هكذا احتلت اليابان ميانمار.. واغتيل مؤسس البلاد

صباح يوم 7 ديسمبر 1941، اهتز العالم على وقع تناقل وسائل الإعلام العالم لخبر الهجوم الياباني على قاعدة بيرل هاربر الأميركية بهاواي بعرض المحيط الهادئ. فدون أي إعلان حرب مسبق، باشر سلاح البحرية الإمبراطوري الياباني بمهاجمة المواقع الأميركية ببيرل هاربر متسببا في مقتل أكثر من 2300 أميركي وتخريب نحو 20 قطعة بحرية وتدمير 188 طائرة أميركية تواجدت بالقاعدة عند بداية الهجوم.

وخلال الساعات التي تلت الهجوم على قاعدة بيرل هاربر الأميركية، باشر الجيش الياباني تدخله بالمستعمرات البريطانية بشرقي آسيا فعمد لمهاجمة هونغ كونغ ومالايا البريطانية (British Malaya)، مهددا بذلك أستراليا ومستعمرة الهند، قبل أن يوجّه ناظره نحو ميانمار المعروفة أيضا ببورما.

استياء من السياسة البريطانية

وقبل اندلاع الحرب العالمية الثانية، مثّلت بورما جزءا من الإمبراطورية الاستعمارية البريطانية حيث وقعت الأخيرة في قبضة البريطانيين خلال القرن 19 عقب الحروب الأنجلو بورمية. وبادئ الأمر، اعتبر البريطانيون بورما جزءا من مستعمرتهم بالهند وربطوها إداريا بسلطاتهم الموجودة ببلاد الهند. لكن مع تمرير قانون حكومة الهند لعام 1935، اتجهت بريطانيا لإدارة شؤون بورما بشكل مستقل عن الهند.

إلى ذلك، أثارت السياسة البريطانية بميانمار غضب أغلبية البرماويين، العرقية المهيمنة ديموغرافيا بميانمار، حيث عمد البريطانيون لاستقطاب مزيد من اليد العاملة الهندية لتلبية حاجيات قطاع الصناعة كما عمدوا لرهن وتأجير الأراضي المخصصة للزراعة للأثرياء الهنود وتسببوا تدريجيا في تآكل المجتمع التقليدي ببورما.

في الأثناء، ساهمت السياسة البريطانية في تزايد النزعة الاستقلالية ببورما. ومع بداية التدخل الياباني بالبلاد أواخر العام 1941، رفضت أغلبية البرماويين مساعدة البريطانيين في الدفاع عن مستعمرتهم وفضّل كثير منهم في المقابل الاصطفاف مع اليابانيين.

مع اندلاع المعارك ببورما، امتلك الجنرال البريطاني السير توماس هوتون (Thomas Hutton) فيالق، تكونت أساسا من فيلق المشاة الهندي السابع عشر وفيلق بورما الأول، مشاة سيئة التسليح وافتقرت للخبرة العسكرية كما تلقى الأخير حينها دعما من القوميين الصينيين بقيادة شيانغ كاي شيك (Chiang Kai-shek) الذين أرسلوا عشرات آلاف المقاتلين لمؤازرته ضد اليابانيين.

تحالف مع اليابانيين

وقد اتجه اليابانيون للتدخل ببورما سعيا وراء الموارد الطبيعية التي افتقرت إليها بلادهم لدعم مجهوداتها الحربية حيث وجّه المسؤولون العسكريون اليابانيون حينها أنظارهم نحو حقول نفط منطقة ينانجيانغ (Yenangyaung) ومعدن الكوبالت (Cobalt) والموارد الغذائية الهائلة للبلاد التي اعتمدت أساسا على الأرز. أيضا، مثلت بورما هدفا استراتيجيا للقيادة العسكرية اليابانية. فطيلة السنوات الفارطة، استغل البريطانيون هذه المستعمرة لإرسال الإمدادات العسكرية للقوميين الصينيين الذين قاتلوا بشراسة ضد التدخل العسكري الياباني خلال الحرب اليابانية الصينية الثانية التي اندلعت عام 1937.

مع بداية التدخل العسكري الياباني ببورما، شكّل عدد من الأهالي بقيادة الجنرال أون سان (Aung San) جيش تحرير بورما الذي اتجه لمساعدة اليابانيين في طرد البريطانيين واحتلال بورما. ومن خلال مساندته لليابانيين، سعى أون سان للظفر باستقلال بلاده إلا أنه تفاجأ بسياسة جديدة سعت من خلالها اليابان لتحويل بورما لدولة دمية (puppet state)، دولة يزعم أنها مستقلة ولكنها في الحقيقة تعتمد على قوة خارجية، وتعيين المحامي والسياسي با ماو (Ba Maw) على رأسها.

وعلى إثر سقوط العاصمة رانغون (Rangoon) في قبضة اليابانيين ورحيل البريطانيين، اتجهت القيادة العسكرية اليابانية لحل جيش تحرير بورما وأسست بدلا منه جيش دفاع بورما قبل أن تحوّله لاحقا للجيش الوطني البورمي.

مؤسس بورما الحديثة

لاحقا، اتجه أون سان والجيش الوطني البورمي للتخلي عن اليابانيين والتحقوا بالحلفاء لطرد القوات اليابانية من البلاد. ومع نهاية الحرب العالمية الثانية وهزيمة اليابان، تحوّل أون سان لبطل قومي وصنّف من قبل البورميين كمؤسس بورما الحديثة.

سنة 1947، اتجهت بورما لتنظيم انتخابات لوضع أسس مجلس تأسيسي بالبلاد توكل إليه مهمة إعداد دستور للبلاد تزامنا مع رحيل البريطانيين واستقلال البلاد بالعام التالي. إلى ذلك، حقق أون سان نجاحا كبيرا بالانتخابات وتفوّق بفارق شاسع على منافسيه إلا أنه اغتيل رفقة عدد من مساعديه خلال شهر تموز/يوليو 1947.

بداية من العام 2016، شغلت أون سان سوكي (Aung San Suu Kyi)، ابنة أون سان، منصب مستشارة الدولة بميانمار إلا أنها عزلت من المنصب واعتقلت عقب الانقلاب العسكري مطلع فبراير 2021.

Original Article

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

%d مدونون معجبون بهذه: