كاترين.
وبسبب ذلك، نجا الموكب الإمبراطوري من القنبلة الأولى التي وضعت تحت الطريق.
أمام هذا الوضع، تلقى المتآمرون الأربعة أوامر بالتوجه نحو عربة القيصر سيرا على الأقدام والاستعداد لتنفيذ العملية.
في حدود الساعة الثانية والربع بعد الزوال بنفس ذلك اليوم، تقاطع طريق عربة القيصر مع طريق ريساكوف الذي حمل قنبلة أخفاها بين طيات ثيابه.
وعلى حين غفلة ألقى الأخير قنبلته تحت عربة القيصر، ولحسن حظ الأخير، انفجرت القنبلة قرب القسم الخلفي من عربته متسببة في مقتل أحد حراسه وطفل مر من المكان صدفة.
ومع استعداد القيصر للرحيل عن مكان الانفجار الأول، اقترب غرينيفتسكي من الموقع وألقى من مسافة قريبة قنبلة ثانية، باتجاه عربة القيصر، استقرت قرب رجلي ألكسندر الثاني.
فأوقع الانفجار الثاني عددا أكبر من الضحايا قدّر بنحو 20 قتيلاً، كان من ضمنهم القيصر وغرينيفتسكي.
وبحسب شهادة الحاضرين، تسبب الانفجار في كسر رجلي ألكسندر الثاني ومزّق أحشاءه وألحق تشوهات كبيرة بوجهه، فنقل الامبراطور على جناح السرعة، بناء على طلبه، نحو قصر الشتاء.
وهنالك، فارق القيصر الروسي الحياة بنفس اليوم بسبب إصاباته البليغة ومعاناته من نزيف حاد.
إعدام القتلة
يشار إلى أن عملية اغتيال القيصر أثارت غضب الشرطة القيصرية والقيصر الجديد ألكسندر الثالث الذي أمر بتسليط أقسى العقوبات على المنفذين.
فألقت السلطات الأمنية الروسية القبض على العديد من كبار المسؤولين بنارودنايا فوليا وأقدمت على إعدامهم خلال شهر نيسان/أبريل 1881 عقب محاكمات وجيزة.