خلال ثلاثينيات القرن الماضي، عاشت الولايات المتحدة الأميركية على وقع ويلات أزمة الكساد الكبير الذي شهد إفلاس العديد من الشركات والبنوك وارتفاعاً مذهلاً في نسب البطالة، التي بلغت أرقاماً قياسية عقب انهيار سوق الأسهم يوم 29 سبتمبر 1929. وقد تزامنت أزمة الكساد الكبير مع أهوال انتشار عواصف الغبار بمناطق شاسعة من الأراضي الأميركية والكندية التي أدت لتشريد عدد كبير من الأميركيين داخل بلادهم، حيث فضّل كثير ممن عاشوا بالمناطق الريفية الهجرة نحو الولايات المجاورة بحثاً عن الوظائف، وأملاً في تحسين ظروفهم المعيشية.
وفي خضم هذه الظروف القاسية، استعد الأميركيون خلال العام 1936 للمشاركة بالانتخابات لتحديد رئيسهم تزامناً مع قرب انتهاء الفترة الرئاسية الأولى للديمقراطي فرانكلين روزفلت. ففي العام 1932، حقق روزفلت نصراً ساحقاً على المرشح الجمهوري هربرت هوفر (Herbert Hoover) فجمع 472 صوتاً بالمجمع الانتخابي مقابل 59 صوتاً فقط لمنافسه، ليتمكن بذلك من إنهاء 12 عاماً هيمن خلالها الجمهوريون على الرئاسة.
ومنذ توليه لمنصبه، باشر الرئيس الأميركي الجديد فرانكلين روزفلت باعتماد خطة برنامج "الصفقة الجديدة" الذي وضعه لإصلاح وإنعاش الاقتصاد وتوفير المساعدة لملايين الأميركيين الذين عانوا من الفقر والبطالة وتشرّدوا بسبب الأزمة الاقتصادية. ومع نجاح حزبه بالانتخابات النصفية لعام 1934، اتجه روزفلت لتمرير حزمة أخرى من القرارات ضمن برنامج "الصفقة الجديدة" فأقر قانون الضمان الاجتماعي وعدّل الضرائب لأصحاب الدخل العالي والشركات الكبرى.
ومع اقتراب موعد الانتخابات عام 1936، اتجه الجمهوريون لتجنب تكرار سيناريو هزيمتهم منذ 4 سنوات مفضّلين التريث والبحث عن منافس جيد قادر على مواجهة المرشح الديمقراطي. وعقب اجتماعهم بكليفلاند خلال شهر يونيو 1936، صوّت الجمهوريون بأغلبية ساحقة لترشيح حاكم ولاية كنساس ألفرد موسمان لاندن (Alfred Mossman Landon) لخوض غمار السباق الرئاسي واختاروا السياسي والصحافي فرانك نوكس (Frank Knox)، المعروف بمعارضته الشديدة لسياسة روزفلت، لمرافقته كمرشح لمنصب نائب الرئيس بالسباق الرئاسي.
من جهة ثانية، اجتمع أعضاء الحزب الديمقراطي بمدينة فيلادلفيا وصوتوا بأغلبية ساحقة لترشيح الرئيس فرانكلين روزفلت لفترة رئاسية ثانية مؤكدين على ثقتهم في حتمية فوزه. وعقب ترشيحه، ألقى روزفلت كلمة أعلن من خلالها أن الأميركيين على موعد مع يوم تاريخي مع القدر بحلول شهر نوفمبر لمواصلة كفاحهم لإنهاء أزمة الكساد الكبير.
إلى ذلك، كانت انتخابات العام 1936 خالية من أية منافسة تذكر بين المرشحين الرئيسيين. فمع صدور النتائج، حصل فرانكلين روزفلت على أكثر من 27 مليون صوت بالتصويت الشعبي وفاز بأصوات 523 صوتاً بالمجمع الانتخابي، بينما نال منافسه ألفرد موسمان لاندن حوالي 16.5 مليون صوت من الأميركيين وفاز بثمانية أصوات فقط بالمجمع الانتخابي عقب تقدمه بفارق طفيف بولايتي فيرمونت وماين.
وبفضل هذه النتائج، اكتسب روزفلت المجمع الانتخابي فحقق نصراً كاسحاً لم تشهد الولايات المتحدة الأميركية مثيلاً له منذ العام 1820 الذي حقق خلاله مرشح "الحزب الجمهوري الديمقراطي" جيمس مونرو انتصاراً مشابهاً.