هل انتهى عهد الدولة وعاد زمن العشيرة على أراضي السلطة الفلسطينية؟ أم هي ثقافة أصيلة لا تمحوها المدنية، لماذا برزت المجالس العشائرية مجددا، وعاد رجالها يتسيدون الموقف، يحكمون، يُبرّئون ويعاقبون باسم التقاليد التي أصبحت عرفا متّبعاً وحتى باسم الدين.
أهي سطوة القبيلة أم ضعف السلطة الفلسطينية. جرائم قتل وسطو واطلاق نار زادت في الفترة الأخيرة في الضفة الغربية، وتحذيرات من تطبيق شريعة الغابة، حيث يأكل فيها القوي حقوق الضعيف. وسط كل هذا أصبح كثيرون يتقدمون بشكواهم لدى المحاكم العشائرية والدينية بدلا من المحاكم القضائية، فهل فشل النظام المدني؟ هو السبب أم هي ظروف سياسية معقدة، تريد افشال الدولة وإنجاح قوانين العشيرة وفرضها بالقوة أحيانا والجهل، في غالب الأحيان.
أم أن الفساد وترهل أجهزة السلطة، هو ما عزز من موقع العشيرة على حساب الدولة وهيبتها وساعد في نشر القضاء العشائري؟ فريق مهمة خاصة تقصّى عن ظاهرة بدأت تتنامى في الفترة الأخيرة في شكل كبير في المجتمع الفلسطيني، القضاء العشائري الذي يطبّق قانون العشيرة يقدم حلول سريعة ولا يستغرق البت في الصراعات بين الناس وقتا طويلا، مقارنة مع سير القضاء العدلي البطيء والذي لديه قضايا عالقة منذ عشرات الأعوام.
لكن النظام العشائري غير رصين ويشوبه الكثير من الخلل، لأن الحكم العشائري ليس فيه أداة تنفيذية فاعلة، وهناك الكثير من الأحكام التي لا تراعي حقوق الإنسان وتعاقب العائلة برمتها على جرم ارتكبه أحد أفرادها، وحتى أن شيوخ العشائر ليس لديهم سيطرة على كل أفراد العشيرة. تلجأ السلطة أحيانا إلى القضاء العشائري لتطويق بعض الخلافات والنزاعات وتدعي أنها لا تملك سيطرة سياسية وميدانية على كامل الأراضي الفلسطينية، بينما يرى آخرون أن فساد السلطة وترهل أجهزتها، هو ما عزّز نفوذ العشيرة وساعد في نشر "قضائها" على حساب هيبة الدولة.