على حسب العديد من المؤرخين، يعود أصل فاكهة الأناناس للمناطق الواقعة قرب نهري الباراغواي (Paraguay River) وبارانا (Paraná River) ما بين البرازيل والباراغواي. وقد سجلت هذه الفاكهة الاستوائية انتشارها نحو الشمال بفضل السكان الأصليين قبل أن تبلغ لاحقا مناطق أميركا الوسطى والكاريبي.
وتماما كالعديد من الفواكه والخضراوات كالطماطم والفلفل والذرة، كانت فاكهة الأناناس غير معروفة بكل من أوروبا وآسيا وإفريقيا قبل فترة الاكتشافات الجغرافية التي قادت الأوروبيين لاكتشاف القارة الأميركية. إلى ذلك، لعب المستكشفون الأوروبيون ما بين القرنين السادس عشر والسابع عشر دورا بارزا في نشر هذه الفاكهة الاستوائية من العالم الجديد نحو العالم القديم. فسنة 1550، نقل البرتغاليون الأناناس من البرازيل للهند وخلال القرن السابع عشر كان للإسبان دور هام في نقل هذه الفاكهة نحو الفلبين.
كولومبوس يكتشف الأناناس
وقد حلت فاكهة الأناناس لأول مرة بأوروبا ما بين أواخر القرن الخامس عشر ومطلع القرن السادس عشر. ويعود الفضل في ذلك للمستكشف الإيطالي الأصل المنحدر من منطقة جنوة كريستوف كولومبوس (Christopher Columbus) حيث يصنف هذا المغامر الإيطالي ورفاقه كأول من تذوقوا هذه الفاكهة الاستوائية بمنطقة جزر غوادلوب (Guadeloupe) بالكاريبي أثناء الرحلة الثانية لكولومبوس.
وعلى حسب عدد من المؤرخين، حلّ كولومبوس ورفاقه بغوادلوب مطلع تشرين الثاني/نوفمبر 1493. وحال نزولهم، استقبلهم السكان الأصليون وقدّموا لهم هذه الفاكهة، كهدية ترحيب، لتذوقها. إلى ذلك، أعجب المغامر الإيطالي الأصل كثيرا بهذه الفاكهة الاستوائية واتجه لاصطحاب العديد منها معه أثناء رحلة عودته لإسبانيا بعد أن أطلق عليها اسم صنوبر الهنود (piña de Indes).
ولسوء حظ كولومبوس، تعفّنت أغلب حبات الأناناس أثناء رحلة العودة لإسبانيا حيث لم يتبق في النهاية سوى حبّة واحدة كانت كافية لإقناع الإسبان بالعودة نحو العالم الجديد للحصول على المزيد.
هستيريا الأناناس بأوروبا
خلال العقود التالية، حاول الإنجليز نقل هذه الفاكهة الاستوائية لزراعتها بوطنهم. إلى ذلك، كللت جميع المحاولات التي أجريت على مدار قرنين بفشل ذريع. وبحلول القرن الثامن عشر، تمكّن الإنجليز من تحقيق مبتغاهم بفضل طريقة الدفيئة الزراعية التي كانت عبارة عن خيم مصنوعة من مواد شفافة منفذة لأشعة الشمس خلقت مناخا مناسبا لنمو الأناناس.
بسبب صعوبة نقل هذه الفاكهة الاستوائية من المستعمرات بشمال القارة الأميركية نحو أرض الوطن، مثلت الأناناس سلعة نادرة وفاخرة لدى الإنجليز طيلة القرنين السادس عشر والسابع عشر. وقد أدى ذلك لارتفاع سعرها ليبلغ أرقاما قياسية مما جعلها حكرا على طبقة النبلاء والأثرياء والملوك الذين استخدموها غالبا لتزيين الطاولات بمآدب الطعام.
في الأثناء، أحب عدد هام من كبار ملوك أوروبا هذه الفاكهة الاستوائية وأعجبوا بها. فبفرنسا أعجب لويس الخامس عشر بالأناناس بعد أن قدّم الخدم له حبة منها نمت بحدائق فرساي، وبالإمبراطورية الروسية تذوّقت كاترين الثانية هذه الفاكهة بعد أن أمرت بزراعتها بإحدى حدائقها الخاصة.
وبإنجلترا، أعجب الملك تشارلز الثاني (Charles II) كثيرا بهذه الفاكهة الاستوائية واتجه لتلقيبها بفاكهة الملك وصنوبر الملك لمنحها قيمة هامة بالبلاد. كما استخدمت الأناناس أحيانا بالأغراض السياسية والدبلوماسية فتم اعتمادها كهدايا لتحسين العلاقات.
وخلال العام 1675، رسم الرسام الهولندي هندريك دنكيرتس (Hendrick Danckerts) لوحة شهيرة خلّد من خلالها الأناناس، والملك تشارلز الثاني حيث جسّدت اللوحة البستاني الملكي جون روز وهو بصدد تقديم أول حبّة أناناس نمت بإنجلترا للملك.
بفضل تطور طرق الزراعة وظهور السفن البخارية التي قصّرت المسافة بين أوروبا وأميركا، انتشر الأناناس بأوروبا وتراجعت قيمته فأصبح بذلك متاحا للعامة بأسعار متواضعة.