هكذا اعترفت ألمانيا بإبادة “طي الكتمان” ارتكبتها قبل 100 عام

عمليات قتل وإعدام ارتكبتها ألمانيا قبل نحو 100 عام، وأسفرت عن آلاف الضحايا، صنفت أخيراً كأولى عمليات الإبادة الجماعية في القرن العشرين.

وارتكبت هذه الجرائم بين عامي 1904 و1908 بحق عرقيتي الهيريرو (Herero) والناما (Nama) في إفريقيا، ووافقت مؤخراً الحكومة الألمانية رسمياً على تصنيفها إبادة جماعية.

الاستعمار الألماني في إفريقيا

وسجل الألمان حضورهم بالساحل الغربي لجنوب القارة الإفريقية في حدود العام 1882، حين طلب التاجر الألماني أدولف لوديريتز (Adolf Lüderitz) من المستشار أوتو فون بسمارك إذناً بإنشاء ميناء ونقطة عبور بالمنطقة لتسهيل الحركة التجارية.

فقد تمكن هذا التاجر من إنشاء نقطة لوديريتز، التي حملت اسمه، عقب نجاحه في شراء قطعة أرض من إحدى قبائل السكان الأصليين.

وبعدها بعامين، أعلنت سيادة الإمبراطورية الألمانية على نقطة لوديريتز لتجنب وقوعها في قبضة إحدى القوى الأوروبية الأخرى مستقبلاً.

وعلى رغم اعتماده للسياسة الواقعية (Realpolitik) وعدم تأييده للتوسع وامتلاك المستعمرات، رضخ بسمارك للضغوطات التي مارسها رجال الأعمال وأصحاب المصانع الألمان واتجه للحصول على بعض المستعمرات التي كانت مقسمة أساساً بين البريطانيين والفرنسيين.

إلى ذلك، وفي 24 أبريل 1884، أعلن بسمارك رسمياً سيادة الإمبراطورية الألمانية على مناطق الجنوب الغربي لإفريقيا، ناميبيا حالياً، وهو الأمر الذي وافق عليه ممثلو القوى الاستعمارية الأوروبية خلال مؤتمر برلين ما بين عامي 1884 و1885.

عشرات آلاف الضحايا

ومنذ استقرارهم بالمنطقة، هيمن الألمان على أراضٍ شاسعة اعتمدوها للزراعة وأجبروا العديد من قبائل السكان الأصليين على العمل لصالحهم في ظروف قاسية.

إلى ذلك، واجه المستعمرون الألمان ثورات قبائل السكان الأصليين وعلى رأسهم شعبا الهيريرو والناما اللذان حاول أفرادهما لأكثر من مرة التصدي لعمليات نهب الأراضي والماشية التي قادها المستعمرون الألمان.

وفي 12 يناير 1904، استغل عدد من أفراد شعب الهيريرو بقيادة صمويل ماهاريرو (Samuel Maharero) انشغال القوات الألمانية بقمع تمرد لشعب الناما بالجنوب ليهاجموا المستعمرين الألمان وسط البلاد.

فقد تمكن المهاجمون الهيريرو وخلال 3 أيم، من قتل 123 مستعمراً ألمانياً، مثيرين بذلك غضب الإمبراطور فيلهلم الثاني (Wilhelm II) الذي أمر بإرسال الجنرال لوثار فون تروتا (Lothar von Trotha) لقمع الثورة وإخضاع شعبي الهيريرو والناما.

القضاء على العرقيتين

ومنذ حلوله بالمنطقة برفقة نحو 3500 من الجنود الألمان خلال يونيو 1904، اتجه فون تروتا للقضاء على الهيريرو والناما على رغم معارضة المستعمرين الذين رفضوا خسارة اليد العاملة.

إلى ذلك، لاحق فون تروتا هؤلاء السكان الأصليين ودفع بهم للهجرة عبر صحراء أوماهيكي متحملين الحرارة المرتفعة والنقص الفادح في المياه.

فضلاً عن ذلك، أرسل من تبقى من الهيريرو والناما نحو مراكز اعتقال أنشأها الألمان ليسجنوا هنالك في ظروف قاسية، حيث تعرض أفراد هاتين العرقيتين للتعذيب والإعدام رميا بالرصاص كما لجأ الجنود الألمان لتسميم آبار شربهم أملا في القضاء على أكبر عدد ممكن منهم.

وعن عملية ملاحقة الهيريرو والناما، قدّم قائد الجيش الألماني ألفرد فون شليفن (Alfred von Schlieffen) تصريحا أعلن من خلاله أن الصحراء القاحلة ستتكفل بإنهاء ما بدأه الألمان.

من ناحية أخرى، عمد الألمان للقيام بتجارب طبية بالمنطقة واعتمدوا على أسرى الهيريرو والناما كفئران تجارب بشرية كما لجأوا أيضا لقطع رؤوس بعض من هؤلاء الأسرى وأرسلوها لألمانيا بهدف إجراء دراسات تدعم النظريات العنصرية والاستعمارية حول تفوق العرق الأبيض على الأسود.

يذكر أنه قبيل اندلاع عملية الإبادة التي استمرت لحدود العام 1907، قدر عدد الأهالي الهيريرو بنحو 100 ألف نسمة.

ومع نهاية المذبحة، فارق حوالي 80% منهم الحياة إما عطشا بالصحراء أو بسبب الإعدامات والمعاملات القاسية بمعسكرات الاعتقال.

كما تسببت السياسة الألمانية في وفاة نحو 10 آلاف فرد من شعب الناما وهو الرقم الذي يعادل حوالي نصف السكان المنتمين لهذه العرقية بالمنطقة.

Original Article

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

%d مدونون معجبون بهذه: