تمر السنوات وتبدأ ملامح الشيخوخة في الظهور عليناً. فلا مفر من التقدم بالسن. ومنذ العام 2015، شهدنا نقلة علمية نوعية وغير مسبوقة فيما يتعلق بالأقراص التي تكافح الشيخوخة وتبطئ وتيرتها.
وفي الجديد بحسب ما نشرته دورية Scientific Reports نقلاً عن دراسة أجرتها جامعة ليستر الإنجليزية، استطاع العلماء تحسين فاعلية وسلامة أدوية "مُحلل الشيخوخة" لعلاج الأجسام المضادة بدقة تسمح باستهداف الخلايا المختلة وظيفياً دون أن تتعرض الخلايا السليمة للأذى.
الخلايا الشائخة
كما تكمن الإمكانات الهائلة للعلاج المضاد للشيخوخة في قدرتها على استهداف ما يُعرف بالخلايا الشائخة، أي تلك التي فقدت قدرتها على الانقسام والتراكم في الجسم وتسريع عملية الشيخوخة.
وفي حين أن تراكم الخلايا الشائخة يعد جزءاً طبيعياً من عملية التقدم في السن، فقد حقق العلماء بعض الخطوات المثيرة حول كيفية إزالة هذه الخلايا من الجسم باستخدام الأدوية المعدة لهذا الغرض.
"الفترة الصحية"
وثبت أن أدوية "مُحلل الشيخوخة" تعمل على تجديد الخلايا القديمة في القوارض، وتزيد من عمرها أيضاً، في حين تم إحراز تقدم واعد أيضاً في استخدامها لتحسين ما يُعرف بـ"الفترة الصحية"، أو مقدار حياة الفرد التي يقضيها بصحة جيدة.
كما شهد الشهر الماضي عرض نموذج مثير للدهشة، حيث أوضح العلماء كيف يمكن لأدوية "مُحلل الشيخوخة" أن تزيل الخلايا الشائخة في العمود الفقري لحيوانات (أجريت عليها تجارب) في أعمار متقدمة وخلق مساحة لخلايا جديدة صحية لتزدهر، مما يزيد من احتمالية العلاج الجديد لآلام الظهر المزمنة لدى البشر.
إطلاق رصاص عشوائي
كذلك استهدف فريق العلماء الدولي، الذي يقف وراء هذه الدراسة الأخيرة، ما يرون أنه عيب في الجيل الحالي من أدوية "مُحلل الشيخوخة"، حيث يقولون إنها تأخذ نهج إطلاق الرصاص العشوائي من البنادق التي تحتاج أكثر دقة وانتقائية، وفق وصفهم.
من جهته أوضح سلفادور ماكيب، الباحث الرئيسي في دراسة جامعة ليستر، أن "أدوية مُحلل الشيخوخة هي فئة جديدة من الأدوية ذات إمكانات كبيرة لتخفيف أعراض الشيخوخة. لكن يوجد آثار جانبية قوية حتى الآن، وبالتالي تبرز أهمية الجيل الثاني من الأدوية المضادة للشيخوخة، التي تستهدف الخلايا الشائخة دون التأثير على الخلايا الأخرى".
ويعتمد هذا التطور غير المسبوق على الأبحاث السابقة التي أجراها فريق علماء جامعة ليستر، والتي حددت علامة غشاء للخلايا الشائخة، وأظهرت كيف يمكن استهدافها للقضاء عليها بمستوى عالٍ من الدقة، مما جعل من الممكن أن يتم تطوير مركب جديد من جسم مضاد مُحمل بالعقاقير السامة للخلايا الشائخة، ووضعه قيد الاختبار على مزارع الخلايا في المختبر.
نتائج واعدة
إلى ذلك أعادت تجارب إثبات المفهوم الانتقائي بعض النتائج الواعدة، حيث يكون تأثير الأجسام المضادة والعقاقير مجتمعة معاً مثل "القنبلة الذكية"، فيتم التعرف على الخلايا الشائخة والقضاء عليها بواسطة عقاقير سامة لإخراجها من المعادلة.
وأكد العلماء أن العلاج لم يكن له أي تأثير على الخلايا غير الشائخة، مما أثر بشكل جيد على دقة العلاج وسلامته.
على نهج فكرة لعلاج السرطان
كما أضاف ماكيب أنه "من خلال نسخ فكرة مستخدمة بالفعل في علاجات السرطان، تم تعديل جسم مضاد حتى يتمكن من التعرف على هذه الخلايا وإيصال شحنة سامة إلى داخلها على وجه التحديد".
وقال العلماء إن هذه الطريقة جديدة تماماً للتخلص من الخلايا الشائخة، لافتين إلى أنهم يأملون تكرار هذا النجاح مع البشر يوماً ما، مؤكدين أنهم سيستخدمون هذه النتائج كأساس لمزيد من الدراسة في علاجات أكثر استهدافاً للشيخوخة.