أواخر العام 1939، قدّر عدد قوات الجيش الأميركي بحوالي 200 ألف عنصر فقط. فمع بداية الصراع على الساحة الأوروبية عقب الغزو الألماني لبولندا، كان الأميركيون في منأى عن هذه الحرب واتجهوا لاتخاذ موقف الحياد رافضين التدخل بشكل مباشر بالنزاع القائم بأوروبا. وعقب هجوم بيرل هاربر الذي قادته اليابان يوم 7 كانون الأول/ديسمبر 1941 وأودى بحياة نحو ألفين من الجنود الأميركيين، اضطرت الولايات المتحدة الأميركية لدخول الحرب العالمية الثانية فأعلنت الحرب على اليابانيين بعد يوم واحد من الهجوم.
نهاية الحرب
ومع دخول بلادهم الصراع العالمي، التحق عدد كبير من الأميركيين بالجيش فجنّدوا وأرسلوا نحو ساحات القتال بكل من أوروبا والمحيط الهادئ وآسيا لمواجهة اليابانيين والألمان والإيطاليين. إلى ذلك، تمكنت الولايات المتحدة الأميركية سريعا من قلب موازين الحرب العالمية الثانية لصالح الحلفاء الذين نجحوا في إلحاق الهزيمة بدول المحور. فخلال شهر أيار/مايو 1945، أعلنت ألمانيا رسميا استسلامها على إثر انتحار هتلر ودخول القوات السوفيتية لبرلين وبعدها بأربعة أشهر فقط استسلمت اليابان ووافقت على جميع شروط الحلفاء.
8 ملايين جندي بأوروبا وآسيا
وتزامنا مع نهاية الحرب، وجدت الولايات المتحدة الأميركية نفسها أمام مشكلة جديدة حيث قدّر تعداد جيشها حينها بأكثر من 16 ملايين جندي كان من ضمنهم 8 ملايين فرد بعيدين عن الديار وموزعين بمناطق عدة بين أوروبا وآسيا وقد مثلت عملية إعادة هذا الكم الهائل من الجنود نحو أرض الوطن تحديا جديدا للمسؤولين الأميركيين الذين وقفوا في البداية حائرين حول كيفية التعامل بشكل ملائم مع هذه الأزمة الجديدة.
إلى ذلك، أدرك عدد من المسؤولين بالجيش الأميركي مبكرا عام 1943 بوادر هذه الأزمة التي باتت تلوح في الأفق فوافقوا على وضع لجنة للنظر في الأمر، فضلا عن ذلك أيد رئيس هيئة الأركان الأميركية الجنرال جورج مارشال (George Marshall) وضع برنامج لتوفير الإمكانيات اللوجستية الكافية لإعادة هذا الكم الهائل من الجنود نحو الوطن وإنهاء فترة خدمتهم العسكرية.
مع نهاية الحرب على الساحة الأوروبية وهزيمة ألمانيا النازية، بلغ عدد الجنود الأميركيين المنتشرين بكل من أوروبا وإفريقيا أكثر من 3 ملايين فرد. ولتسهيل عملية نقلهم نحو الوطن، جنّدت الولايات المتحدة الأميركية حوالي 300 سفينة شحن من نوع ليبرتي (Liberty) وفيكتوري (Victory) وحوّلتها لنوع من أنواع ناقلات الجنود. وباستسلام اليابان مطلع شهر أيلول/سبتمبر من نفس العام، وسّع الأميركيون عملية إعادة جنودهم للوطن لتشمل أولئك الذين تواجدوا على جبهة المحيط الهادئ.
على حسب العديد من المصادر، كانت السفن الأميركية قادرة على نقل مئات آلاف الجنود نحو أرض الوطن شهريا وما بين شهر أيار/مايو وأيلول/سبتمبر 1945 قدّر عدد الجنود الأميركيين الذين عادوا من الساحة الأوروبية بأكثر من 1.4 مليون جندي. ولتوفير مزيد من الدعم لعمليات ترحيل جنودها نحو أرض الوطن، وافقت البحرية الأميركية على تحويل حاملة الطائرات يو أس أس لايك تشامبلين (USS Lake Champlain) لناقلة جنود زودت بمرافق تتسع لأكثر من 3 آلاف جندي.
من جهة ثانية، لعبت هذه السفن الأميركية دورا هاما إعادة أسرى الحرب الألمان والإيطاليين لأوطانهم. فبعد مضي أشهر قليلة عن نهاية الحرب على الساحة الأوروبية، عاد 450 ألف أسير حرب ألماني و50 ألف أسير حرب إيطالي نحو بلدانهم.
على الساحة الآسيوية، جنّد الأميركيون العديد من البوارج وحاملات الطائرات لمهمة إعادة الجنود نحو أرض الوطن فتحولت بذلك سفن كيو أس أس إيداهو (USS Idaho) ويو أس أس ميسيسيبي لناقلات جند قطعت مسافات طويلة ذهابا وإيابا بين جزر المحيط الهادئ والأراضي الأميركية.
700 ألف بشهر واحد
على حسب مصادر تلك الفترة، استغرقت عملية إعادة الجنود الأميركيين لوطنهم نحو 14 شهرا وبلغت أوجها خلال شهر كانون الأول/ديسمبر 1945 حيث شهد ذلك الشهر لوحده عودة 700 ألف جندي للأراضي الأميركية.