ما هي أول دولة غادرت الاتحاد السوفيتي؟

خلال العام 1939، استولى الاتحاد السوفيتي، أثناء الحقبة الستالينية، على دولة ليتوانيا المطلة على البلطيق قبل أن يعلن عن ضمها لممتلكاته وتحويلها رسميا لجمهورية ليتوانيا الاشتراكية السوفيتية. وعلى الرغم من تواجد جيوشه بهذه المنطقة، فقد ستالين هيمنته على هذه المنطقة مع بداية الاجتياح الألماني للأراضي السوفيتية ضمن عملية بربروسا (Barbarossa). ومع نهاية الحرب العالمية الثانية على الساحة الأوروبية وهزيمة ألمانيا، استعاد ستالين ليتوانيا مجددا التي ظلت لنحو 45 عاما قابعة تحت النفوذ السوفيتي.

إلى ذلك، تغيرت الأمور بالنسبة لليتوانيين منتصف ثمانينيات القرن الماضي تزامنا مع صعود ميخائيل غورباتشوف (Mikhaïl Gorbatchev) وتوليه زمام الأمور بالاتحاد السوفيتي. فمنذ البداية، فضّل الأخير اعتماد سياسة أكثر لينا مع الجمهوريات السوفيتية واتجه عام 1989 لتوطيد علاقاته مع الغرب.

من ناحية أخرى، استنكر غورباتشوف سياسة ليونيد بريجنيف (Leonid Brezhnev) العام 1968 التي أيدت استخدام الاتحاد السوفيتي للقوة العسكرية بهدف الحفاظ على الأنظمة الشيوعية بالدول الحليفة. ومع سماعهم لمثل هذه التصريحات، تفاءل القوميون الليتوانيون بإمكانية تحقق حلم الاستقلال الليتواني الذي طال انتظاره لأكثر من 4 عقود.

ويوم 11 آذار/مارس 1990، أعلنت ليتوانيا نفسها دولة مستقلة لتكون بذلك أول من يقدم على خطوة مماثلة من جمهوريات الاتحاد السوفيتي. في الأثناء، استهان الليتوانيون بنوايا غورباتشوف. فبينما كان مستعدا لانضمام الدول الحليفة له لقائمة الدول الديمقراطية، لم يكن القائد السوفيتي موافقا على فكرة رحيل إحدى جمهوريات الاتحاد السوفيتي.

إلى ذلك، رد الاتحاد السوفيتي بقوة على إعلان الاستقلال وأرسل تحذيرا لليتوانيين الذين رفضوا الأمر وتمسكوا باستقلالهم تزامنا مع نهاية المهلة المحددة لهم. وردا على ذلك، أصدر غورباتشوف جملة من العقوبات على ليتوانيا قبل أن يؤيد تحركا للجيش السوفيتي بالعاصمة فيلينيوس (Vilnius).

استقلال ليتوانيا

على مدار 74 يوما، فرض الاتحاد السوفيتي حصارا على ليتوانيا ومنع دخول العديد من المواد الأولية، النفط أساسا، بهدف تركيع المجلس الأعلى الليتواني وإجباره على التراجع عن إعلان الاستقلال. ومع فشل هذه السياسة، حاول السوفيت استغلال تواجد قواتهم بليتوانيا للقيام بانقلاب وتنصيب موالين لهم بسدة الحكم خلال شهر يناير 1991.

وخلافا لتوقعات موسكو، لم يلق الانقلاب أي تأييد شعبي حيث تهافت الليتوانيون من جميع جهات البلاد نحو العاصمة فيلينيوس لدعم المجلس الأعلى وقرار الاستقلال. إلى ذلك، انتهى الانقلاب بسقوط 14 قتيلا وإصابة المئات من الجانب الليتواني، حيث لم يتردد الجيش السوفيتي في استخدام الرصاص الحي ضد المتظاهرين الليتوانيين بالعاصمة فيلينيوس. وبالجهة المقابلة، أثارت هذه الأحداث قلق الولايات المتحدة الأميركية التي لم تتردد بدورها، عقب موافقة الكونغرس، في وقف مساعداتها الاقتصادية للجانب السوفيتي.

يوم 9 من شهر شباط/فبراير 1991، شهدت ليتوانيا استفتاء حول الاستقلال. وبناء على النتائج الصادرة، صوّت 93 بالمائة لصالح الاستقلال. بحلول 2 أيلول/سبتمبر 1991، أعلنت الولايات المتحدة الأميركية اعترافها رسميا باستقلال ليتوانيا. وبعدها بأربعة أيام فقط، قبل الاتحاد السوفيتي بالأمر الواقع واعترف أيضا باستقلال هذه الجمهورية التي ظلت تحت نفوذه لنحو 45 عاما.

Original Article

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

%d مدونون معجبون بهذه: