أسفرت حادثة غرق السفينتين ريبولس وبرانس أوف ويلز عن مقتل 840 بحاراً بريطانياً وتحييد البحرية البريطانية بالمحيط الهادئ.
وعقب هجوم بيرل هاربر يوم 7 كانون الأول/ديسمبر 1941، فقدت الولايات المتحدة الأميركية جزءا مهماً من أسطولها البحري حيث تمكّن اليابانيون من إغراق وتخريب نحو 8 بوارج حربية أميركية إضافة للعديد من الطرّادات والمدمرات الأخرى التي كانت رابضة بالقاعدة البحرية.
مع تكبّد البحرية لهذه الخسائر الجسيمة، أصبحت بريطانيا الأمل الوحيد المتبقي لدول شرق آسيا حيث آمن الجميع حينها بقدرة بحريتها على مقارعة البحرية اليابانية.
في المقابل، بعد مضي 3 أيام فقط عن هجوم بيرل هاربر، تبددت هذه الأحلام، حيث تلقت البحرية البريطانية يوم 10 كانون الأول/ديسمبر 1941، ضربة موجعة عقب غرق الطراد ريبولس (HMS Repulse) والبارجة الحربية برانس أوف ويلز، أمير ويلز (Prince of Wales).
سفن حربية بمواصفات عالية
إلى ذلك، حلّت السفينتان الحربيتان ريبولس، التي زودت بمدافع بلغ عيار بعضها 381 ملم، وبرانس أوف ويلز، المزودة بمدافع بلغ عيار أبرزها 360 ملم، يوم 2 كانون الأول/ديسمبر 1941، في سنغافورة لتعزيز الدفاعات البريطانية بأوامر من رئيس الوزراء ونستون تشرشل الذي أمر بتشكيل الفرقة البحرية زاد (Z) لمواجهة الخطر الياباني المتنامي بالمنطقة.
واستقبلت هذه السفن في سنغافورة، بحفاوة وحظيت بترحيب شديد من القيادة العسكرية البريطانية بالمنطقة.
فخلال الأشهر السابقة، تحوّلت البارجة برانس أوف ويلز لإحدى أهم القطع البحرية البريطانية بفضل مشاركتها، رفقة الطراد هود (HMS Hood)، في ملاحقة وتخريب البارجة الألمانية الشهيرة بسمارك.
نهاية الهيمنة البريطانية على البحار
وانطلقت ريبولس رفقة مدمرتين نحو منطقة ميناء داروين (Port Darwin) يوم 5 كانون الأول/ديسمبر، لدراسة إمكانية إنشاء قاعدة بحرية بها.
وخلال اليوم التالي، استدعيت هذه السفن بشكل عاجل لتعود أدراجها عقب ورود معلومات حول وجود قوة عسكرية يابانية قرب الهند الصينية.
في حين أصرّ المسؤولون بالبحرية البريطانية على ضرورة التحاق الفرقة البحرية زاد بالسفن الأميركية، طالب ونستون تشرشل ببقائها بسنغافورة وملازمة الصمت لعدم جذب انتباه اليابانيين.
وفي خضم هذا الخلاف بين المسؤولين البريطانيين، اهتز العالم يوم 7 كانون الأول/ديسمبر 1941 على وقع هجوم بيرل هاربر الذي أسفر عن مقتل ما يزيد عن ألفي جندي أميركي.
إلى ذلك، علم الأميرال البريطاني توم فيليبس (Tom Phillips) ببداية إنزال عسكري ياباني بمنطقة كوانتان (Kuantan) الماليزية. وأملا في التصدي لهذا الإنزال، وجّه توم فيليبس الفرقة البحرية زاد شمالا للتصدي لقوات الإنزال اليابانية.
وبدلا من الاستعانة بالدعم الجوي لحماية سفنه، ارتكب الأميرال توم فيليبس خطأ قاتلا حيث تخلى الأخير عن الطائرات، لعدم جذب انتباه اليابانيين، مفضلا الاقتراب خلسة لمباغتة فرق الإنزال اليابانية وتوجيه ضربة قاضية لها.
في الأثناء، تمكّن اليابانيون من تحديد مكان هذه الفرقة البريطانية. وفي حدود الساعة الحادية عشرة صباحا يوم 10 كانون الأول/ديسمبر 1941، باشرت الطائرات الحربية باستهداف السفينتين الحربيتين ريبولس وبرانس أوف ويلز بوابل من "الطربيدات".
ساعتان من القصف
وعقب موجات قصف استمرت لنحو ساعتين، غرقت هاتان السفينتان ساحبتين معهما نحو 840 بحارا بريطانيا نحو قاع المحيط الهادئ.
في المقابل، تمكّنت جهود الإنقاذ، التي قادتها بعض السفن البريطانية القريبة فيما بعد، من إنقاذ نحو 1500 عسكري من طاقم ريبولس وبرانس أوف ويلز.
عقب حادثة غرق كل من ريبولس وبرانس أوف ويلز على يد اليابانيين، فقدت البحرية البريطانية هيمنتها على البحار وهيبتها التي كسبتها بفضل الأميرال هوراشيو نيلسون (Horatio Nelson) عقب معركة طرف الغار ضد البحرية الفرنسية عام 1805. فضلا عن ذلك، فتح هذا النصر العسكري الطريق لليابانيين لبسط سيطرتهم على مناطق واسعة من شرق آسيا.