مسن قتل حاكماً روسياً حاول ضم فنلندا.. وانتحر

ما بين عامي 1809 و1917، مثلت فنلندا دوقية كبرى ذاتية الحكم بالإمبراطورية الروسية. وأثناء هذه الفترة، اتجه القيصر الروسي نيقولا الثاني، الذي استلم الحكم عام 1894 عقب وفاة والده ألكسندر الثالث (Alexander III)، سنة 1899 للبدء في حملة ترويس، أي جعلها ذات طابع ثقافي روسي، أملا في القضاء على استقلاليتها وجعلها مقاطعة روسية عادية.

لإنجاح عملية الترويس، علّق القيصر الروسي آماله على الجنرال نيقولاي بوبريكوف (Nikolay Bobrikov) الذي أرسل ليشغل منصب الحاكم العام الروسي لفنلندا.

ترويس فنلندا

إلى ذلك، نال نيقولاي بوبريكوف، المولود يوم 27 يناير/ 1839 بسانت بطرسبرغ، رتبة ضابط بالجيش الروسي عام 1858 قبل أن يخدم فيما بعد بمنطقة قازان ويصبح فيما بعد رئيس أركان إحدى الفرق العسكرية بنوفغورود. وعام 1869، نال بوبريكوف ترقية أصبح بموجبها عقيدا بالجيش وانطلق بالعام التالي للقيام بمهام خاصة لصالح الحرس الإمبراطوري بسانت بطرسبرغ ويتقرب بذلك من العائلة الحاكمة. وبحلول عام 1878، حصل بوبريكوف على ترقية أخرى أصبح بموجبها لواء.

عام 1898، كلّف القيصر الروسي نيقولا الثاني العسكري بوبريكوف بمهمة ترويس فنلندا تزامنا مع تعيينه حاكما عاما عليها. ومع استلامه لمهامه، أصدر نيقولاي بوبريكوف جملة من البيانات، كان أولها بيان شباط/فبراير، أمر من خلاله بتوحيد الجيش الفنلندي مع نظيره الروسي وإرسال الشبان الفنلنديين للعمل بالجيش الروسي كما سمح للمسؤولين الروس ومساعديهم بفنلندا باتخاذ قرارات وتطبيقها دون الرجوع للمشرعين الفنلنديين.

أيضا، أصدر بوبريكوف قرارا آخر جعل من خلاله الروسية اللغة الرسمية بالإدارات والمدارس والجامعات ومجلس الشيوخ الفنلندي.

اغتيال بوبريكوف

ومع اتخاذه لهذه القرارات وتوجهه لقمع حركات المعارضة بالحديد والنار، جذب بوبريكوف لنفسه عداء الشعب الفنلندي وعلى رأسهم القومي يوجين شومان (Eugen Schauman) الذي خطط لقتل الحاكم العام.

ومن خلال رسائل أخيرة تركها قبل تنفيذ عملية الاغتيال، أكد شومان على عدم انتمائه لأية منظمة أو مؤامرة منبها لتخطيطه وتنفيذه للعملية بشكل منفرد، كما اعتذر لوالده عما ارتكبه مؤكدا على قيامه بذلك من أجل وطنه. إلى ذلك، عانى شومان خلال السنوات السابقة وفقد عمله بسبب تراجع قدراته السمعية، كما واجه فترة صعبة تزامنا مع وفاة عشيقته التي أحبّها طيلة عشر سنوات.

مع فقدانه الأمل بالحياة، قرر شومان صب جام غضبه على بوبريكوف وتقديم خدمة لوطنه يتذكرها بفضلها الجميع قبل أن يرحل عن هذا العالم.

في حدود الساعة الحادية عشرة صباحا يوم 16 حزيران/يونيو 1904 بمقر مجلس الشيوخ الفنلندي، راقب شومان تحركات بوبريكوف عن كثب قبل أن يتقدم نحوه ويطلق عليه 3 رصاصات عند بلوغه الطابق الثاني. وبينما ارتدت الرصاصة الأولى عقب إصابتها لأحد أزرار معطف بوبريكوف، أصابت الثانية رقبته بخدوش قبل أن تستقر الثالثة بين أحشائه ومعدته. وبالتزامن مع ذلك، أطلق شومان رصاصتين على نفسه، عند مستوى القلب، ليسقط قتيلا في عين المكان.

عقب إصابته، دخل بوبريكوف قاعة اجتماعات مجلس الشيوخ ملطخا بالدماء ليتم نقله على جناح السرعة نحو المستشفى حيث لفظ أنفاسه الأخيرة ليفارق بذلك الحياة عن عمر ناهز 65 عاما.

خلال الفترة التالية، تحوّل شومان لبطل قومي بفنلندا حيث رفع الفنلنديون صوره، في تحد صارخ للسلطات الروسية، بالشوارع واعتبروه رمزا للمقاومة.

بأمر من السلطات الروسية، دفن شومان ليلا بقبر مجهول، لم توضع عليه أية هوية، بحضور عائلته المصغرة فقط. وعام 1906، استخرجت جثته لتقام لها جنازة حضرها الآلاف وتدفن بمقبرة عائلته.

Original Article

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

%d مدونون معجبون بهذه: