ما التحديات التي يواجهها الأطباء الشرعيون خلال جائحة كوفيد-19؟

أوضحت دراسةٌ جديدة، شارك فيها مجموعة من الباحثين في معهد جيل داندو لعلوم الأمن والجريمة التابع لكلية لندن الجامعية العريقة أن الأطباء الشرعيون واجهوا تحديات تشغيلية ومهنية وقانونية خلال جائحة كوفيد-19.

أدت الجائحة إلى تحديات تشغيلية بسبب الإغلاق العام والقيود التي فرضت على السفر والطيران ما أدى إلى تعطل سلاسل الإمداد، وتراجع قدرتها على تلبية احتياجات الأطباء الشرعيين من أدوات الوقاية الشخصية والأدوات الأخرى التي يستخدمونها في عملهم.

وعلى مستوى التحديات المهنية، واجه الأطباء الشرعيين خلال تعاملهم مع جثث الموتى مخاطر جسدية، مثل احتمال الإصابة بفيروس كوفيد-19، ومخاطر نفسية، مثل المعاناة من القلق والتوتر.

وعلى الرغم من وجود دراساتٍ سابقة توصي باتباع إرشادات معينة لتقليل المخاطر السابقة، لكننا ما زلنا بحاجة إلى دراسةٍ وافية توضح فعالية هذه الإرشادات. فمثلًا أوضحت الدراسة الجديدة من خلال مقابلات مع أطباء شرعيين، أن ارتداء أدوات الوقاية الشخصية قد يعوق أداءهم لعملهم بكفاءة، لأنها تؤثر على حدة البصر والسمع والشم وتحرمهم من جمع معلومات مهمة عن الجثث التي تخضع للفحص ما قد يؤثر في المحصلة على قراراتهم الطبية.

ويمثل تحديد سبب الوفاة أهم مهام الأطباء الشرعيين. ويحققون ذلك من خلال الأدلة التي يجمعونها خلال فحص الجثة. لكن البيانات التي فحصتها الدراسة أشارت إلى انخفاض عدد عمليات التشريح والاكتفاء بالفحوصات الخارجية لتقليل خطر الإصابة خلال جائحة كوفيد-19. وقد يؤثر ذلك – بحسب أقوال الأطباء الشرعيين المشاركين في الدراسة – على دقة المعلومات التي يجمعها الأطباء الشرعيون وقرارتهم الطبية النهائية في القضية.

وأدت جائحة كوفيد-19 أيضًا إلى تحديات قانونية، إذ أصبح كوفيد-19 سببًا جديدًا محتملًا للوفاة. فمثلًا عندما يفحص الأطباء الشرعيون جثة أحد المتوفين ويجدون علامات تشير إلى أنه توفي نتيجة الاختناق، مثل وجود علامات حول الرقبة، وبعد ذلك يكتشفون أنه مصاب بكوفيد-19، يصبح تحديد سبب الوفاة صعبًا نتيجة لوجود أكثر من احتمال: إما أنه الاختناق وإما أنه كوفيد-19. وربما يشكك البعض في جرائم قديمة إن ظهرت أدلة تشير إلى أن الضحايا كانوا مصابين بكوفيد-19.

وتمثل هذه الشكوك القانونية إشكالية بسبب المعاناة الإنسانية المرتبطة بها، مثل الإدانات الخاطئة والعقوبات المقيدة للحرية بصورةٍ غير عادلة، بالإضافة إلى أنها تؤثر على سيادة القانون ونزاهة الإجراءات الجنائية.

نظرة مستقبلية

يتوقع الباحثون ألا تستمر مشكلات سلاسل الإمداد طويلًا بسبب بدء دولٍ عديدة في تخفيف القيود على السفر وحركة الطيران. ويتوقعون أيضًا إجراء تعديلات على أسلوب العمل المتبع في مختبرات الطب الشرعي، مثل تقليل عدد الأطباء داخل غرف الفحص، وتعديل إجراءات ضمان الجودة وتقييم المخاطر، وزيادة الدورات التدريبية لتعزيز وعى العاملين في هذا المجال بمخاطر الأمراض المعدية ووسائل الوقاية منها. وقد تتضمن الأنشطة التدريبية أيضًا تعزيز قدرة الأطباء الشرعيين على مواجهة التوتر الذي عانوا منه خلال جائحة كوفيد-19.

وقد الباحثون بعض الحلول المقترحة بناء على الأدلة والأبحاث العلمية المنشورة.

توفر بروتوكولات تحديد هوية ضحايا الكوارث أفكارًا قيّمة للتغلب على بعض التحديات التشغيلية التي واجهها الأطباء الشرعيون خلال الجائحة. لأن هذه البروتوكولات راسخة ومعترف بها دوليًا وجرى اختبارها سابقًا في كوارث ضخمة. بالإضافة إلى أن هذه البروتوكولات تتضمن إجراءات لضمان الجودة قد تساعد في حل مشكلة تحديد سبب الوفاة.

وينصح العلماء بالاعتماد على التقنيات المتطورة، مثل عمليات التشريح الافتراضية وغيرها، لتقليل المخاطر الناتجة عن التعامل المباشر مع الجثث. لكن المشكلة تكمن في عدم وجود أدلة تجريبية تثبت قدرة التشريح الافتراضي على تحديد سبب الوفاة بدقة.

وليس واضحًا حتى الآن كيف يمكن حل التحديات القانونية الناتجة عن صعوبة تقييم كوفيد-19 كسبب محتمل للوفاة. ولذا قد تحتاج المحاكم العليا إلى إرساء سوابق قضائية في هذا الشأن.

The post ما التحديات التي يواجهها الأطباء الشرعيون خلال جائحة كوفيد-19؟ appeared first on مرصد المستقبل.

Original Article

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

%d مدونون معجبون بهذه: