سينتهي عام 2020 خلال أسابيع قليلة ليعلن بداية عام جديد يعج برحلات فضاء ربما تسهم في ابتكار أدوات جديدة وتطوير سبل اكتشاف الفضاء.
تبنى هذه الجهود على النجاحات السابقة والمحاولات الفاشلة لتبقي عجلة اكتشاف الفضاء دائرة، وتساعد علماء الفلك والفيزياء والكون في حل الألغاز المحيرة التي تؤرقهم.
تتعدد الرحلات الفضائية المخطط لها من مركبات الهبوط الروبوتية والجوالات ومركبات الدوران، بالإضافة إلى التلسكوبات وسفن الفضاء المأهولة، لاكتشاف مدار الأرض المنخفض والقمر والمريخ والنظام الشمسي البعيد، وحتى مراحل الكون الباكرة. وسيجمع العلماء المعلومات للإجابة عن الأسئلة التي قضت مضجعهم عن نشأة الكون وماهية المادة المظلمة وطاقتها، بالإضافة إلى وجود الحياة خارج كوكبنا.
إلى المدار
وضعت شركة سبيس إكس نصب أعينها عدة أهداف لتحقيقها خلال العقد المقبل بتسخير جهود دامت عشرين عامًا توجت بمعزز الدفع الصاروخي الثقيل، ونظام دوران المركبة الفضائية.
ويخطط إيلون ماسك لتنشيط اكتشاف الفضاء وجعل البشر كائنات متعددة الكواكب. إذ شهد العام الماضي إنهاء اختبارات سفينة هوبر الفضائية والكشف عن النموذج الأولي لسفينة إم كي-1 الفضائية. تلاها هذا العام بضعة محاولات فاشلة غطى عليها نجاح اختبارات النماذج الأولية لمركبات أكثر تطورًا، آخرها لنموذج إس إن 8 الأولي في أكتوبر/تشرين الأول من العام الجاري. وتعتزم شركة سبيس إكس إجراء اختبار إطلاق إلى ارتفاع 15 كيلومترًا قبل نهاية هذا العام.
سيكون جدول وكالة ناسا خلال العقد المقبل حافلًا بالبعثات وفق برنامج النقل التجاري إلى الفضاء الذي تعاقدت فيه مع شركتي سبيس إكس وبوينغ لتوفير خدمات النقل إلى المدار الأرضي المنخفض ومحطة الفضاء الدولية.
وأصبحت مركبة دراجون الناقل الرئيس للرحلات المأهولة. إذ أطلقت أول رحلة تجريبية لمركبة إنديفر منتصف هذا العام من قاعدة كيب كانافيرال الأمريكية حاملةً على متنها رائدي الفضاء روبرت بينكن ودوغلاس هيرلي إلى محطة الفضاء الدولية. ونقلت الرحلة الثانية أربعة رواد فضاء إلى محطة الفضاء الدولية على متن مركبة رزلينس.
وتخطط منظمة أبحاث الفضاء الهندية لإطلاق رحلة غاغانيان المأهولة إلى الفضاء لتدور كبسولتها حول الأرض على ارتفاع 600 كيلومتر لسبعة أيام. وتعتزم الصين إنشاء محطة تياغونغ الفضائية الضخمة ضمن برنامج بدأته في العام 2011 وتخطط للانتهاء من بنائها في العام 2024.
العودة إلى القمر
يشمل العقد المقبل رحلات شتى إلى القمر، تدشنها ناسا برحلة أرتميس-1 غير المأهولة مع نهاية العام 2021 التي تشمل إرسال مركبة أوريون للدوران حول القمر والعودة إلى الأرض. أما أرتميس-2 المأهولة فستشد رحالها في أغسطس/آب 2023 للمرور بجانب القمر لاختبار أنظمة أوريون ونظام الإطلاق الفضائي. وسترسل أرتميس-3 أول امرأة إلى القمر لتشارك الرجل حلم الوصول إليه. تخطط ناسا لإطلاق رحلات مساندة لتوفير الدعم اللوجستي لهذه الرحلات. وستتشارك مع محطة الفضاء الأوروبية لإرسال مكونات بوابة أرتميس التي ستشيد في المدار القمري لتكون محطةً لرواد الفضاء المسافرين من الأرض إلى القمر
توفر البوابة دعمًا إضافيًا لبرنامج أرتميس وستشملها خطط ناسا طويلة الأمد لإرسال رحلات مأهولة إلى المريخ.
تعتزم منظمة أبحاث الفضاء الهندية إرسال مركبة شاندرايان-3 إلى القمر بعد فشل سابقتها. وتعتزم الصين استكمال برنامج تشانغ لاكتشاف القمر عبر الهبوط على سطحه وجمع العينات للعودة بها إلى الأرض. أما روسيا فتنوي إرسال رحلات روبوتية ضمن برنامج لونا-غلوب لاكتشاف القمر عند قطبه الجنوبي. سيكون هذا البرنامج منصة روسيا لإرسال رواد فضاء إلى القمر لأول مرة في منتصف العقد المقبل.
تطول لائحة الرحلات المخططة، لكن أغلبها يقع في مرحلة التخطيط والتطوير.
للرحلات الخاصة نصيب في السفر إلى الفضاء، منها مركبة بلون مون للهبوط والنقل التي أنتجتها شركة بلو أوريجن. وتسعى الشركة لاستخدام صاروخها الجديد غلين لإرسال التجهيزات إلى القمر، بينما تهدف شركة سبيس إكس إلى استخدام سفينتها الفضائية لتدشين السياحة إلى القمر بما يعرف باسم مشروع ديرمون، الذي سيسافر فيه المليادير الياباني يوساكو مايزاوا ومجموعة فنانين حول القمر قبل العودة للأرض.
إلى المريخ
تسعى ست وكالات فضاء على الأقل إلى تنظيم رحلات اكتشاف إلى المريخ. إحداها تنظمها وكالة الفضاء الأوروبية بالتعاون مع وكالة الفضاء الروسية لإيصال الجوالة الأوروبية روزاليند فرانكلين والمنصة الروسية إلى المريخ لخدمة الأبحاث السارية عن آثار للحياة. ستتعاون الجوالة مع جوالة بريزيفانس التي أطلقتها ناسا منتصف هذا العام لاستخدام عتادهما للحفر وأخذ العينات لتحليلها.
أرسلت الصين جوالة الاستشعار عن بعد العالمية إلى المريخ في بداية النصف الثاني لهذا العام لاكتشافه والبحث عن أشكال الحياة ودراسة بيئة الكوكب.
وحرصت دولة الإمارات على المشاركة في سباق الفضاء بإطلاق رحلة الأمل غير المأهولة لتكون الأولى بين شقيقاتها في الوصول إلى كوكب آخر عبر إرسال مركبة دوارة لدراسة الغلاف الجوي للمريخ. تستعد وكالة الملاحة الجوية اليابانية لإطلاق رحلة اكتشاف الأقمار المريخية التي ستكتشف فيها مركبة دوارة على القمرين فوبوس وديموس، بينما تهبط أخرى على سطح فوبوس لأخذ العينات منه والعودة بها إلى الأرض.
النظام الشمسي القاصي
تضع بضع وكالات فضاء الحزام الكويكبي الرئيس وما بعده على أجندتها بهدف الوصول إلى معرفة أعمق لتطور النظام الشمسي واكتشاف الحياة خارج كوكبنا. سيشهد عام 2022 إطلاق مركبة سايك الفضائية لناسا نحو الحزام الكويكبي سايك الذي يرى العلماء أنه بقايا من لب كوكب أولي انكشف عقب اصطدام هائل أسقط طبقاته الخارجية. وستتفرد رحلة لوسي التي ستنطلق عام 2021 في اكتشاف طروادة، وهي مجموعة لكويكبات تدور حول الشمس في النظام الشمسي الخارجي أمام كوكب المشتري وخلفه. وستطلق وكالة الفضاء الأوروبية رحلة جوس عام 2022 لزيارة ثلاثة أقمار المشتري الضخمة وهي غانيميد وكاليستو وأوروبا بهدف البحث عن آثار للحياة على سطحها.
ما بعد اللانهاية
سيشهد عام 2021 تلسكوب جيمس ويب الفضائي الذي يتوج تضافر جهود ناسا ووكالة الفضاء الأوروبية ووكالة الفضاء الكندية والمعهد العلمي لتلسكوبات الفضاء. إذ يتمتع تلسكوب الأشعة الحمراء بدقة عالية وحساسية مطورة مقارنةً بأقرانه. وتخطط وكالة الفضاء الأوروبية عام 2022 لرسم خريطة لهندسة الكون أملًا في تحسين فهم العلماء للمادة المظلمة ودورها في التطور الكوني. وستدشن في العام 2026 تلسكوب بلاتو للبحث عن الكواكب الخارجية القابلة للعيش عبر مراقبة حتى مليون نجم لاكتشاف النظم الكوكبية.
العودة إلى الأرض
تعتزم بعض المنشآت المتطورة والمراصد تنفيذ عمليات تساعد في تحسين المفاهيم عن الكون وقوانينه. إذ يعمل المرصد الأوروبي الجنوبي على تطوير التلسكوب فائق الحجم في دولة التشيلي. ويعتزم معهد كارنيجي للعلوم الكشف عن تلسكوب ماجلان في الدولة ذاتها. إذ يضم ماجلان مرايا ضخمة وبصريات تكيفية وأحدث تقنيات تصنيف البيانات لملاحظة مساحات أوسع من الكون. وسيضم مرصد الأمواج الثقالية الليزري منشأة أخرى تحت رايته، وهي المبادرة الهندية لملاحظات الموجات الثقالية الكائنة في مركز الهند.
ومن شأن ظهور هذه المنشآت الجديدة أن يعين العلماء في دراسة الموجات الثقالية دراسةً أدق للوصول إلى اكتشافات تعمق فهمهم للمستعر الأعظم وتشكيل الثقوب السوداء ونظرية آينشتاين العامة للنسبية. وسيشهد العقد المقبل أحداثًا تخطف الأنفاس ستسبب ثورةً في مجالات دراسة عديدة وتجيب عن تساؤلات ما زالت تبحث عن إجاباتها المفقودة.
The post ما ملامح برنامج اكتشاف الفضاء في العقد المقبل؟ appeared first on مرصد المستقبل.