في خضم الحرب العالمية الأولى، عاشت الإمبراطورية الروسية على وقع ثورتي فبراير وأكتوبر اللتين أزاحتا نظام القيصر نيقولا الثاني والحكومة المؤقتة وأسفرتا عن حصول البلاشفة على مقاليد السلطة بالبلاد. وفي خضم هذه الأحداث، تحوّل فلاديمير لينين للوجه الأساسي للثورة البلشفية لتغزو بذلك الملصقات التي حملت صورته مناطق عدة من العالم حاولت فئات من مواطنيها تكرار ما حصل بروسيا.
ومنذ شهر نوفمبر 1917، أحكم فلاديمير لينين قبضته على جانب كبير من الأراضي السابقة للإمبراطورية الروسية معلنا نشأة جمهورية روسيا الاتحادية الاشتراكية السوفيتية. ومع انتصاره على الجيش الأبيض بالحرب الأهلية، أعلن الأخير رسميا عام 1922 عن تكوين الاتحاد السوفيتي الذي حكمه بقبضة من حديد لحين وفاته يوم 21 يناير 1924.
معاناة مع المرض
خلال النصف الثاني من العام 1921، عانى فلاديمير لينين من اضطرابات سمعية وأرق وآلام شديدة بالرأس. وبدعوة من المكتب السياسي، وافق لينين على الانتقال نحو قصر غوركي (Gorki) بموسكو للحصول على قسط من الراحة بعيدا عن التجاذبات السياسية التي عاشت على وقعها البلاد.
إلى ذلك، وفّر الاتحاد السوفيتي 26 طبيبا للسهر على راحة وصحة فلاديمير لينين الذي تواجد بقصر غوركي رفقة زوجته وشقيقته. وحسب مصادر تلك الفترة، تواجد ضمن هذا الطاقم الطبي أطباء أجانب انتدبهم المسؤولون السوفييت مقابل أجور مرتفعة لتقديم أفضل الخدمات الطبية للينين. ومع تواصل معاناته مع المرض وتدهور حالته الصحية بسبب الرصاصات التي تلقاها بجسده خلال محاولة الاغتيال الفاشلة عام 1918، طلب القائد السوفيتي من زوجته وستالين توفير السم له لإنهاء حياته. وما بين شهري كانون الأول/ديسمبر 1922 ويناير 1923، كتب فلاديمير لينين وصيته قبل أن يتعرض بحلول شهر مارس 1923 لجلطة دماغية أصيب على إثرها بشلل نصفي. ومع تماثله للشفاء بشكل جزئي، أجرى لينين خلال شهر أكتوبر 1923 زيارة أخيرة للكرملين التقى أثناءها بعدد من قادة الحزب.
ويوم 21 يناير 1924، وقع لينين في غيبوبة وتوفي خلال نفس اليوم عن عمر ناهز 53 عاما. وبناء على عدد من أطبائه، جاءت وفاة مؤسس الاتحاد السوفيتي نتيجة مرض عضال بالأوعية الدموية.
جنازة رسمية وتحنيط
يوم 23 يناير 1924، نقلت جثة لينين بالقطار من غوركي نحو موسكو حيث عرضت على العامة لمدة 3 أيام. ويوم 27 من نفس الشهر، نقل التابوت، الذي احتوى على جثة مؤسس الاتحاد السوفيتي، نحو الساحة الحمراء. وهنالك، ألقى عدد من كبار قادة الحزب الشيوعي، من أمثال ستالين وزينوفييف وكالينين، كلمات تأبين عددوا فيها مزايا وتضحيات لينين لأجل الشعب والعمال والسلام. وبطريقة مثيرة للدهشة، غاب ليون تروتسكي، منافس ستالين على السلطة، عن الجنازة بسبب تواجده بالقوقاز. لاحقا، اتهم تروتسكي ستالين بتضليله عن طريق إخفاء موعد الجنازة عنه. وعلى الرغم من الطقس شديد البرودة، حضر عشرات الآلاف جنازة لينين الذي دفن بشكل مؤقت بضريح خشبي قبل أن ينقل فيما بعد نحو ضريح فلاديمير لينين بالساحة الحمراء.
وضد رغبة زوجته، أقدم المسؤولون السوفييت على تحنيط جثة لينين بهدف عرضها داخل الضريح الذي وضعت حوله حراسة مشددة.
أثناء عملية التحنيط، استأصل الأطباء دماغ فلاديمير لينين. ومع إجراء عدد من الفحوصات عليه، تحدث الطاقم الطبي عن وجود تصلبات كبيرة به.