هكذا انتهت حرب بين النمسا وفرنسا قتلت عشرات الآلاف بشهرين 

عقب لقاء سابق جمع بينهما خلال شهر تموز/يوليو 1858، اتفق الإمبراطور الفرنسي نابليون الثالث والوزير الأول لمملكة سردينيا كاميلو بنسو (Camillo Benso)، المعروف أكثر بكافور (Cavour)، على مساندة ملك سردينيا فكتور إيمانويل الثاني (Victor Emmanuel II) في حال تعرضه لهجوم نمساوي. ومن خلال هذه الاتفاقية، اتجه كافور نحو توحيد الدويلات الإيطالية التي عانت طيلة السنوات الماضية من ويلات الاحتلال النمساوي.

ومع حصولها على ضمانات بضم كل من نيس وسافوا لأراضيها، وعدت فرنسا بإرسال نحو 300 ألف من جنودها لمقارعة الجيوش النمساوية في حال اعتدائها على مملكة سريدنيا.

انتصار فرنسي ودوافع السلام

وأواخر شهر نيسان/أبريل 1859، تسببت النمسا في اندلاع حرب الوحدة الإيطالية الثانية. فعقب إرسالهم لتحذير لمملكة سردينيا لوقف تدفق المقاتلين الأجانب وسحب عدد من القوات على حدودها، اتجه النمساويون لإعلان الحرب على الملك فكتور إيمانويل الثاني متسببين بذلك في دخول فرنسا النزاع عن طريق إرسال ما لا يقل عن 200 ألف عسكري وهو ما يمثل ثلثي العدد المتفق عليه بين كل من نابليون الثالث وكافور.

وعقب انتصارات حاسمة بمعارك مونتبيلو (Montebello) وباليسترو (Palestro) وتوربيغو (Turbigo) وسولفيرينو (Solferino)، تعرض نابليون الثالث لضغوطات أجبرته على البحث عن مخرج لنزاعه مع النمسا.
فأثناء معركة سولفيرينو، أرعب العدد الهائل للضحايا الإمبراطور نابليون الثالث الذي صدم عند سماعه بخبر سقوط أكثر من 40 ألفا بين قتيل وجريح من كلا الطرفين. وفي الأثناء، تلقى الإمبراطور الفرنسي معلومات حول حالة من الغضب في صفوف الفرنسيين الذين تساءلوا عن سبب إقحام بلادهم والتضحية بأبنائها بحرب لا دخل لهم بها. فضلا عن ذلك، أثار التدخل الفرنسي لصالح سردينيا قلق الرهبان الكاثوليكيين الذين تخوفوا من إمكانية فقدان الدولة البابوية لاستقلالها واعتقال البابا أو قتله في حال انسحاب النمساويين من إيطاليا.
وبالخارج الفرنسي، اجتاح شعور معاد للفرنسيين الدويلات الألمانية التي رفضت الحرب الفرنسية ضد النمسا التي تكلم مواطنوها اللغة الألمانية. أيضا، وردت على وزارة الحرب الفرنسية معلومات حول وجود تحركات لجمع مئات الآلاف من المتطوعين بالدول الألمانية، خاصة بروسيا التي دفعت بستة فرق مشاة قرب الحدود الشمالية لفرنسا، بهدف تشكيل جيش لمناصرة النمسا عن طريق التدخل بالشمال الفرنسي الذي أصبح خاليا من العسكريين بسبب تواجد أغلب القوات بشبه الجزيرة الإيطالية.

سلام وخيانة للقضية الإيطالية

أمام هذا الوضع، اتجه نابليون الثالث للبحث عن مخرج دبلوماسي لهذه الحرب فعمد يوم 5 تموز/يوليو 1859 لإرسال الجنرال فلوري (Fleury) لاقتراح وقف إطلاق النار وإقرار معاهدة سلام مع الإمبراطور النمساوي فرانز جوزيف الأول (Franz Joseph I).

وبمنطقة فيلافرانكا دي فيرونا (Villafranca di Verona) بالبندقية يوم 11 تموز/يوليو 1859، أبرمت فرنسا رسميا اتفاقية سلام مع النمساويين حصلت من خلالها فرنسا على إقليم لومبارديا (Lombardy)، الذي سلمته لاحقا لسردينيا، بينما احتفظت النمسا بالبندقية. أيضا، وعدت النمسا بتشكيل كونفدرالية إيطالية بقيادة البابا بيوس التاسع (Pius IX) وإعادة دوقي توسكانا وبارما لمنصبهما.

ومع نهاية هذه الحرب التي أسفرت عن سقوط أكثر من 25 ألف فرنسي بين قتيل وجريح، استقال كافور من منصبه بسبب عدم استشارته من قبل الفرنسيين حول وقف الحرب مع النمسا. فضلا عن ذلك، اعتبر الإيطاليون سلام فيلافرانكا دي فيرونا خيانة لقضية الوحدة الإيطالية واتهموا الإمبراطور نابليون الثالث بالتنكر لهم.

Original Article

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

%d مدونون معجبون بهذه: