سنة 1912، عاشت الولايات المتحدة الأميركية على وقع مفاجأة انتخابية عجز كثيرون عن توقع حدوثها قبل أشهر من يوم الاقتراع.
فبشكل غريب، ترشح الرئيس السابق للبلاد ثيودور روزفلت "Theodore Roosevelt" الذي تولى مهام الرئاسة ما بين عامي 1901 و1909 للسباق الرئاسي لعام 1912 عن حزب جديد أنشأه لمقارعة الجمهوريين والديمقراطيين.
وانطلاقا من ذلك، شهدت البلاد مواجهة انتخابية حامية جمعت بين رئيس سابق تمثل في ثيودور روزفلت ورئيس مزاول لمهامه تمثل في وليام هاوارد تافت "William Howard Taft" والرئيس المستقبلي وودرو ولسن "Woodrow Wilson" والمرشح الاشتراكي يوجين دبس "Eugene Debs".
روزفلت يؤسس حزبه ويختفي
إلى ذلك، جاء ترشح ثيودور روزفلت ليشكل تحديا جديدا للحزب الجمهوري. فقبيل مغادرته للمنصب عام 1909، ساند روزفلت المرشح الجمهوري تافت مساهما في صنع فوزه على منافسه الديمقراطي وليام جيننغز بريان "William Jennings Bryan".
لاحقا، اختفى روزفلت لفترة طويلة بسبب رحلة صيد بإفريقيا قبل أن يعود مجددا خلال انتخابات عام 1912 محاولا الترشح عن الحزب الجمهوري بدلا من تافت.
وعلى حسب تصريحاته، أعلن روزفلت زوال ثقته بتافت فاتجه لتشويهه أثناء جولته للحصول على ترشيح الحزب الجمهوري فنعته بالرئيس السيئ وشبّه عقله بعقل فئران التجارب ووصف مساعديه بالراديكاليين والمرضى النفسانيين.
ومع فشله في الحصول على التأييد الكافي بمؤتمر الحزب الجمهوري بشيكاغو، اجتمع ثيودور روزفلت بعدد من أنصاره ومساعديه معلنا نشأة حزب جديد حمل اسم الحزب التقدمي "Progressive Party" ولقّب من قبل كثيرين بحزب أيل الموظ "Bull Moose Party".
وخلال الفترة التالية، أعلن روزفلت رسميا عن ترشحه لانتخابات عام 1912 كممثل عن حزبه الجديد الذي جذب اهتمام العديد من الأميركيين.
مرشحون آخرون
في الآن ذاته، تمكن وودرو ولسن، حاكم ولاية نيوجيرسي "New Jersey"، من كسب تأييد الحزب الديمقراطي بعد أن تغلب بشق الأنفس على منافسيه كما قدّم الحزب الاشتراكي الأميركي مرشحه يوجين دبس لخوض غمار انتخابات عام 1912.
من جهة ثانية، واجه الحزب الجمهوري العديد من المصاعب.
فمنذ البداية، شكك تافت في قدرته على الفوز خاصة مع ترشح روزفلت عن حزب آخر كما شهدت الفترة التالية أزمة أخرى لتافت حيث فارق نائبه جيمس شيرمان "James S. Sherman" الحياة بسبب المرض قبل أقل من أسبوع عن موعد الانتخابات.
حملة روزفلت
وأثناء فترة الحملة الانتخابية، تنقل المرشحون الأربعة بين مختلف الولايات وقدموا العديد من الخطب الحماسية التي حامت أساسا حول مختلف مشاغل الشارع الأميركي.
من جهته، قطع روزفلت مسافة قدرت بنحو 10 آلاف كلم أثناء تنقله بين 34 ولاية أميركية مقدما وعودا بتقليص ساعات العمل اليومية وتحسين ظروف العمل بالمصانع ومنح حق الانتخاب للمرأة كما تعرض لمحاولة اغتيال فاشلة بمدينة ميلواكي "Milwaukee" بولاية ويسكنسن.
فوز ولسن وروزفلت ثانيا
وخلال انتخابات عام 1912، قدّم ثيودور روزفلت أداء مميزا وفريدا من نوعه على الرغم من مضي أقل من عام عن نشأة حزبه الجديد. وقد أسفرت نتائج التصويت عن فوز وودرو ولسن والديمقراطيين الذين استغلوا انقسام الحزب الجمهوري بين تافت وروزفلت حيث حصل ولسن على أصوات نحو 42% من الأميركيين و435 صوتا بالمجمع الانتخابي مقابل حوالي 27% بالتصويت الشعبي و88 صوتا بالمجمع الانتخابي لروزفلت الذي حل ثانيا.
في مقابل ذلك، مثلت انتخابات 1912 فشلا ذريعا لتافت الذي خسر منصبه كرئيس للبلاد بسبب حصوله على نحو 23% من أصوات الأميركيين و8 أصوات فقط بالمجمع الانتخابي كما حل الاشتراكي دبس بالمركز الأخير بعد حصوله على 6% فقط بالتصويت الشعبي وصفر أصوات بالمجمع الانتخابي.