نشطاء يمنيون يحتفلون بعيد موكا.. موطن الذهب اليمني الأسود

لم تكن القهوة إلا رسولاً يمانياً يعيد ترتيب أفكار هذا العالم، ليمنحه بهجة الصفاء.. هكذا عبر نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي في اليمن وهم يحتفلون باليوم الوطني لزراعة البن تحت هاشتاغ #عيد_موكا الرابع الذي يوافق الثالث من مارس من كل عام.

يذكر أن البن اليماني سيطر على التجارة العالمية بشكل مطلق على مدى قرنين من الزمان، من القرن السادس عشر إلى الثامن عشر، وكانت عائداته المالية كبيرة ساعدت الدولة في ذلك العهد على بناء عاصمتين.

رسالة البن المريرة من قلب إكسبو دبي إلى العالم

فمن المعرض العالمي إكسبو دبي 2020، يمتد هذا الاحتفال إلى إكسبو دبي.. فمن بوابة جناح أحفاد سبأ، يطل فضل الزلب مشرف الجناح اليمني بوجهه البشوش، سفيراً للبن، يصب قهوة موكا للزوار القادمين من مختلف أجناس وأعراق العالم، مؤكداً لهم أن قهوة موكا أصلها يمني.. ينقل رسالة سلام تغلفها معاناة الشعب برائحة البن القادمة من ركام الحرب.

الزلب أستاذ علم الآثار، وعضو هيئة الحفاظ على الآثار والمدن التاريخية.. حاصل على المرتبة الأولى في مسابقة النحت العربي على الحجر بالطريقة الحميرية القديمة 3 مرات، وهو كذلك مجدد الخطوط في الجامع الكبير بصنعاء وجامع رداع بمحافظة البيضاء.

زراعة 10 آلاف شتلة في محافظة محاصرة

لم تقتصر احتفالية عيد موكا على فضاء السوشيال ميديا، بل تلقفتها جهات ثقافية في اليمن، حيث دشن مكتب الثقافة بتعز كرنفالا تحت عنوان اليوم الوطني للبن 2022 الفني الإبداعي التوثيقي التذوقي مع تدشين زراعة 10 آلاف شتلة بُن بمشاركة ألمع نجوم الغناء والموسيقى، ونجوم الكوميديا بينهم الفنان الكبير آدم سيف والفنان الرائع صلاح الوافي.

ما لا تعرفونه عن الموطن الأصلي لـ"آرابيكا"

وحملت منشورات نشطاء السوشيال ميديا في اليمن، معلومات لا يعرفها كثيرون عن شجرة البن، معتبرين أنها وجه اليمن الجميل. يقول غمدان الزبيدي إن أجود أنواع البن في العالم يسمى بن "آرابيكا"، يزرع البن على ارتفاع 1000-1700 فوق سطح البحر، كما أن هنالك تقريباً 20 نوعا من أنواع البن اليمني يسمى كل نوع باسم المنطقة التي يزرع فيها، فهناك "الحرازي -الحيمي-الحمادي -الحفاشي- البرعي"، مشيراً إلى أن شهرة البن اليمني تعود لكونه يزرع في مناطق جافة في مدرجات الجبال وفي مناطق عالية، تكون فيه "الأروما" قوية أي الزيوت الطيارة "aromatic oil" في الصنف "أرابيكا" أي العربي وهو الأصل اليمني.

ويلفت بشير الريمي إلى أن البن اليمني يطلق عليه اسم "موكا"، وتعني نسبة إلى ميناء المخا اليمني الذي اكتسب شهرة عندما كان يتم تصدير البن اليمني من خلاله لمختلف بلدان العالم، ويعد اليمن الموطن الأول للبن.

أجيال موكا ثورة ضد شجرة القات الخبيثة

إلى ذلك، وصف ناشطون يوم موكا بأنه ثورة البن اليمني، الهدف منها توعية وتثقيف الشعب اليمني لأجل العودة لزراعة البن اليمني بعد التراجع الكبير في زراعته واستبداله بشجرة القات الخبيثة، الدخيلة القادمة من الحبشة، حيث قام شباب اليمن بإنشاء عدة فعاليات ومهرجانات وأعياد سنوية لاستعادة وهج هذه الشجرة من خلال مبادرات مجتمعية. واقترحوا منها فعالية "أيوه – بن" في يوم التذوق العالمي للبن، حيث تم التواصل مع عدة كافيهات ومقاه داخل اليمن وخارجه بأكثر من 30 بلدا حول العالم ليتم فيها تقديم البن اليمني الشهير مجاناً. وكذلك دعوا إلى إقامة فعالية "أجيال -موكا" خاصة بالأطفال لنشر قصص البن في المدارس.

البن اليمني أغلى من النفط

رغم معاناة الشعب اليمني، واشتداد الفقر والمجاعة التي أنهكته، فإن هذا الشعب يمتلك ثروات هائلة يمشي فوق أرض من ذهب دون أن يدري، حسب دراسة نشرتها وكالة "بلومبيرغ" الأميركية فإن البن اليمني هو الأجود والأفضل في العالم، يصل سعر الكيلو منه إلى 500 دولار، ويصل سعر الطن إلى نصف مليون دولار أي أن سعر الكيلو من البن اليمني يعادل سعر 10 براميل نفط. كما يأتي البن البرازيلي في المرتبة الثانية بعد البن اليمني، حيث تقوم البرازيل بتصدير 3 ملايين طن من البن.

من جهته، يقول أحمد طارش، إنه يقع على عاتق القطاع الخاص واجب وطني تجاه البن اليمني كمحصول وثروة وطنية، فقد بات من المستحق الالتفات لها ومنحها ما تستحقه من الاهتمام وبما يعيد الاعتبار لحضورها الذي تراجع على مستوى العالم.

بينما يصف عبدالوهاب محمود، البن بشجرة حكيمة، يمثل الاحتفاء بها واجب على كل يمني، لا يتوجب التفريط بها أو إهمالها لأنها تربط ما بين الأدب والتاريخ والاقتصاد والهوية والمذاق.

أغنية الحب والبن رسالة ضد العنف والحرب

هذا، ولا تزال أغنية "الحب والبن" تجسد ملحمة الريف اليمني العاشق لأرضه، صاغ كلماتها الشاعر مطهر الإرياني في رائعته: "بن اليمن يادرر يا كنز فوق الشجر.. من يزرعك ما افتقر.. ولا ابتلى بالهوان".. شدا بها الفنان الراحل علي بن علي الآنسي. ولا يزال شباب اليمن يرددونها في مناسبات وطنية كونها رسالة حب برائحة البن في مواجهة دعاة العنف وأمراء الحروب في ربوع البلد الحزين الذي لا يزال يقاوم أشباح الموت ليعود سعيداً كما كان.

Original Article

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

%d مدونون معجبون بهذه: