مستقبل إدارة عملية التخلص من النفايات: التوجه نحو اقتصادٍ دائري

أنتجت مدن العالم أكثر من مليوني طن من النفايات في العام 2016، وفقًا للبنك الدولي. ويتوقع أن يصل إنتاج النفايات إلى 3.4 مليارات طن بحلول العام 2050 نتيجة لنمو عدد السكان وحجم المدن عالميًا.

وعلى المستوى العربي، يعد متوسط إنتاج النفايات في دولة الإمارات من أعلى المعدلات عالميًا، ويبلغ نحو 2.7 كيلوجرام من النفايات لكل شخص يوميًا.

ويمثل التخلص من النفايات بطريقةٍ صحيحة وآمنة عمليةً مكلفة جدًا ومعقدة، ويتضمن ذلك الجمع والنقل والدفن وإعادة التدوير ومعالجة مياه الصرف الصحي والمراقبة والتنظيم. وتستهلك الإدارة الصحيحة للنفايات نحو 25%-50% من ميزانيات البلديات، لكن نقص التمويل وغياب النظم القانونية تؤدي إلى معالجة النفايات بطريقة خاطئة فتتحول إلى مشكلةٍ كبيرة تهدد الاستدامة.

مشكلة مكبات النفايات

يجري التخلص من أغلب النفايات حاليًا في مكبات النفايات، ويتضمن هذا النهج سلبيات عديدة، مثل شغل مساحات واسعة والتحول إلى تهديدٍ بيئي. إذ تمثل مصدرًا للغازات الدفيئة مثل الميثان وثاني أكسيد الكربون بالإضافة إلى تلويثها للهواء والمياه الجوفية.

وتمثل النفايات غير القابلة للتحلل الحيوي، مثل الإلكترونيات والبطاريات والزجاج والبلاستيك، تهديدًا إضافيًا في مكبات النفايات. وتقترب معدلات تدويرها من الصفر خارج الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا. ويمكن منع كميات كبيرة من البلاستيك، الذي يمثل نحو 12% من إجمالي النفايات، وغيره من النفايات غير القابلة للتحلل من الوصول إلى مكبات النفايات أو الأنهار والمحيطات.

ويمثل حرق النفايات، سواء في المكبات أو غيرها، مشكلةً أخرى كبيرة. إذ تشير الأبحاث إلى أنه يجري حرق 40% من النفايات عالميًا، ما يسبب تلوث الهواء بالإضافة إلى أمراض الرئة وغيرها.

خفض معدل إنتاج النفايات

تعتمد مختلف الدول على سياسات متنوعة للتحكم في إنتاج القمامة في جميع المراحل وحتى التخلص منها، وتشمل حملات توعية المواطنين بضرورة الحد من إنتاج النفايات، وتطوير البنية التحتية مع تطوير القوانين الناظمة في هذا المجال.

ففي دولة الإمارات مثلًا، أقرت خطط طموحة لتقليل استخدام مكبات النفايات، وصولًا إلى معالجة 75% من النفايات الصلبة بحلول العام 2021. مع العمل أيضًا على استغلال النفايات في توليد الطاقة كجزءٍ من استراتيجية حكومية أشمل للتحول نحو اقتصاد دائري. ومن أمثلة عناصر هذه الاستراتيجية التخطيط لافتتاح أول محطة لتحويل النفايات إلى طاقة في الشارقة في العام 2021، واستخدام روث الإبل لإنتاج الوقود في مصنع أسمنت في رأس الخيمة.

وعلى الرغم من هذه المبادرات، ما زلنا نواجه تحديات عديدة مثل نقص الوعي البيئي وعدم كفاية النظم القانونية، إلا أن التقنيات الحديثة، مثل الحساسات والذكاء الاصطناعي والروبوتات، قد تقدم حلولًا واعدة وتحدث ثورة في عملية التخلص من النفايات. فما أبرزها

تحويل النفايات إلى طاقة

يسهم التقدم التقني في تعزيز مبادرات تحويل النفايات إلى طاقة التي تدعم الاقتصاد الدائري، ويشجع ذلك معالجة أنواع مختلفة من النفايات. وتعتمد أغلب المبادرات على حرق النفايات لتحويلها إلى طاقة كهربائية وحرارة ووقود. لكن هذا النهج يعاني من بعض السلبيات، مثل إنتاج الغازات السامة وإهدار مواد قابلة لإعادة الاستخدام. وتوجد تقنيات واعدة، تشمل عملية التحول الباردة المحفزة ونظام التغويز السريع وأنظمة النمو الرأسي العضوي، قد توفر الطاقة لمحطات معالجة النفايات مستقبلًا ما يقلل الحاجة إلى حرق النفايات.

استخدام الروبوتات

يمثل الفرز أصعب مراحل المعالجة الصحيحة للقمامة. وتنفذ هذه المهمة العمالة منخفضة الأجر في الدول النامية. وبدأ استخدام التقنية في عملية الفرز بالتزامن مع تطور الروبوتات. إذ تستخدم شركة زين روبوتيكس ومقرها هلسنكي الروبوتات لفرز المعادن والخشب من القمامة، وتستخدم شركة سويدية أخرى مزيجًا من الأشعة تحت الحمراء وتيارات الهواء لفرز البلاستيك من النفايات العضوية.

تقنية بلوكتشين

يتعلق جزءٌ كبير من مشكلة النفايات باتجاه الدول المتقدمة إلى تصدير نفاياتها إلى الدول النامية. لكن هذا لا يحل المشكلة بل ينقلها إلى مكانٍ آخر فحسب. وتستخدم شركة بلاستيكبانك الكندية تقنية البلوكتشين لتشجيع العملاء على إعادة تدوير نفاياتهم البلاستيكية من خلال تبديلها برموز بلوكتشين مؤمنة يمكنهم استخدامها في شراء سلع مختلفة. وبعد ذلك تعيد الشركة تدوير البلاستيك وتحوله إلى منتجات مختلفة. وتستطيع الشركات المشاركة في هذه المبادرة استخدام تقنية البلوكتشين لتتبع استثماراتها وتشجيع غيرها على الانضمام.

روبوتات نانوية تفرز النفايات

لا مكان لصناديق القمامة التقليدية في المنازل المستقبلية. لأن التخلص من النفايات سيبدأ في المنزل من خلال تحليل القمامة إلى مركباتها الكيميائية باستخدام تقنية إنفينيسايكل. وبعد ذلك تفرز الروبوتات النانوية هذه المركبات الدقيقة الإلكترونية وتجمعها كي تكون جاهزة لإعادة استخدامها في التطبيقات الصناعية.

أكشاك إعادة تدوير الإلكترونيات

بدأ إطلاق أكشاك إعادة تدوير الإلكترونيات فعلًا في الولايات المتحدة الأمريكية، وتديرها شركات خاصة مثل إيكو إيه تي إم، وتقدم حلًا لإعادة تدوير الإلكترونيات ما يمنع وصولها إلى مكبات النفايات. إذ يجري تجديدها وإعادة تدويرها كي تستخدم مجددًا. وحتى الآن، أنقذت أكشاك إعادة تدوير الإلكترونيات 14 مليون جهاز قبل وصولها إلى مكبات النفايات.

صناديق القمامة الذكية

تستخدم صناديق القمامة الذكية الروبوتات والحساسات والكاميرات والذكاء الاصطناعي لتحديد نوع النفايات، سواء كانت زجاجية أو بلاستيكية أو ورقية. وعندما تمتلئ تنبه شركة جمع النفايات. وتحل هذه الصناديق مشكلة الفرز وتجمع البيانات ما يدعم تطوير أنظمة ذكية للتخلص من النفايات. وتمثل مبادرة بين-إي نموذجًا لذلك.

روبوتات تعتمد على الطاقة المتجددة لتنظيف المياه من النفايات

كيف نحل مشكلة النفايات التي يجري التخلص منها في الأنهار والبحار والمحيطات؟ طورت أستراليا روبوتًا يستخدم الطاقة الشمسية والذكاء الاصطناعي لإزالة البلاستيك من المياه. ويسمى الروبوت يندي بلو، ويثبت فعالية الروبوتات مستقبلًا لإدارة النفايات وتنفيذ المهام التي تصعب على البشر.

والخلاصة أن التقنيات الحديثة ستكون ركيزة لحل مشكلة النفايات مستقبلًا. وإلى أن يتحقق ذلك، يجب توعية الناس كي يقللوا من معدل إنتاج النفايات مع تشجيع عمليات إعادة التدوير لتخفيض معدلات نمو مكبات النفايات.

The post مستقبل إدارة عملية التخلص من النفايات: التوجه نحو اقتصادٍ دائري appeared first on مرصد المستقبل.

Original Article

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

%d مدونون معجبون بهذه: