خلال العقود المنقضية، واجهت المناطق الواقعة بالشمال الشرقي للقارة الأميركية والمطلة على غرب المحيط الأطلسي العديد من الأعاصير المدمرة التي خلفت، ما بين القرن العشرين والواحد والعشرين، عشرات آلاف القتلى وخسائر مادية قدرت بعشرات المليارات من الدولارات. وإضافة لإعصار فلورا (Flora) عام 1963 الذي خلف أكثر من 7 آلاف قتيل بالكاريبي وفلوريدا وإعصار فيفي أورلين (Fifi–Orlene) الذي ضرب وسط القارة الأميركية والمكسيك وجامايكا عام 1974 وخلّف نحو 8 آلاف قتيل، يذكر التاريخ إعصار ميتش (Mitch) الذي عصف بوسط القارة الأميركية وجنوب فلوريدا عام 1998 مخلفا خسائر فادحة صنّف بسببها كأسوأ إعصار بالمنطقة منذ فترة الإعصار الكبير لعام 1780.
خسائر جسيمة بالهندوراس
وقد بدأ الإعصار ميتش الظهور كعاصفة استوائية يوم 22 تشرين الأول/أكتوبر 1998 قبل أن تتزايد شدته ليتحول لإعصار من الدرجة الخامسة على مقياس سفير سمبسون للأعاصير (Saffir–Simpson Hurricane Scale) بحلول السادس والعشرين من نفس الشهر.
خلال تلك الفترة، بلغت سرعة رياح إعصار ميتش 180 ميلا في الساعة. ومع مروره بالهندوراس وتدميره لأجزاء هامة منها، واصل هذا الإعصار طريقه ليمر بخليج كامبيشي ويحط الرحال بولاية فلوريدا الأميركية ما بين يومي 4 و5 نوفمبر من نفس العام.
إلى ذلك، صنفت كل من الهندوراس ونيكاراغوا ضمن قائمة الدول الأكثر تضررا جراء إعصار ميتش. فبالهندوراس، أسفرت الفيضانات والانزلاقات الأرضية، التي تسببت فيها كميات الأمطار الهائلة، في جرف قرى بأكملها، كما أسفرت أيضا عن إفساد المحاصيل وتخريب البنية التحتية للبلاد. وعلى حسب رئيس الهندوراس حينها كارلوس روبيرتو فلوريس، أعاد الإعصار ميتش البلاد 50 سنة للوراء. إلى ذلك، أدى هذا الإعصار لسقوط عدد كبير من القتلى بكل من الهندوراس ونيكاراغوا. فبمنطقة بوسولتيغا (Posoltega) لوحدها، توفي ما يزيد عن ألفي شخص بسبب الفيضانات.
وبالهندوراس، أدت السيول الجارفة لتدمير 35 ألف منزل وألحقت أضرارا جسيمة بخمسين ألفا آخرين. وبسبب ذلك، وجد 1.5 مليون شخص، أي ما يعادل 20% من سكان البلاد، أنفسهم في العراء بلا مأوى. وقد أسفرت هذه الكارثة عن خسائر مادية تجاوزت قيمتها 4 مليارات دولار بالهندوراس حيث دمرت العديد من الطرقات والجسور وخربت شبكات توزيع المياه ليجد بذلك نحو 70% من سكان البلاد أنفسهم مهددين بالعطش.
أسوأ إعصار مند أكثر من 200 عام
وبكوستاريكا، تسببت الانزلاقات الأرضية، جراء الإعصار ميتش، في تدمير عدد كبير من المنازل ليجد بذلك آلاف الأشخاص أنفسهم بلا مأوى. وببقية مناطق الكاريبي، ألحق ميتش أضرارا جسيمة بكل من جامايكا وكوبا حيث دمرت الأمطار الغزيرة منازل عديدة وأجبرت السياح على مغادرة البلاد بشكل عاجل متسببة بذلك في خسار جسيمة لقطاع السياحة.
وبولاية فلوريدا الأميركية، ألحقت الأمطار أضرارا بمئات المنازل وتسببت في مقتل شخصين وإصابة 65 آخرين. فضلا عن ذلك، أدت الرياح القوية لقطع الكهرباء عن أكثر من 100 ألف شخص وكبدت الولاية خسائر فاقت قيمتها 40 مليون دولار.
على حسب مصادر تلك الفترة، أدى إعصار ميتش عام 1998 لمقتل ما يزيد عن 11 ألف شخص وكبّد الدول المتضررة خسائر فاقت قيمتها 6 مليارات دولار ليصنّف بذلك كثاني أسوأ إعصار ضرب الجزء الغربي من المحيط الأطلسي بعد إعصار عام 1780 الذي أودى بحياة ما يزيد عن 20 ألف شخص.