عقب محاولات للتهدئة بين الملك البريطاني، جورج الثالث، والكونغرس القاري الذي ظهر رسمياً خلال شهر سبتمبر 1774، اندلعت بمستعمرة خليج ماساشوستس (Massachusetts Bay) يوم 19 أبريل 1775 أولى الموجهات ضمن حرب الاستقلال الأميركية. وقد شهدت حينها مدن ليكسنغتون (Lexington) وكونكورد (Concord) ولنكولن (Lincoln) وأرلنغتون (Arlington) بداية المناوشات المسلحة بين البريطانيين والمستعمرين الذين اتجهوا يوم 4 يوليو 1776 لإعلان استقلال المستعمرات الـ13.
واستمر هذا النزاع المسلح، الذي تلقت خلاله المستعمرات الـ13 دعماً هاماً من الفرنسيين والإسبان، لحدود العام 1783. فيوم 3 سبتمبر 1783، قبِل البريطانيون ببنود معاهدة باريس التي أسفرت عن اعترافهم بشكل رسمي باستقلال الولايات المتحدة الأميركية.
وقَبْل البريطانيين، مثّل المغرب إحدى أولى الدول التي اعترفت باستقلال الأميركيين. فعام 1777، ذكر المغرب لأول مرة في سجلاته الرسمية اسم الولايات المتحدة الأميركية، وذلك بعد مضي حوالي عام عن إعلان الأميركيين استقلالهم.
إلى ذلك، مثّل المغرب إحدى أبرز الدول التي صمدت في وجه الاحتلال العثماني محافظةً بذلك على سيادتها واستقلالها. وخلال فترة حكم الملك محمد الثالث، المعروف أيضاً بسيدي محمد بن عبد الله، التي استمرت ما بين عامي 1757 و1790، شهد المغرب تحولات اقتصادية واجتماعية هامة حيث شجّع الملك التجارة الدولية مؤكداً على ضرورة ذلك لكسب مكانة هامة على الساحة العالمية. فضلاً عن ذلك، كان محمد الثالث ملكاً متفتحاً فاتجه لرفض العبودية وخصص ميزانية لشراء حرية العبيد، مهما كانت ديانتهم، تزامناً مع زيادة تسلّط الأسياد عليهم.
من جهة ثانية، أولى محمد الثالث اهتماماً بالعسكر. فزاد من عدد جنود البحرية وضاعف عدد السفن الحربية وتمكّن من صد الأطماع الأوروبية بالسواحل المغربية واستعاد عدداً من المناطق من قبضة البرتغاليين.
وعلى الساحة الخارجية، تابع الملك المغربي هزيمة فرنسا واستيلاء بريطانيا على كندا كما تابع عن أيضاً أطوار الثورة الفرنسية وحرب الاستقلال الأميركية واتجه لإقامة علاقة دبلوماسية جيدة مع الدول الغربية.
خلال شهر ديسمبر عام 1777، وضع الملك المغربي محمد الثالث اسم الولايات المتحدة، التي كانت قد أعلنت استقلالها يوم 4 يوليو 1776، على قائمة الدول التي سمح لسفنها بدخول الموانئ المغربية. وبموجب ذلك، اعتُبرت المغرب واحدة من أولى الدول التي اعترف حاكمها بشكل مبكر باستقلال الولايات المتحدة الأميركية.
وأملاً في توسعة النشاط التجاري لبلاده على الصعيد العالمي، اتجه الملك المغربي، قبل اتفاقية باريس عام 1783، للبحث عن معاهدة صداقة مع الجانب الأميركي. فضلاً عن ذلك، خصص الكونغرس الأميركي بداية من العام 1784 عشرات آلاف الدولارات للدبلوماسيين الأميركيين بهدف مناقشة اتفاقيات صداقة مع عدد من دول البحر الأبيض المتوسط التي كانت من ضمنها المغرب. وخلال العام 1786، استُقبل الدبلوماسي الأميركي توماس باركلي (Thomas Barclay) بشكل رسمي بمراكش حيث باشر بالتفاوض والتشاور مع الملك ومساعديه حول خطة إبرام معاهدة صداقة بين الدولتين.
أواخر شهر يونيو 1786، وقّع باركلي، إضافةً للدبلوماسيين الأميركيين بأوروبا بنجامين فرانكلن وجون أدامز، مع ملك المغرب اتفاقية الصداقة الأميركية المغربية التي حملت الكتابة التالية بالعربية "الحمد لله هذا تقييد شروط الصلح التي جعلناها مع الماركانوس وأثبتناها في هذا الدفتر ووضعنا عليها طابعنا لتبقى مستمرة إن شاء الله وكتبت بحضرة مراكش في الخامسة والعشرين من شعبان المبارك عام مئتين وألف". ومنتصف شهر يوليو 1787، صادق الكونغرس الأميركي، المعروف حينها بالكونغرس الكونفدرالي، على هذه الاتفاقية.