شهدت العلاقات الأميركية السوفيتية تدهوراً وفتوراً تزامنا مع فوز رونالد ريغن بالانتخابات الرئاسية الأميركية.
فمع فوز ريغن بكرسي الرئاسة عام 1980، تدهورت العلاقات الأميركية السوفيتية سريعاً بعد سنوات سجل خلالها تراجع واضح في حدة التوتر بين الطرفين.
فقد وصف ريغن الاتحاد السوفيتي في أحد خطاباته ببلاد الشيطان والشر على الأرض، وبالتزامن مع ذلك، وصف القائد السوفيتي ليونيد بريجنيف، وخلفه يوري أندروبوف، ريغن بالشخص العدائي واتهموا الأميركيين بالتحضير لهجوم نووي مباغت على الأراضي السوفيتية.
وبلغت حدة التوتر بين الطرفين عام 1983، أوجها وكادت أن تتحول لحرب عالمية ثالثة بسبب مناورات عسكرية أجراها حلف شمال الأطلس (الناتو) وعرفت بإيبل آرشر 83 (Able Archer 83).
مخاوف سوفيتية
إلى ذلك، وباجتماع سري مع عدد من المسؤولين السوفيت خلال أيار/مايو 1981، عبّر بريجنيف عن عميق قلقه من السياسة العدائية للرئيس الأميركي رونالد ريغن.
بالتزامن مع ذلك، عبّر قائد جهاز المخابرات السوفيتية يوري أندروبوف عن تخوّفه من استعداد الأميركيين للقيام بضربة نووية استباقية ضد أهداف داخل أراضي الاتحاد السوفيتي.
وللوقاية من هذا الهجوم المحتمل الذي تحدّث عنه أندروبوف، وضعت المخابرات السوفيتية خطة RYAN التي كانت عملية استخباراتية سعى من خلالها السوفيت لجمع معلومات حول نوايا الناتو والولايات المتحدة اعتمادا على شبكة جواسيس تمركزت أساسا على الأراضي البريطانية والأميركية.
خلال آذار/مارس 1983، أعلن ريغن تخصيص بلاده لمليارات الدولارات لمبادرة الدفاع الاستراتيجي التي ضمت نظام دفاع صاروخي كان من شأنه أن يعترض الصواريخ الباليستية العابرة للقارات.
في الأثناء، مثّل هذا القرار الذي اتخذه ريغن انتهاكا واضحا لمعاهدة الصواريخ المضادة للصواريخ الباليستية المبرمة بين الأميركيين والسوفيت في وقت سابق.
مناورات للناتو
وفي خضم هذا التوتر بين المعسكرين الشرقي والغربي، حلت أزمة المناورات العسكرية للناتو لتزيد الطين بلة.
فمنذ أواخر الستينيات، اعتاد حلف الناتو إجراء تمارين عسكرية ما بين سبتمبر ونوفمبر للتأكد من مدى جاهزية قواته المتمركزة بعدد من الدول الأوروبية.
وخلال العام 1983، أجريت هذه المناورات العسكرية بالتزامن مع تمارين إيبل آرشر 83 التي حاول من خلالها حلف الناتو تفقد ترسانة صواريخه بغرب أوروبا.
إلى ذلك، تضمنت هذه المناورات تمارين، تحاكي حرباً ضد حلف وهمي لقب بالحلف البرتقالي، واستعمل الناتو حينها هذه التسمية كغطاء تمويهي للإشارة لحلف وارسو.
آلاف الجنود
في الأثناء، تضمنت التمرينات عمليات نقل نحو 16 ألف جندي أميركي نحو أوروبا الغربية وشارك فيها ما لا يقل عن 40 ألف عسكري من حلف الناتو.
كما، شهدت هذه المناورات العسكرية عملية بيضاء وتمارين تحاكي تعرض كل من اليونان ويوغوسلافيا وفنلندا والنرويج لهجوم نووي وتدخل عسكري مباشر من قبل دول الحلف البرتقالي.
وبسبب خوفهم من هجوم مباغت محتمل على أراضيهم، أرسل السوفيت عشرات الطائرات المحملة بالقنابل الذرية نحو بولندا وألمانيا الشرقية ووضعوا عددا من صواريخهم المحملة بالرؤوس النووية على أهبة الاستعداد.
كذلك أرسلوا غواصات نووية نحو المنطقة القطبية الشمالية خوفا من إمكانية استهدافهم من قبل الأميركيين.
وعلى مدار أيام، كتم العالم أنفاسه خوفا من إمكانية اندلاع حرب عالمية ثالثة. لكن ولحسن الحظ، انفرجت هذه الأزمة تزامنا مع نهاية المناورات العسكرية لحلف الناتو خلال نوفمبر 1983.