مع استلامه لصلاحياته كرئيس للولايات المتحدة الأميركية خلال شهر آذار/مارس 1933، اضطر فرانكلن روزفلت (Franklin D. Roosevelt) لمواجهة أزمة الكساد الكبير، المصنفة كأكبر وأسوأ أزمة اقتصادية بالقرن العشرين، التي دخلت عامها الرابع وتسببت في انهيار سوق الأسهم بنسبة مذهلة قدرت بنحو 75 بالمائة مقارنة بما كانت عليه سابقا وأجبرت واحدا من كل أربعة أميركيين على فقدان وظيفته خالقة بذلك أزمة بطالة غير مسبوقة.
وخلال الأسابيع القليلة التي سبقت استلام روزفلت لمنصبه اتخذت الأزمة الاقتصادية منحى خطيرا حيث أشهرت آلاف البنوك إفلاسها وتسببت في فقدان كثيرين لمدخراتهم. وخوفا من تواصل انهيار بقية البنوك، لجأ عدد هائل من الأميركيين لسحب أموالهم مفضّلين إخفاءها بمنازلهم مؤكدين بذلك عدم ثقتهم بالقطاع البنكي.
عطلة البنوك
وبعد يومين من استلام مهامه، أعلن روزفلت عن ما سمي بعطلة البنوك فأمر بإغلاق جميع البنوك بالبلاد بشكل مؤقت ودعا الكونغرس لعقد جلسة استثنائية تم على إثرها يوم 9 آذار/مارس 1933 تمرير قانون حالة طوارئ المصارف والخدمات البنكية الذي منح الحكومة الفيدرالية الصلاحيات الكافية للتحقيق في الحالة المالية لكل البنوك. ويوم 13 آذار/مارس، سمح فقط للبنوك التي وصفت حالتها بالمستقرة بإعادة فتح أبوابها وتقديم الخدمات للمواطنين.
خطاب عبر الراديو
لكن قبل يوم واحد من إعادة فتح البنوك، فضّل الرئيس الأميركي يوم 12 آذار/مارس 1933 مواجهة الشكوك وحالة الخوف التي عبّر عنها أغلب الأميركيين من إجراءاته. فاتجه من البيت الأبيض في حدود الساعة العاشرة ليلا لتوجيه خطاب للشعب الأميركي عبر شبكة الراديو.
على مدار 13 دقيقة، استمع حوالي 60 مليون أميركي لخطاب استهله روزفلت بكلمات "أصدقائي، أريد أن أتكلم لبضع دقائق مع الشعب الأميركي حول النظام البنكي". وأثناء هذا الخطاب التاريخي، فسّر الرئيس الأميركي النظام البنكي وأسباب ظهور الأزمة ودافع عن الإجراءات التي اتخذها خلال الأيام الفارطة وأثنى عليها، مؤكدا على أهميتها للقطاع البنكي ومعلنا عن إعادة فتح البنوك المستقرة خلال اليوم التالي.
أيضا، دعا فرانكلن روزفلت الأميركيين لضرورة إعادة أموالهم للبنوك مرة ثانية والتخلي عن سياسة إخفائها بمنازلهم مطمئنا إياهم بإمكانية تجاوز الأزمة خلال فترة وجيزة ومؤكدا على ضرورة التحلي بالشجاعة وتجنب الانسياق وراء الإشاعات.
انتعاش الاقتصاد
على حسب مصادر تلك الفترة، انتقى روزفلت كلمات خطابه بشكل دقيق بمساعدة العديد من مستشاريه واعتمد، عند إلقائه على شبكة الراديو، على أسلوب عفوي ساهم في استقطاب وطمأنة المستمعين.
إلى ذلك، استقبل خطاب روزفلت بالترحيب من قبل الأميركيين الذين اصطفوا يوم 13 آذار/مارس 1933 لإعادة أموالهم مرة ثانية للبنوك التي فتحت أبوابها. وخلال تلك الفترة، تحدثت المصادر عن إعادة الأميركيين خلال أسبوعين فقط لنصف الأموال التي سحبوها طيلة الأزمة للبنوك. وأثناء أول يوم تداول تلى إعادة فتح البنوك، سجلت أسعار الأسهم ارتفاعا مذهلا سرعان ما أعاد الثقة للمستثمرين. وبفضل هذه الإجراءات التي اتخذها لإنقاذ القطاع البنكي وإنعاش الاقتصاد، تلقى فرانكلن روزفلت، الذي خاطب الشعب الأميركي 40 مرة عبر الراديو طيلة فترته الرئاسية، خلال الفترة التالية مئات الآلاف من رسائل الشكر والدعم التي تهافتت بشكل مستمر على البيت الأبيض.
من جهة ثانية، استمرت الأزمة طيلة فترة الثلاثينيات حيث شهد الاقتصاد الأميركي انتكاسات طفيفة بين عامي 1937 و1938. ومع تحسن الوضع الاقتصادي مطلع الأربعينيات، وجدت الولايات المتحدة الأميركية نفسها أمام تحد جديد أكثر صعوبة تمثل في دخولها الحرب العالمية الثانية عقب الهجوم الياباني على قاعدة بيرل هاربر يوم 7 كانون الأول/ديسمبر 1941.