بعد مضيّ نحو نصف قرن عن إعلان استقلالها، عاشت الولايات المتحدة الأميركية عام 1824 على وقع انتخابات رئاسية فريدة من نوعها.
فبشكل مثير للدهشة، تمكن المرشح المنتمي للحزب الديمقراطي الجمهوري (Democratic-Republican Party) أندرو جاكسون (Andrew Jackson) من تحقيق نصر مزدوج فحصد أعلى نسبة أصوات بالاقتراع المباشر وتقدم على جميع منافسيه بالمجمع الانتخابي. لكن ولسوء حظّه، لم يكن ذلك كافيا لجعله الرئيس السادس بتاريخ الولايات المتحدة الأميركية، حيث تمكن منافسه جون كوينسي أدامز (John Quincy Adams) من انتزاع المنصب بشكل لافت للانتباه عقب تدخل مجلس النواب.
المرشحون الأربعة
إلى ذلك، شهدت الانتخابات الرئاسية لعام 1824 ترشح أربعة سياسيين، انتمى جميعهم للحزب الديمقراطي الجمهوري. وقد تمثل المرشحون الأربعة في كل من أندرو جاكسون، السيناتور عن ولاية تينيسي (Tennessee) بمجلس الشيوخ، ووزير الخارجية جون كوينسي أدامز ووزير الخزانة وليام هاريس كراوفورد (William Harris Crawford) والناطق باسم مجلس النواب الأميركي هنري كلاي (Henry Clay).
نتائج الانتخابات
ويوم 1 كانون الأول/ديسمبر 1824، صدرت نتائج الانتخابات الرئاسية التي جاءت متقاربة لحد ما حيث حصل أندرو جاكسون على 151271 صوتا بالاقتراع المباشر ونال 99 صوتا بالمجمع الانتخابي حسب الأرقام المقدمة بمكتبة الكونغرس، بينما حل جون كوينسي أدامز ثانيا فحصد 113122 صوتا بالاقتراع المباشر فنال بذلك 84 صوتا بالمجمع الانتخابي. وفي مقابل ذلك، جاء هنري كلاي بالمركز الرابع والأخير فجمع 47531 صوتا بالاقتراع المباشر ونحو 37 صوتا بالمجمع الانتخابي. وقد أثار هذا الأمر غضب الأخير حيث سخر منه كثيرون بسبب عجزه عن التفوق على المرشح وليام هاريس كراوفورد الذي أصيب بسكتة دماغية قبل الانتخابات وتقدم بفارق طفيف على هنري كلاي.
التعديل الثاني عشر
وعلى الرغم من تفّوقه، لم يتمكن أندرو جاكسون من الظفر بمنصب الرئيس. فعلى حسب التعديل الثاني عشر للدستور الأميركي، احتاج المرشح للحصول على أغلبية بالمجمع الانتخابي لتحقيق النصر. وأمام تقارب نتائج كل من جاكسون وأدامز، نص القانون الأميركي حينها على قيام مجلس النواب بانتقاء رئيس للبلاد من ضمن المرشحين الثلاثة الأوائل المتمثلين في كل من جاكسون وأدامز وكراوفورد.
وبشكل لافت للانتباه، عقد كل من جون كوينسي أدامز وهنري كلاي – المرشح الذي حل رابعا وتواجد خارج السباق – تحالفا حيث وافق كلاي على استغلال منصبه ونفوذه للتأثير على مجلس النواب الأميركي وضمان انتصار كوينسي.
وبفضل مجهودات هنري كلاي، اختار مجلس النواب الأميركي بشكل رسمي المرشح جون كوينسي أدامز لتولي منصب الرئيس، ليصبح بذلك الأخير أول مرشح يخسر التصويت الشعبي والمجمع الانتخابي ويفوز بالرئاسة بتاريخ الولايات المتحدة الأميركية.
فشل بالانتخابات التالية
مع استلامه لمنصبه، عمد جون كوينسي أدامز لتعيين هنري كلاي وزيرا للخارجية. وبسبب ذلك، عبّر أنصار أندرو جاكسون عن غضبهم وتحدّثوا عن قضية فساد واتفاق غير أخلاقي رافق حصول أدامز على منصب الرئيس.
وقد رافقت هذه القضية المشبوهة جون كوينسي أدامز طيلة فترة الرئاسة. وخلال انتخابات عام 1828، عجز الأخير في الحفاظ على منصبه الذي خسره بفارق شاسع لصالح أندرو جاكسون.