مسؤول منشق فضح السوفيت وغيّر مستقبل الحرب العالمية

عقب حادثة اغتيال السياسي والثوري السوفيتي سيرغي كيروف (Sergei Kirov) مطلع كانون الأول/ديسمبر 1934، عاش الاتحاد السوفيتي على وقع أهوال التطهير الكبير الذي أودى بحياة عدد كبير من السوفيت ممن صنفوا بالخونة وأعداء البلاد. فخلال العام 1936، استغل جوزيف ستالين حادثة مقتل صديقه المقرب سيرغي كيروف، ليباشر بملاحقة وإعدام كل من حامت حوله بعض الشكوك حول كرهه أو معارضته للنظام الستاليني.

وإضافة للمدنيين وأعضاء الحزب، امتدت أعمال التطهير الستالينية لتبلغ الجيش وجهاز الشرطة السرية حيث لم يتردد ستالين في محاكمة وإعدام كبار الجنرالات والمسؤولين الأمنيين. ومقارنة بقائد المفوضية الشعبية للشؤون الداخلية نيقولاي يجوف (Nikolay Yezhov) الذي اعتقل وأعدم عام 1940، حظي المسؤول الأمني بشرق الاتحاد السوفيتي جينريك ليوشكوف (Genrikh Lyushkov) بحظ وفير حيث نجح الأخير في النجاة من التطهير الستاليني بفضل هربه من البلاد بالوقت المناسب.

استدعاء لموسكو

ولحدود العام 1938، مثّل جينريك ليوشكوف واحدا من أهم الوجوه بالمفوضية الشعبية للشؤون الداخلية المعروفة أكثر باسم أن كا في دي (NKVD). وقد تزعّم هذا الرجل الفرع المحلي لجهاز الشرطة السوفيتية بأقصى شرق الاتحاد السوفيتي وشارك بشكل فاعل في إرسال الكثير من السوفيت نحو الموت أثناء فترة التطهير الكبير الستاليني.

وبحلول العام 1938، تغيّر الوضع بالنسبة لجينريك ليوشكوف حيث تحوّل الأخير، حسب مفاهيم ستالين، من الطفل المدلل لجهاز الشرطة السرية فأصبح عدوا محتملا لستالين. وخلال شهر أيار/مايو 1938، أحسّ ليوشكوف بالخطر عقب تلقيه لأوامر بالتنقل على جناح السرعة للعاصمة موسكو لمناقشة أمر طارئ بمقر جهاز الشرطة السرية.

فأثناء تلك الفترة، كان جينريك ليوشكوف على دراية بتراجع مكانة قائد المفوضية الشعبية للشؤون الداخلية نيقولاي يجوف. وبسبب ذلك، تخوّف هذا المسؤول بجهاز الشرطة السرية من إمكانية اعتقاله وإعدامه في حال تنقله نحو العاصمة موسكو. وأمام هذا الوضع، فضّل ليوشكوف عبور الحدود والهرب نحو اليابان أملا في الحفاظ على حياته.

معلومات حساسة

خلال شهر حزيران/يونيو 1938، عبر ليوشكوف الحدود نحو منطقة منشوريا، التي كانت خاضعة لحكم اليابان منذ مطلع الثلاثينيات، قبل أن ينتقل للعاصمة طوكيو للقاء عدد من المسؤولين العسكريين اليابانيين.

باليابان، حظي ليوشكوف باهتمام كبير بسبب مكانته بجهاز الشرطة السرية. بالتزامن مع ذلك، وصف هذا المسؤول الأمني السوفيتي المنشق نفسه بعدو ستالين وأكد لليابانيين كرهه للسياسات الستالينية. وخلال الأشهر التالية، نقل ليوشكوف لليابانيين معلومات حساسة جدا عن عدد الجنود السوفيت بالشرق ومواقع تمركزهم بكل من أوكرانيا وسيبيريا وأقصى شرق الاتحاد السوفيتي.

في الأثناء، ذهل المسؤولون العسكريون اليابانيون عند سماعهم لأقوال ليوشكوف حيث كان حجم الجنود السوفيت بالشرق أكبر بكثير مما توقعته القيادة العسكرية اليابانية. وبسبب ذلك، فضّل الخبراء العسكريون اليابانيون تعديل خططهم مؤكدين على ضرورة تجنّب نزاع مسلح مستقبلي مع الاتحاد السوفيتي.

غيّر مستقبل الحرب العالمية وأعدم

بفضل معلومات ليوشكوف، تحاشى اليابانيون مهاجمة الاتحاد السوفيتي خلال الحرب العالمية الثانية. وخلال الأشهر التالية، رفضت اليابان المطلب الذي تقدم به هذا المسؤول الأمني المنشق لترحيله نحو الولايات المتحدة الأميركية.

أواخر الحرب العالمية الثانية، أكد المسؤولون العسكريون اليابانيون على ضرورة التخلص من ليوشكوف، الذي اطلع على كم كبير من الأسرار العسكرية اليابانية، خوفا من إمكانية وقوعه بيد السوفيت أثناء تواجده بالصين. وخلال شهر آب/أغسطس 1945، أقدم الجنود اليابانيون على إعدام ليوشكوف برصاصة في الرأس عقب فشلهم في إقناعه بالانتحار.

Original Article

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

%d مدونون معجبون بهذه: