تقدم الذكاء الاصطناعي وتعلم الآلة بشكل كبير في الأعوام الماضية قبل الجائحة العالميّة الأخيرة، وحقق تغيرًا كبيرًا في كثيرٍ من الصناعات.
وطال أثر جائحة كوفيد-19 العديد من جوانب أعمالنا، ولكنها لم تقلل من تأثير الذكاء الاصطناعي على حياتنا. وأصبح واضحًا أن خوارزميات التعليم الذاتي والآلات الذكية ستلعب دورًا كبيرًا في المعركة المستمرة ضد الوباء والأوبئة المستقبلية.
وسيواصل الذكاء الاصطناعي لعب دور رئيس في التقنيات التي ستغير طريقة عيشنا وعملنا ولعبنا في المستقبل القريب.
تحليلات أذكى للبيانات الضخمة
ظهرت خلال الجائحة الحاجة الملحة لتحليل البيانات سريعًا عن انتشار الفيروس في مختلف أنحاء العالم، واجتمعت الحكومات والهيئات الصحية العالمية ومراكز البحوث الأكاديمية لتطوير طرائق جديدة لجمع المعلومات ومعالجتها. واعتدنا على رؤية نتائج هذا في الأخبار كل ليلة، حين تقدم لنا معدلات الإصابة أو الوفيات الأخيرة لمناطقنا.
ويُعد التقدم التقني السبب الرئيس في أن هذا الوباء لم يفتك بالملايين، مقارنةً بالإنفلونزا الإسبانية التي أودت عام 1918 بحياة ما يصل إلى 50 مليون شخص. ومكنّنا التقدم في التقنية الطبية ومعايير الرعاية وتقنية الاتصالات من رصد حالات تفشي المرض بسرعة أكبر لفرض الحجر والعزل الصحي. وسيضاف الذكاء الاصطناعي العام المقبل إلى قائمة التطورات التقنية التي تمكننا من التعامل بشكل أكثر فعالية مع الأوبئة.
وازدادت كمية المؤلفات العلمية والطبية بنشر أكثر من 28000 ورقة بحثية عن كوفيد-19 بحلول أبريل/نيسان من العام الجاري، وصُمم محرك بحث مخصص مدعوم بخوارزميات معالجة اللغة الطبيعية ليمكن أي شخص من الحصول على مساعدة الذكاء الاصطناعي عند التحقيق في مجموعة البيانات الضخمة.
ويستمر العمل على تطوير حلول الذكاء الاصطناعي للمساعدة في التعامل مع القضايا الطبية الأخرى، مثل السرطان، فقد حولت جميع الموارد في مواجهة الجائحة الحالية. ومن المحتمل أن نشهد اعتمادًا سريعًا للذكاء الاصطناعي في العديد من مجالات الرعاية الصحية الأخرى، وليس بما يتعلق بالقضاء على الفيروسات فحسب.
وسنكتشف الأمراض المعدية من خلال تطوير قدرتنا على تطبيق تعلم الآلة على مجموعات البيانات العالمية الضخمة، فنتتبع الاتصال بين الأشخاص المصابين، ونصل إلى تشخيصات أدق، ويمكننا ذلك من التنبؤ باتجاهات تطور الفيروس، ما يتيح لنا تطوير لقاحات أكثر فعالية واستمرارية.
الاكتشاف والوقاية المؤتمتة
وشهدنا بالفعل استخدام الطائرات دون طيار في العديد من التطبيقات، كاستخدامها لمراقبة اتباع إرشادات التباعد الاجتماعي، واكتشاف أعراض كوفيد -19، مثل ارتفاع درجة الحرارة لدى بعض الأفراد بين حشد من الناس. وتستخدم هذه الأنظمة تقنية رؤية الآلة لتحليل البيانات التي تلتقطها الكاميرات على الطائرات دون طيار، ثم تبلغ السلطات أو المسؤولين المحليين بالإحصاءات والاحتمالات عن انتشار الفيروس.
ومن مجالات النمو الأخرى ذات الصلة استخدام تقنية التعرف على الوجه، المدعومة أيضًا بخوارزميات رؤية الآلة. واستخدمت الشرطة التعرف على الوجه للكشف عن منتهكي الحجر الصحي، ولتتبع تحركات الأفراد الذين يظهرون الأعراض ضمن حشد من الناس.
ويبدو أن الأدلة تشير إلى أن السكان تسامحوا مع أساليب المراقبة المعتبرة سابقًا شديدة القسوة، بسبب المخاطر الصحية التي يشكلها الفيروس. ومن المرجح أن يختبر هذا التقبل خلال الأشهر الثمانية عشر المقبلة عندما يصبح التقنيون أكثر مهارة في إدارة المراقبة المُدارة بالذكاء الاصطناعي.
انتعاش الاقتصاد وتوقع التحول السلوكي
وتأثرت طريقتنا في العيش والعمل والتفاعل الاجتماعي كثيرًا بانتشار كوفيد-19، وقبل ذلك كان الاتجاه قوي نحو رقمنة العديد من جوانب المجتمع، لكن ذلك تسارع كثيرًا هذا العام. فارتفعت مبيعات أمازون خلال الربع الثاني من عام 2020 بنسبة 40% مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي.
وتوفر أدوات الذكاء الاصطناعي ومنصاته للشركات معلومات عن الطريقة التي يتكيف بها عملاؤها مع الواقع الجديد. وأدركت المنظمات التي كانت متخلفة سابقًا في استيعابها للقنوات الرقمية للتجارة مدى الحاجة الملحة للتغيير. وبدأت تستفيد سريعًا من تحليل السلوك والتخصيص. وستنتشر بتزايد سريع الأدوات التي تزود المؤسسات بإمكانية الوصول إلى هذه التقنية في العام 2021، مدعومة بسعي الشركات الصغيرة والمتوسطة إلى إثبات قدرتها التنافسية.
القضاء على الوباء القادم قبل بدايته
ووُجهت معظم خوارزميات الذكاء الاصطناعي نحو التنبؤ، وسيكون بناء أنظمة قادرة على التنبؤ بدقة بزمان ومكان تفشي المرض في المستقبل محط اهتمام علم الأوبئة المدعوم بالذكاء الاصطناعي. والواقع أن التنبيهات المبكرة عن الجائحة الحالية صدرت عن الذكاء الاصطناعي. فقد فحصت أداة بلودوت ومقرها تورونتو بالفعل 100000 مصدر بيانات حكومي وإعلامي يوميًا ثم أصدرت تنبيهًا بشأن تفشي محتمل في ووهان، الصين، في 31 ديسمبر/كانون الأول 2019.
ويمكننا أن نتوقع أن تسفر أبحاث الذكاء الاصطناعي عن مزيد من النجاحات خلال الأشهر الثمانية عشر المقبلة والتي ستزيد من قدرتنا على اكتشاف خطر تفشي الفيروسات ومواجهتها عليها. ما يتطلب تعاونًا عالميًا مستمرًا بين الحكومات والقطاع الخاص.
ومن المرجح أن يتأثر ذلك بالسياسات العالمية والمشرعين، فضلاً عن مسار التطور التقني. لهذا السبب، ستشكل عدة قضايا، مثل الوصول إلى البيانات الطبية، والمعوقات التي تحول دون التبادل الدولي للمعلومات موضوعات مهمة خلال العام المقبل.
The post ما أهم التوجهات في مجال الذكاء الاصطناعي للعام المقبل؟ appeared first on مرصد المستقبل.