مريض نفسي اتُهم ظلماً بحرق لندن.. فشُنق ونُكّل بجثته

مطلع شهر سبتمبر عام 1666، عاشت إنجلترا على وقع حادثة احتراق عاصمتها. وأثناء هذا الحريق الذي استمر أياما، التهمت ألسنة اللهب منطقة لندن القديمة التي شيدت منذ العصور الوسطى والتي أحاط بها السور الروماني القديم. كما كادت النيران أن تأتي على حي وستمنستر وقصر الملك تشارلز الثاني.

وأسفر حريق لندن عام 1666 عن تخريب 13 ألف منزل أوت نحو 70 ألف شخص، إضافة لأكثر من 80 كنيسة بينها كاتدرائية القديس بولس القديمة والعديد من البنايات الرسمية والحكومية. وعلى الرغم من تسببه في مقتل زهاء 6 أشخاص فقط، حظي حريق لندن بـ"قيمة تاريخية" هامة حيث أسفرت هذه الكارثة حينها عن تخريب جزء هام من العاصمة الإنجليزية، حوالي 80% من المدينة القديمة، وساهمت في نحت ملامحها الجديدة عقب نزوح العديد من سكانها وبداية أعمال إعادة البناء.

من ناحية ثانية، اتجه الجميع حينها للبحث عن شخص لتحميله مسؤولية اندلاع الحريق. وقد وجد اللندنيون حينها ضالتهم في رجل عانى من اضطرابات نفسية، عرف بروبرت هوبر (Robert Hubert)، ولم تكن له أية علاقة بالكارثة.

وخلال فترة عاشت خلالها إنجلترا على وقع نزاعات وحروب دامية ضد كل من فرنسا وهولندا، آمن سكان لندن بنظرية قيام عدد من المخربين، الموالين للفرنسيين والهولنديين، بإشعال النار عمداً بالعاصمة الإنجليزية. فقبل مدة وجيزة، أقدم الإنجليز على حرق مدينة تيشريلينغ الغربية (West Terschelling) الهولندية. ولهذا السبب، تحدّث كثيرون عن أن حريق لندن قد جاء كرد على ذلك.

وأملاً في تهدئة سكان لندن، تحدّث الملك تشارلز الثاني (Charles II) عن "عقاب إلهي". وبسبب مثل هذه التصريحات، تحوّل تشارلز الثاني بدوره لمحل شكوك من قبل الأهالي الذين شككوا في قيامه بإحراق لندن انتقاماً لوالده الملك تشارلز الأول الذي أعدِم عام 1649 في خضم الحرب الأهلية بين الملكيين والبرلمانيين.

وأملاً في دحض هذه الشكوك والحفاظ على الهدوء بلندن، احتاج المسؤولون الإنجليز لكبش فداء. وقد وجد هؤلاء حينها ضالتهم في الساعاتي الفرنسي روبرت هوبر المولود بمدينة روان (Rouen) في حدود العام 1640.

تزامناً مع اعتقاله، اعترف روبرت هوبر، الذي عانى من اضطرابات نفسية، بالمسؤولية عن حريق لندن مؤكداً أنه قام بادئ الأمر بإشعال النيران بحي وستمنستر. وكانت هذه الاعترافات غريبة وعارية من الصحة. فبناء على تقارير تلك الفترة، ظل حي وستمنستر سليماً ولم تطله ألسنة اللهب.

ومع سماعه باندلاع الحريق بمنطقة بادلينغ لاين (Pudding Lane) بمنزل الخباز توماس فارينور، تراجع روبرت هوبر عن تصريحاته الأولى وتحدّث عن قيامه بإلقاء قنبلة حارقة، عبر النافذة، نحو منزل فارينور كما أكد على قيام عدد من مساعديه بتخريب مضخات المياه لإفشال جهود إخماد الحريق.

إلى ذلك، اتُهم روبرت هوبر بكونه جاسوسا لفرنسا وللبابا. ومع اعترافه بإشعال حريق لندن، أصدر القضاة، الذين لم يقتنع أغلبهم باعترافاته، حكماً بالإعدام شنقاً بحق روبرت هوبر. ويوم 27 أكتوبر 1666، شنق روبرت هوبر وسط لندن. وأثناء محاولة نقل جثته للمستشفى لممارسة التشريح عليها، أقدم اللندنيون الغاضبون على انتزاع جثة روبرت هوبر لتمزيقها وسحلها بالشوارع.

وبعد مضي أيام على عملية الإعدام، حلّ بلندن قائد سفينة سويدي أعلن للجميع أن روبرت هوبر كان على متن سفينته يوم اندلاع الحريق، وأنه نزل بإنجلترا بعد يومين من الحادثة.

وبعد مضي 3 أشهر عن واقعة شنق روبرت هوبر، أصدر البرلمان الإنجليزي بياناً أعلن من خلاله أن الحريق كان قد اندلع بمحض الصدفة.

Original Article

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

%d مدونون معجبون بهذه: