ما بين الفترة الأخيرة من الحرب الأهلية وسنوات إعادة الإعمار، ناقش الكونغرس الأميركي مستقبل ملايين السود بالبلاد. فوسط أجواء مشحونة، اتجه كثيرون لإشراك العبيد المحررين بالحياة السياسية عن طريق منحهم حق الانتخاب. وقد أسفر ذلك عن تمرير التعديل الخامس عشر للدستور الأميركي عام 1870 الذي رفض إقصاء الأميركيين من الانتخابات حسب لون بشرتهم أو منزلتهم الاجتماعية سابقا.
إلى ذلك، جاء التعديل الخامس عشر للدستور ليثير مزيدا من حالة الاحتقان بالشارع الأميركي. فإضافة لمناصري العبودية والمؤمنين بتفوق البيض، استاءت شريحة هامة من المجتمع الأميركي من هذا التعديل حيث عبّر هؤلاء عن سخطهم من حصول السود على حق الانتخاب في مقابل تواصل حرمان النساء من هذا الحق وقد اضطرت الأميركيات للانتظار 50 عاما إضافية للحصول على قانون سمح لهن بالتوجه لصناديق الاقتراع.
مؤتمر سينيكا فولز
وللحصول على حق الانتخاب، مرت النساء الأميركيات بالعديد من المراحل الهامة كانت بدايتها مع مؤتمر سينيكا فولز (Seneca Falls) عام 1848. فأثناء هذا المؤتمر الذي حضره عدد هام من الأشخاص وعلى رأسهم لوكريسيا موت (Lucretia Mott) وإليزابيث كادي ستانتون (Elizabeth Cady Stanton)، تبنى المجتمعون إعلان حقوق المشاعر الذي طالب بالمساواة بين الرجل والمرأة ومنح الأخيرة حق الانتخاب. وقد لقي هذا الإعلان دعما من عدد من الشخصيات السياسية البارزة وعلى رأسهم الناشط الإفريقي الأصل المناهض للعبودية فريدريك دوغلاس (Frederick Douglass).
قانون وايومنغ
مع تمرير التعديل الخامس عشر، عاشت الحركة النسائية المطالبة بحق الانتخاب على وقع حالة من الانقسام فبينما طالب البعض بتعديل دستوري مشابه لصالح النساء طالب آخرون بالعمل على نطاق الولايات أملا في إرساء قوانين توافق بموجبها كل ولاية على حده بمنح حق الانتخاب للنساء.
وبسبب تمريرها لقوانين سابقة عام 1869 منحت حق الانتخاب للعنصر النسائي، أصبحت وايومنغ (Wyoming) عقب التحاقها بالاتحاد عام 1890 أول ولاية تمنح الأميركيات حق الانتخاب.
اعتقال الناخبات بنيويورك
عام 1872، لجأت بعض النساء للتصويت بالانتخابات بنيويورك بشكل مخالف للقانون. وكرد على ذلك، اعتقلت هذه الناخبات وأجبر بعضهن على دفع غرامات مالية قاربت قيمتها 100 دولار. وعام 1878، حاولت الناشطة السياسية سوزان أنثوني (Susan B. Anthony) تقديم مسودة مشروع قانون للكونغرس لمنح حق الانتخاب للنساء. وبعد جملة من المشاورات والخلافات، أسقط هذا المقترح بشكل رسمي عام 1887 وفشل في بلوغ أهدافه.
مشاكل عنصرية
عام 1896، اتحدت الحركات النسائية مجددا تحت سقف الرابطة الوطنية لمنح حق الانتخاب للمرأة واختيرت سوزان أنتوني رئيسة لهذه المنظمة كما شهد مطلع القرن العشرين انضمام مجموعة من النساء السود للمطالبة بحق التصويت لجميع الأميركيات دون تفرقة بين الأعراق لتظهر بذلك خلافات عنصرية حيث اتجهت النساء البيض لأكثر من مرة لعرقلة نظيراتهن السود ومنعهن من الالتحاق بالاجتماعات والمنتديات.
إنجازات غير مسبوقة
عام 1916، أسست كل من الناشطتين أليس بول (Alice Paul) ولوسي برنز (Lucy Burns) الحزب الوطني للمرأة واتجهن لتنظيم تظاهرة احتجاجية انضم إليها الآلاف خلال يوم الخطاب الافتتاحي للرئيس وودرو ولسن. وخلال آذار/مارس 1917، التحقت المرشحة عن الحزب الجمهوري عن ولاية مونتانا جانيت رانكن (Jeannette Rankin) بمجلس النواب الأميركي لتكون بذلك أول امرأة تشغل منصبا فيدراليا بتاريخ الولايات المتحدة الأميركية. وعام 1918، غيّر الرئيس ولسن موقفه فأصبح مساندا لقضية منح المرأة الأميركية حق الانتخاب عقب فشل رانكن في تمرير قانون تعديل دستوري حول ذلك الأمر.
التعديل الدستوري التاسع عشر
عام 1919، عادت أزمة منح حق الانتخاب للنساء للواجهة حيث حاول البعض إقرار تعديل أطلق عليه التعديل الدستوري التاسع عشر لضمان حق الانتخاب للمرأة الأميركية. إلى ذلك، احتاج هذا التعديل موافقة 36 ولاية على الأقل.
بادئ الأمر وافقت 12 ولاية فقط على التعديل فانتظر الجميع مطلع العام الجديد للحصول على دعم 5 ولايات أخرى كما حلّ شهر آذار/مارس 1920 ليشهد تطورا فريدا من نوعه حيث بلغ عدد المؤيدين للتعديل 35 ولاية. وبعد جدال أربك معظم المشرعين بمختلف الولايات، وافقت ولاية تينيسي (Tennessee) يوم 18 شهر آب/أغسطس 1920 على التعديل لتكون بذلك الولاية السادسة والثلاثين وتساهم بذلك في إقرار التعديل الدستوري التاسع عشر الذي عارضه بشدة عدد هام من رجال الأعمال وأصحاب المصانع والمحافظين ورجال الدين.
يوم 26 آب/أغسطس 1920، تمت رسميا المصادقة على التعديل التاسع عشر فحصلت بذلك أكثر من 20 مليون امرأة أميركية على حق الانتخاب صوّت 8 ملايين منهن بالانتخابات الرئاسية عام 1920.