رغم أنه يدافع عن ألوان ريال مدريد منذ 10 أعوام وسيحتفل في سبتمبر المقبل بميلاده السابع والثلاثين، ما زال صانع الألعاب الكرواتي لوكا مودريتش مركز الثقل في العملاق الملكي ويمني النفس بإثبات ذلك مجدداً الثلاثاء حين يحل فريقه ضيفاً على مانشستر سيتي الإنكليزي في إياب نصف نهائي دوري الأبطال.
كانت التمريرة التي قام بها بالجهة الخارجية لقدمه اليمنى فاتحاً بها الطريق أمام زميله البرازيلي رودريغو لتقليص الفارق أمام تشيلسي الإنجليزي 1-3 في الدقيقة 80 وجر الفريقين الى التمديد في إياب ربع النهائي، لمحة عما باستطاعة "كرويف كرواتيا" أن يقدمه في فريق يعيش تحت وطأة الضغوط يوماً بعد الآخر بسبب وزنه محلياً وقارياً.
بالنسبة لصحيفة "أس" الرياضية "دعونا نضعه في متحف برادو!" وفق ما كتبت إشادة منها باللمحة الفنية الرائعة للنجم الكرواتي الذي لا يعرف معنى للتقدم بالعمر.
وفي وقت أظهر رفيقاه الألماني توني كروس والبرازيلي كازيميرو انخفاضاً طفيفاً في المستوى، لا يزال صاحب الكرة الذهبية لعام 2018 يتوهج في خط وسط فريق المدرب الإيطالي كارلو أنشيلوتي.
وبعدما صُنِفَ بـ"أسوأ تعاقد في تاريخ ريال مدريد" عند وصوله الى "سانتياغو برنابيو" عام 2012، عمل مودريتش على تطوير طريقة لعبه ليصل بعد 10 أعوام كي يكون أحد أفضل صانعي الألعاب في تاريخ النادي الملكي.
في 12 أبريل، وقفت جماهير "سانتياغو برنابيو" لتصفق طويلاً مع الهتاف باسمه، اعترافاً منها بالدور الذي لعبه من أجل انقاذ ريال من الخروج على يد تشيلسي من ربع النهائي.
ما هي أسباب هذا الشباب الأبدي؟ حياة شخصية منظمة وبعيدة عن صخب المشاهير منذ وصوله الى مدريد عام 2012، نظام غذائي منظم مع طباخ شخصي يعيش معه في منزله الواقع في حي لا موراليخا الراقي شمال شرق العاصمة، الترفيه عن نفسه بشكل مسيطر عليه مثل احتساء الجعة بعد المباريات من وقت لآخر، واستعداد بدني على أعلى المستويات.
وكشف مدربه الشخصي لقرابة سبع سنوات، فلاتكو فوشيتيتش، بالتفصيل في منتصف أبريل خلال مقابلة مطولة مع صحيفة "يوتارنيي" الكرواتية أسرار قدرة تحمل النجم الكرواتي رغم تقدمه بالعمر.
وقال إن "مفتاح نجاحه هو أنه يحافظ على لياقته باستمرار. نحاول الحرص على ألا يكون هناك تغييرات كبيرة وأن يحافظ دائماً على 85 الى 100 بالمئة من وضعه البدني. وهذا ما يجعله قادراً على تحمل 120 دقيقة من المجهود على أعلى المستويات مثلما حصل ضد تشلسي (إياباً بعد التمديد)".
وتابع "قبل كل مباراة وكل جلسة تدريب، يتمرن 30 دقيقة بشريط مطاطي. تصبح عضلاته أكثر مرونة، كما لو كان على نوابض. وفي نهاية المباريات، يواصل الجري متكئاً على الجزء الأمامي من قدمه".
وكشف أنه "طالما تتكئ الى الأمام (في حركات القدمين خلال الجري)، فإن خطر الإصابة أقل بكثير"، معتبراً أن "بإمكانه اللعب لمدة سنتين أو ثلاث سنوات بهذه الكثافة".
لكن ذلك "إذا كان بالطبع مستعداً ليضحي بحياته الشخصية من أجل كرة القدم".
يصل الكرواتي لنهاية عقده في يونيو المقبل، لكنه في طور المفاوضات مع إدارة الرئيس فلورنتينو بيريس من أجل التمديد وفقاً للصحافة.
وقبل فوز ريال على مضيفه إشبيلية القوي 3-2 في 17 الشهر الحالي ضمن منافسات الدوري المحلي الذي بات النادي الملكي بحاجة الى نقطة من مباراته السبت ضد إسبانيول كي يتوج بلقبه، قال أنشيلوتي "لا أعرف متى، لكني أعتقد بأنه سينهي مسيرته هنا. إذا أراد التمديد، فلا مشكلة لدينا (كجهاز الفني) أو عند النادي، بل على العكس نحن نريده جميعنا".
وتوقع الإيطالي الخبير الفائز بلقب دوري الأبطال ثلاث مرات "بقاءه. إنه يعتني كثيراً بنفسه. لم يتعرض أبداً لأي إصابات خطيرة في مسيرته، وهذا يساعد كثيراً".
وتابع ""كنت أعرف أسطورة كرة قدم أخرى، مالديني (في إشارة الى اسطورة ميلان باولو مالديني) الذي فاز بآخر دوري أبطال له في سن الأربعين (في عام 2007). إذا كان عليَّ مقارنته بآخر، فسيكون معه (مالديني): لجودته، جديته، وبطريقته في فهم كرة القدم… إنهما أسطورتان".
وبعد منحه فرصة لالتقاط أنفاسه في الفوز المحلي على أرض أوساسونا 3-1 في منتصف الأسبوع، سيكون مودريتش من دون شك الثلاثاء في ملعب سيتي ضمن التشكيلة الأساسية للنادي الملكي الذي توج بألوانه بأربعة ألقاب في المسابقة القارية، مع الأمل بإحراز خامس ما يقربه أكثر فأكثر من مكانة أساطير مثل مالديني ويجعله يعادل رقم زميله السابق البرتغالي كريستيانو رونالدو.
وفي حال بقي مودريتش في هذا المستوى، قد يحصل مستقبلاً على فرصته أيضاً لمعادلة الرقم المطلق لكأس الأندية الأوروبية البطلة ودوري الأبطال معاً والمسجل باسم الإسباني فرانسيسكو خنتو الذي أحرز جميع ألقابه الستة مع ريال بالذات بين 1956 و1966.