ابتكر مهندس سوداني، مقيم دولة الإمارات، جهازًا محمولاً يتيح المراقبة المستمرة لمرضى السكري وربطه عن بعد بشبكة معلومات المستشفى والطبيب؛ وذلك بهدف تتبع حالة المرضى الذين تتزايد أعدادهم في دولة الإمارات، وعموم دول الخليج العربية.
وقال المهندس محمد عثمان بلوله، لمرصد المستقبل، إن ابتكاره نظام للمراقبة والتحكم بالمرضى -عن بعد- باستخدام شبكة الهواتف النقالة، ويربط النظام بين المريض والمستشفى والأطباء والمشرفين على المرضى.
ويتكون النظام من ثلاث وحدات أساسية هي وحدة المريض، ووحدة قاعدة البيانات الاساسية والفرعية في المستشفى، وأخيرًا وحدة الطبيب. والتطبيق الأمثل لاستخدام هذا الجهاز، كما يقول مبتكره، الحالات المزمنة التي تتطلب متابعة خارج نطاق المستشفى.
ويراقب النظام حالة المرضى والمؤشرات الحيوية بشكل دائم، ويرسلها إلى قاعدة البيانات في المستشفى بطريقة تلقائية. وفي حال انخفاض أو ارتفاع السكري وفي حالات الطوارئ، يتصل النظام بأحد أقارب المريض أو الطبيب المباشر أو المستشفى، لإخطارهم بوضع المريض.
الاستفادة من الابتكارات السابقة المشابهة
وقال بلوله «بالطبع استفدت من الابتكارات السابقة؛ كون جميع الابتكارات في العالم تعمل بشكل متكامل لتقديم أفضل الخدمات للمجتمع، والفرق ساشع بين آلية عمل المشروع والأجهزة المتوفرة في السوق؛ إذ عملت على تطوير نظام متكامل للرعاية الصحية لمرضى الحالات المزمنة، وجهاز بنكرياس ومنظم إلكتروني لنسبة السكر في الدم، والنقاط المهمة التي أعمل عليها هي الدقة والجودة والتكلفة المنخفضة، بالإضافة إلى الحجم.»
وأضاف «لدي حاليًا أكثر من ستة وثمانين تصميمًا مختلفًا لجهاز وحدة المريض، وتعتمد على الخدمات المقدمة للمريض؛ لأن ذلك ينعكس على التكلفة الكلية للجهاز ومنح المريض حرية اختيار المنتج الذي يخدم احتياجاته.»
التقنيات المُطبَّقة
يستخدم الابتكار تقنيات متعددة ليتمكن من قراءة المؤشرات الحيوية للجسم من مختلف الأجهزة بتنوع تقنياتها سواءً من الأجهزة الموصولة بشكل دائم أو أجهزة الاختبار التقليدية؛ إذ تقوم وحدة المريض بقراءة نسب السكر في دم المريض من الأجهزة الموصولة بالوحدة بشكل سلكي أو لاسلكي ويمكن للمريض إدخال المعلومات يدويًا وتعتمد وحدة المريض على إرسال المعلومات عن طريق شبكة الهاتف النقال.
ويتضمن الابتكار، أيضًا، نظامًا ذكيًا يتصل هاتفيًا بأقارب المريض والجهات المسؤولة في حالة الطوارئ. ويتعرف النظام على المتصلين بوحدة المريض والمحمية بطريقة آمنة لضمان سرية المعلومات. وترسل وحدة المريض المعلومات إلى قاعدة بيانات المستشفى بانتظام.
هدف الابتكار
أصبح مرض السكري هاجسًا لدى كثير من الدول كونه من أكثر الأمراض انتشارًا في العالم، وأصبح الكل متأثرًا به بطريقة مباشرة؛ كالمرضى، أو بطريقة غير مباشرة؛ كأقارب المرضى. وأصبحت أيضًا تداعيات المرض كبيرة حتى على اقتصادات الدول التي تكثر فيها أعداد مرضى السكري.
وقال بلوله «لذلك يركز ابتكاري على حل المشكلات التي يواجهها مرضى السكري على المدى الطويل والتي تتمثل في تأثر الأعضاء الداخلية مثل الفشل الكلوي وأمراض العيون وأمراض أخرى مختلفة تنتج عن عدم انتظام نسب السكري في الدم لفترات طويلة.»
وأضاف أن «ابتكاره يساعد، أيضًا، في الحفاظ على حياة مرضى السكري عند الانخفاض المفاجئ لنسبة سكر الجلوكوز في الدم؛ وهو ما يمكن أن يسبب الوفاة، ويمثل هاجسًا مخيفًا لمرضى السكري يصعب حياتهم ويجعلهم في حالة قلق دائم، ويمنعهم من ممارسة بعض الأنشطة كالمشي أو الخوف من الانخفاض المفاجئ وبالذات عند النوم.»
التطبيقات المستقبلية
وقال بلوله إن «تطبيقات ابتكاره كثيرة ولذلك صممت أكثر من ستة وثمانين تصميمًا مختلفًا بخصائص مختلفة تتكيف مع احتياجات المرضى والمعالجين والأطباء.»
الفكرة والطموح
شكّلت وفاة المبتكر متأثرة بمرض السكري، ورؤيته للمعاناة التي يعيشها كثير من أهله ومعارفه منه دافعًا للمبتكر للانكباب على البحث والابتكار وتركيز جهوده على مساعدة المصابين به. وقال بلوله إن صعوبات متعددة واجهته في ابتكاره «وبالذات في التقنيات ذات العلاقة بالمجال الطبي.» ومع هذا فهو يطمح بلوله إلى تنفيذ «عدد من الابتكارات والاختراعات ومنها تصنيع جهاز بنكرياس ومنظم إلكتروني لنسبة السكر في الدم، ومحاولة خفض المضاعفات الجانبية الناتجة عن مرض السكري عن طريق التحكم في مستويات السكر في الدم والحملات التوعوية لمخاطر مرض السكري.»
مستقبل القطاع
وقال بلوله «أنا مهندس معدات طبية وأعمل في مجال الابتكار لذلك تحدثت عن أهمية الابتكار وأهمية مجال الهندسة الطبية واستشهدت بأزمة فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19) التي أظهرت أن العالم لم يكن يهتم بالابتكار والهندسة الطبية بالقدر المناسب.»
وبين إن «الأزمة العالمية التي شهدناها، مؤخرًا، بسبب جائحة فيروس كورونا المستجد، أثرت على جميع دول العالم، وبالذات في المجالين الاقتصادي والصحي، وكانت لها تداعيات كثيرة. ولو ركزنا على الفترة التي شهدت إغلاق كامل لجميع دول العالم وعملت كل دولة بشكل مستقل للاستفادة من علمائها وخبرائها ومواردها الذاتية لتوفير حلول وابتكارات لكان حجم الخسائر التي أثرت على جميع نواحي الحياة أقل.»
وأضاف إن «أهمية الاختراعات والابتكارات في المجال الطبي أصبحت جلية لكل العالم لأن تأثيراتها تنعكس بشكل واضح في صحة المجتمع الذي أصبح مرتبطًا بالاقتصاد، ويجب أن نكون جاهزين للأزمات والكوارث القادمة على مستوى العالم، وعلى كل دولة العمل على الاكتفاء الذاتي في المجال الصحي من خلال رفده بالكوادر الطبية والعلماء والمصانع ومراكز الأبحاث.»
نبذة عن المبتكر
ولد المهندس محمد عثمان بلوله في العام 1981 في مدينة أبو ظبي، وحصل على درجة الإجازة في مجال الهندسة الطبية في العام 2009 من جامعة عجمان. وبدأ مسيرته المهنية في 2003، وذلك عبر انضمامه إلى شركة سكاي لاين التجارية التي عمل فيها ضمن مجال المبيعات حتى 2009، وهو ذات العام الذي أنهى فيه دراسته الجامعية. وانضم إلى جامعة عجمان؛ حيث يعمل مساعد مدرس في مجال الهندسة الطبية منذ أكتوبر/تشرين الأول 2010 وحتى الآن.
وشغل بلوله مناصبًا جامعية عدة؛ منها نائب رئيس مجلس الخريجين في جامعة عجمان لمدة أربعة شهور في العام 2014، وبعد ذلك أصبح رئيسًا لمجلس الخريجين في الجامعة ذاتها ما بين 2014 و2017. وبعد ذلك، شَغِل منصب نائب مدير مركز جامعة عجمان للابتكار بدءًا من 2017 حتى الآن.
وبالإضافة إلى عمله الأكاديمي والجامعي، يمتلك بلوله خبرةً في مجال العمل المجتمعي؛ إذ تم تعيينه سفيراً للموهوبين في السودان، وذلك بدءاً من 2015 حتى الآن، كما أنه سفير الاتحاد الوطني السوداني لأصحاب الإعاقات الحركية.
جوائز
حصل بلوله على عدد من الجوائز والتكريمات أبرزها اختياره في تصنيف مجلة أريبيان بزنس في قائمة أقوى 500 شخصية عربية تأثيرًا في العالم للعام 2012 و2013 – بتصنيف عالم ومخترع.
تكريم خاص من المجلس الطبي العالمي بجائزة الانجازات القياسية لمهندس معدات طبية شاب.
جائزة أريبيان بزنس للعلوم والابتكارات للعام 2011.
المركز الأول في مسابقة طموحات شباب في تلفزيون الشارقة، العام 2011.
المركز الاول في فئة أفضل مشروع في مسابقة تطوير البرمجيات في جامعة ولونغونغ الأسترالية، العام 2010.
جائزة أفضل مشروع في الهندسة في المؤتمر العلمي الطلابي الخامس، العام 2009.
سفير الموهوبين، العام 2010.
سفير أصحاب الهمم، العام 2015.
تكريم وعضوية فخرية من جمعية المهندسين الطبيين السودانيين، العام 2018.
ابتكارات
بالإضافة إلى ابتكار نظام المراقبة والتحكم بمرضى السكري عن بعد، تمكن بلوله من ابتكار لوحات التحذير من الضباب بمواقع التواصل الاجتماعي، وابتكار تطبيق تدريب الحج والعمرة بالواقع المعزز، ومؤخراً ابتكر الروبوت كوفيد 19 روبوت.
The post مهندس سوداني في الإمارات يبتكر نظاماً لحماية مرضى السكري عن بعد appeared first on مرصد المستقبل.