لم يكن المشهد الذي جرى بالأمس بعيدا عما يحدث منذ سنوات طويلة، وبالتحديد حينما يظهر لون غنائي جديد يخالف السائد، فيتعرض لانتقادات وهجوم ضارٍ من أبناء المهنة أنفسهم، دون الانتظار لردة فعل الجمهور.
فالأزمة المشتعلة منذ أيام، بطلها نقيب الموسيقيين هاني شاكر الذي تصدى بالمنع لعدد كبير من مطربي المهرجانات الشعبية، وأصدر قرارا بمنعهم من الغناء، لكونهم ليسوا أعضاء بالنقابة من الأساس.
وأعلن عن نيته التصدي بكافة الطرق والوسائل لغنائهم وما يقدمونه من إسفاف وخروج عن المألوف والتقاليد العامة، وهو ما اعتبره البعض وسيلة غير مشروعة يقدم عليها رغبة في إصلاح الذوق العام، حيث إن المنع لا يكون أبدا سبيلا للإصلاح.
الناقد الفني طارق الشناوي تحدث لـ"العربية.نت" عن تلك الظاهرة، مؤكدا أنه منذ سنوات طويلة بات معتادا أن أي لون جديد يظهر تتم مهاجمته، حيث لا يألف الجميع الجديد سريعا.
واستشهد بما جرى مع الراحل عبدالحليم حافظ حينما كان يغني في بداياته أغنية "صافيني مرة" وهاجمه الجمهور بالطماطم والبيض وطردوه من على المسرح.
وكذلك ما قام به محمد عبدالوهاب من رفض للأغنية الشبابية وقال وقتها جملة مشهورة "الناس بقت تسمع بالأقدام وليس بالوجدان"، ولكنه بعدها سريعا ما اندمج مع الموجة الجديدة.
واعتبر الشناوي أن هذا الأمر من المفترض أن يكون بعيدا عن النقابة، وأن يكون الكيان الرسمي لديه القدرة على تذوق كل الألوان، خاصة وأنها ليست نقابة اللون الواحد.
وشدد الناقد الفني على أن النقابة من حقها أن تنتقي أعضاءها لكنها لا تملك الحق في المنع من الغناء، خاصة وأن الأفراح الشعبية نجد فيها أم العروس تغني كتقليد سائد لدى البعض، فهل ستقوم النقابة بمنعهن، معتبرا أن القصة مضحكة.
ورأى الشناوي أنه على النقابة أن تخلق مناخا صحيا كي يغني فيه المطربون، ولكن الأمر لا يخلق بهذه الطريقة، وهل بات هاني شاكر ضد هذا النوع من الغناء أم ضد هؤلاء المطربين دونا عن غيرهم، والغريب أن هذا يحدث والعالم العربي صار يستقبل هؤلاء المطربين بشكل طبيعي.
وتطرق الشناوي إلى ما ذكره من قبل بأنه على هاني شاكر أن يغني مهرجانات، معتبرا أن هذا ليس سبّة على الإطلاق تجاه نقيب الموسيقيين، كما أنه حينما يخرج شخص ويؤكد أنه لا يسمع هاني شاكر حينما يغني فهذا أيضا لا يحمل أي إهانة لنقيب الموسيقيين، خاصة وأنها أذواق في النهاية.
واسترجع الشناوي ما كان يحدث قديما، حينما نشر هو صورة لعبدالحليم حافظ في مجلة "روزاليوسف"، وكان بطلها عبدالحليم حافظ وهو يغني "السح الدح امبو" لعدوية، ووقتها خرج حليم لينفي ويؤكد أنها صورة مفبركة.
ولكنه عاد بعد ذلك وصار يغنيها بعد أن ألف الجميع اللون الذي يقدمه عدوية، كما أن محمد عبدالوهاب نفسه تطور وهضم الأغنية الشبابية، ورغم أنه كان قليل الخروج والسهر، كان يذهب إلى ملهى ليلى في الساعات الأولى من الصباح كي يستمع لعدوية.
كما قدم عبد الوهاب أغنية كلماتها تقول "فيك 10 كوتشينة في البلكونة.. بصرة بشكة عادة مجنونة.. لاعبني عشرة إنما برهان"، وتحمل كلماتها معاني تتحدث عن لعب نوع من أنواع القمار، ومع ذلك تذيعها الإذاعة المصرية، ومؤلفها هو مؤلف السلام الوطني المصري.
ومن بين التصرفات غير المسؤولة التي لجأت إليها النقابة من قبل، ما جرى عام 2009 حينما غادرت مصر التصفيات المؤهلة لنهائيات كأس العالم، بعدما خسرنا من الجزائر، ووقعت أحداث أم درمان الشهيرة.
اجتمعت وقتها نقابة الموسيقيين بقيادة منير الوسيمي من أجل إسقاط عضوية وردة، التي لم تكن تحمل سوى الحب لمصر، وتوقفت وقتها الإذاعة عن بث أغانيها.
كما تذكر الشناوي ما حدث لحميد الشاعري حينما ظهر يقود جيلا كبيرا من المطربين، ووقتها تعرض لهجوم شديد قبل أن يألفه الجمهور والموسيقيين.