ناشطون للعربية.نت.. يوم الوعل رمز لمواجهة مغتصبي اليمن

أحيا شباب يمنيون ذكرى يوم الوعل، رافعين شعار (المجد "للأقيال"). ويعد الوعل من أهم الحيوانات في اليمن القديم، بوصفه رمزاً للحضارة اليمنية قبل الإسلام. وأكد ناشطون في حديثهم لـ "العربية.نت" أن استدعاء قصة الوعل له دلالة حاضرة، معتبرين بأن رفع صور للوعل كشعار قومي هو بمثابة رسالة مضادة لكل شعارات الموت والارتهان وأفكار الظلام والاستعباد والاصطفاء الإلهي التي خنقت بحسبهم عنفوان الذات اليمنية الجسورة.

وعلى الرغم من أن قصة الاحتفال كانت قبل أيام من انقطاع الإنترنت في اليمن، إلا أن المنشورات عادت بقوة بعد أن قرر الآلاف من اليمنيين مواصلة إحياء يوم الوعل اليمني بوصفه ذكرى تصادف الـ22 من يناير من كل عام.

الأقيال حركة قومية مضادة للفكر الحوثي

هذا، واحتدمت معارك حادة على منصات السوشيال ميديا، بين مؤيدين للاحتفاء بهذا الموروث التاريخي، ومعارضين منحازين إلى إيديولوجيات مناهضة.. وظهرت حركة وطنية قومية أطلقت على نفسها "الأقيال"، وهي حركة مضادة للفكر الحوثي. برزت ضمن دعوات إعلامية ولها نشاط اجتماعي على الإنترنت وحضور رمزي على أرض الواقع.

رد فعل للبطش الحوثي والسلالة الظلامية

وقد جاءت حركة "الأقيال" بحسب الدكتور حبيب عبدالرب سروري، كرد فعل للبطش الحوثي، والسلالية الإمامية التي يستند عليها. هدفها المُعلن محاربة المرجعية الدينية السلالية الظلامية لحركة الحوثة، وتجذير مرجعية أخرى آتية من زمن حضارة يمنية قديمة عظيمة سبقت الإسلام. ويلفت سروري إلى أنه "من إيجابيات حركة الأقيال إذكاءها حب اكتشاف تفاصيل التاريخ اليمني القديم قبل تقويضه بعد مجيء الإسلام.

أمجاد التاريخ في مواجهة مغتصبي الأرض

إلى ذلك، اعتبر البعض أن نداءات "الأقيال" تحمل طابعاً عنصرياً مثل حركة الحوثيين كونها تنادي بالتفرقة بالنسب والجذور، إلا أن الكاتب عبدالعزيز البتيك، يرى أن ظهور فكرة الأقيال أمر طبيعي، مضيفاً: "لا مبرر للهجوم عليها أو انتقاصها. ففي وقتٍ ظهرت فيه جماعة تغتصب الأرض، وتستفرد بالحكم والدولة وكل شيء، وتدعي أن كل ذلك بتكليف إلهي، وبأننا جميعاً موجودون لخدمتها، فمن المعقول أن تظهر حركة قومية مضادة لها، تستحضر التاريخ، وتتغنى بالأمجاد، تنادي بالعودة إلى الأصل وإلى الهوية، وتقف تماماً على النقيض من تلك الجماعة، وقد تمارس العنصرية على تلك الجماعة بشكل أكبر مما مارستها الجماعة عليها".

هكذا يتشابه الوعل مع صفات اليمنيين

وبالعودة إلى حكاية الوعل الذي اختارته حركة "الأقيال" شعاراً، كونه يحمل رمزية تاريخية متوارثة وذكرى خالدة في الوجدان اليمني، ووفقاً للناقد اليمني الدكتور قائد غيلان، فإن الوعل هو رمز ديني في الأصل، فقد عَبدَ اليمنيون القمر، واتخذوا قرن الثور وقرن الوعل رموزاً دينية، لما تمثله تلك القرون من شبه شكلي بالهلال معبودهم في السماء، مشيراً الى أن اختيار اليمني القديم للوعل وتجسيده في أغلب النقوش والتماثيل والآثار والعملات النقدية المكتشفة ليس محض صدفة بل كان عبقرية وذكاء وبُعدا ودراسة وتقصيا حثيثا، لتشابه صفات الوعل مع شخصية اليمنين.

انتقال العبودية… استبدال عمامة السيد بعمامة الشيخ

بينما يعتقد الكاتب اليمني حسين الوادعي، أن لا جدوى من إحياء الموروث الحضاري عبر رمزية الوعل، ولايرى أنها فكرة مناسبة قادرة على مصارعة الفكر الحوثي، وأن استبدال عمامة السيد بعمامة القيل (الشيخ) لا تفعل وفق رأيه سوى نقل العبودية من مستعبد إلى آخر"، ويضيف الوادعي: "أكبر مشاكل اليمنيين هي راهنية الماضي واستمراره ومصادرته للحاضر والمستقبل. أما مقاومة حركة عنصرية ورجعية وكهنوتية كالحوثية فلا يمكن أن تكون بنفس أدواتها".

وأشار إلى أن "استدعاء رمزية الوعل قد تكون مفيدة على المستوى السياحي لصناعة أزياء عليها نقش الوعل، لكنها لا تصنع وعياً ولا هوية. فترميم الذات يحتاج الى مشروع وطني وقيم وطنية حديثة حيث تبنى الهويات المعاصرة على المشاريع المستقبلية والتفكير العلمي والإبداع التقني ومفاهيم المواطنة والعلمانية والحداثة".

هذه الإيديولوجيات فرقت جهود اليمنيين

بينما يعتبر الكاتب عمار التام أن الوعل معناه استدعاء مشرف لسيرة أجدادنا الأقيال الفاتحين بالسيف والقلم في القارات الثلاث.. وأن حب اليمن والاعتزاز بها لا يجتمع بالقبول والتماهي مع خرافة الإمامة في قلب يمني أبداً. ويكمل: "رمزية الوعل تعني التحلل من كل الهويات والإيديولوجيات التي فرقت جهود اليمنيين، ومزقت نسيجهم الاجتماعي، وأن علينا الاجتماع على الهوية اليمنية الجامعة على أساس الدين الصحيح والتاريخ العريق والجغرافيا الملهمة لاستعادة المجد بإقامة الدولة اليمنية على قاعدة الهوية والقومية التي تجسد روح وشخصية الأمة اليمنية العظيمة".

ملك متحزب ورمز خالد

وفي السياق نفسه، نشر الناشط راغب القرشي، صورة لأحد الملوك اليمنيين يدعى "الصعب بن الحارث الرائش ذي مراثد بن عمرو الهمال ذي مناح بن عاد"، وهو متحزب بقرنيه، قرني الوعل، ذلك الرمز الخالد لليمنيين قبل دخولهم سنوات الضياع والتيه.

الوعل : خصائص نفسية وجسدية وأخلاقية

ووفقاً للناشطين، فإن تخصيص يوم للوعل اليمني يأتي كمفردة من مفردات استلهام الذات اليمنية، بكونه يتواجد في معظم أشكال الرسوم والتماثيل ونقوش المسند العربي، ويعتبر رمز الرب عثتر والقمر وعم، وغيرهم من أرباب اليمن القديم، مشيرين إلى أن للوعل خصائص نفسية وجسدية وأخلاقية تجعله متفرداً مميزاً عن باقي المخلوقات القوية، فهو لا يعتدي على الآخرين، ويتمتع بحس متقدم من الحرية والاعتداد بالذات، إذ يصعب تدجينه، ولا يرضى أن يطوّقه سور أو مزرعة.. ما يجعل منه فرداً فاعلاً ضمن جماعة حصينة لديها قائد مهاب تتفاهم فيما بينها بلغة العيون كأنها تنفذ خطة مُتّفقاً عليها مسبقاً.

Original Article

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

%d مدونون معجبون بهذه: