هكذا استخدم الألمان طائرات انتحارية بالحرب العالمية

أواخر الحرب العالمية الثانية، أثارت هجمات طيّاري الكاميكازي (kamikaze) اليابانيين الرعب في صفوف الأميركيين على ساحة المحيط الهادئ حيث لم يتردد هؤلاء الانتحاريون اليابانيون، الذين أشارت تسميتهم بالكاميكازي لعبارة الرياح المقدسة، في القيام بعمليات انتحارية باستخدام طائراتهم التي كانت غالبا من نوع ميتسوبيشي زيرو (Mitsubishi A6M)، المعروفة أكثر بالطائرات زيرو، عن طريق الاصطدام عمدا بالبوارج وحاملات الطائرات الأميركية.

إلى ذلك، يذكر التاريخ عددا من العمليات الناجحة التي قادها الطيارون الانتحاريون اليابانيون، ولعل أبرزها تلك التي استهدفت حاملة الطائرات الأميركية يو أس أس بوكنر هيل (USS Bunker Hill) خلال شهر أيار/مايو 1945 وتسببت في مقتل المئات.

سرب طائرات ليونيداس الانتحاري

وبالتزامن مع اعتماد اليابانيين على طياري الكاميكازي لتكبيد الأميركيين مزيدا من الخسائر البشرية والمادية على ساحة المحيط الهادئ، اتجه الألمان خلال شهر شباط/فبراير 1944 للبحث في إمكانية استخدام طيارين انتحاريين على الساحة الأوروبية لترهيب الحلفاء وتعطيل تقدمهم خاصة على الجبهة الشرقية التي شهدت تغييرات عديدة طيلة الأشهر السابقة عقب معركتي ستالينغراد وكورسك ورجحت كفة السوفييت مجبرة بذلك الألمان على التقهقر واعتماد خطط دفاعية للحفاظ على مواقعهم.

وقد جاءت فكرة تشكيل وحدات طيران انتحارية ألمانية بناء على اقتراح ساهم في صياغته عدد من العسكريين الألمان المرموقين من أمثال ضابط المخابرات والعمليات الخاصة بوحدة الأس أس (SS) أوتو سكورزيني (Otto Skorzeny) والمسؤول بسلاح الجو هانس خواكيم هرمان (Hans-Joachim Herrmann) والطيّارة الشهيرة هانا رايتش (Hanna Reitsch) إضافة لقائد وحدة الأس أس هاينريش هملر (Heinrich Himmler) الذي أبدى إعجابه الشديد بالأمر.

وانطلاقا من هذا الأمر، أطلق المسؤولون بسلاح الجو الألماني، اسم سرب طائرات ليونيداس (Leonidas Squadron) على هذا الفيلق الانتحاري حيث اقتبس الاسم حينها من اسم ملك أسبرطة الإغريقي ليونيداس الأول الذي خاض معركة ترموبيل (Thermopyles) عام 480 قبل الميلاد رفقة بضعة آلاف من جنوده وتمكن من تكبيد الفرس، المقدر تعدادهم بنحو 200 ألف عسكري، خسائر جمة.

طائرة مناسبة وإهدار للأرواح

وفي خضم عملية إنشاء هذه الوحدة الانتحارية، احتار الألمان حول الطائرات الأنسب لقيادة مثل هذه المهمات. وبادئ الأمر، اتفق الجميع على طائرات ماسرشميت مي 328 (Messerschmitt Me-328) إلا أن الأخيرة أثبتت فشلها أثناء التجارب بسبب سرعتها وعدم قدرتها على نقل كميات كبيرة من المتفجرات.

لاحقا، اتجه الألمان لاقتراح اسم الطائرة الصاروخ Fieseler Fi 103R، التي كانت نوعا مطورا من صواريخ في 1 (V-1) احتوى على قمرة قيادة بها مقعد واحد للسائق، لقيادة هذه المهمات الانتحارية إلا أنهم تخلوا عنها بسبب عدم قدرة الطيارين على التحكم فيها بشكل جيد.

من جهة ثانية، عارض عدد هام من قادة سلاح الجو الألماني فكرة إنشاء فرقة طائرات انتحارية، واعتبروا الأمر إهدارا لأرواح الطيارين المتبقين لدى ألمانيا أواخر الحرب لتشهد على إثر ذلك قيادة سلاح الجو الألماني حالة من التخبط حول إمكانية استخدام هذه الفرقة الانتحارية بالمعارك.

عمليات محدودة

وبسبب هذا التردد، استخدم الألمان الطائرات الانتحارية أواخر الحرب العالمية الثانية تزامنا مع اقتراب الجيش الأحمر السوفيتي من برلين حيث تم الاعتماد على طائرات من نوع ماسرشميت بي أف 109 (Messerschmitt Bf-109) ملأت خزانات وقودها للنصف بهدف إرسالها بمهمات دون عودة.

وعلى حسب مصادر الآلة الدعائية الألمانية حينها، شاركت 35 طائرة ألمانية في هذه المهمات الانتحارية وتمكنت من تدمير عشرات الجسور والطرقات بهدف تأخير تقدم السوفييت وبلوغهم لبرلين.

Original Article

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

%d مدونون معجبون بهذه: