أواخر شهر أيلول/سبتمبر عام 1995، دخلت قوات طالبان العاصمة الأفغانية كابل تزامنا مع انسحاب جنود أحمد شاه مسعود منها. فعقب نجاح طالبان في السيطرة على مناطق واسعة من قندهار وهرات ومحاصرتهم وقصفهم للعاصمة الأفغانية، أمر مسعود قواته بالخروج من كابل والتراجع نحو جبال هندو كوش بالشمال الشرقي لإعادة تنظيم الصفوف وتجنب حرب شوارع ضد عناصر حركة طالبان.
على إثر سقوط العاصمة، أعلنت حركة طالبان أفغانستان إمارة إسلامية واتجهت لفرض نظام تميّز بالعديد من الانتهاكات والمعاملات اللاإنسانية لا سيما في حق المرأة الأفغانية التي جردت من حقوقها.
من ضمن قائمة انتهاكات حركة طالبان، يذكر التاريخ مذبحة مدينة مزار شريف، المصنفة ضمن قائمة أكبر 5 مدن أفغانية حينها، عاصمة ولاية بلخ. فمع دخولهم إليها عام 1998، عمد عناصر حركة طالبان لإطلاق النار بشكل عشوائي متسببين في مقتل عدد كبير من المدنيين.
سقوط مزار شريف
يوم 8 آب/أغسطس 1998، تمكن عناصر حركة طالبان من دخول مدينة مزار شريف التي مثلت سابقا واحدة من أكبر المدن القابعة تحت سلطة جبهة التحالف الشمالي الذي تشكل منذ العام 1996 ضد أتباع الملا عمر. فعقب معارك ضارية استنفدوا خلالها كامل ذخيرتهم، خسرت القوة التي تكونت من نحو 1500 مقاتل من قومية الهزارة المعركة واضطر ما تبقى منها للاستسلام أو الفرار.
وعلى حسب مصادر تلك الفترة، لم يتمكن سوى 100 مقاتل، من قوات الهزارة المدافعة، من النجاة بحياتهم بينما لقي البقية حتفهم إما خلال المعارك أو رميا بالرصاص على يد أفراد حركة طالبان.
8 آلاف قتيل بأسبوع
وعلى حسب تقرير منظمة هيومن رايتس ووتش (Human Rights Watch) الصادر خلال شهر تشرين الثاني/نوفمبر 1998، استقل أفراد حركة طالبان عرباتهم، عقب دخولهم لمزار شريف يوم 8 آب/أغسطس 1998، واتجهوا لإطلاق النار بشكل عشوائي على المدنيين بشوارع المدينة.
في البداية، عمد عناصر طالبان لاستهداف كل شخص شككوا في مشاركته بالعمليات القتالية ضدهم قبل أن يتجهوا فيما بعد لإطلاق النار على كل من اعترض طريقهم. وخلال الأيام التالية، لم يتردد أفراد حركة طالبان في التنقل بين بيوت مزار شريف بحثا عن جميع الذكور الذين انتموا لقوميات الهزارة والأوزبك والطاجيك لتشهد بذلك المدينة عملية إبادة عرقية أوقعت العديد من الضحايا.
أثناء تنقلهم بين البيوت، أعدم أفراد حركة طالبان بشكل عشوائي المئات من الذكور، كان من ضمنهم أطفال، المنتمين لقومية الهزارة. وبناء على تحاليل الخبراء، جاءت هذه الإعدامات كرد على مقتل العديد من مقاتلي الحركة خلال الأشهر التي سبقت سقوط مزار شريف. أيضا، لجأ عناصر طالبان لاعتقال العديد من المعارضين والمشتبه بهم داخل المدينة ووضعوهم داخل حاويات مغلقة قبل اقتيادهم نحو مناطق نائية أين فارق أغلبهم الحياة اختناقا داخل الحاويات.
إضافة لذلك، تعرضت القنصلية الإيرانية بالمنطقة لهجوم شنه مسلحو الحركة وأسفر عن مقتل 11 شخصا كان من بينهم 10 دبلوماسيين ومراسل صحافي. وعلى حسب تقارير هيومن رايتس ووتش، شهد الأسبوع الأول الذي تلا سقوط مزار شريف يوم 8 آب/أغسطس 1998 مقتل نحو 8 آلاف شخص على يد حركة طالبان.