عاشت المكسيك خلال الأشهر الأخيرة من العام 1910، على وقع بداية الحرب الأهلية الملقبة من قبل البعض بأحداث الثورة المكسيكية، التي استمرت لنحو عقد من الزمن وأسفرت عن سقوط ملايين القتلى.
فقد اندلعت هذه الأحداث الدامية، بعد أن أقدمت مجموعة مسلحة، بتحريض من المعارض المنفي بالولايات المتحدة فرانسيسكو أنداليسيو ماديرو (Francisco Indalecio Madero)، على حمل السلاح ضد نظام الدكتاتور بورفيريو دياز (Porfirio Díaz) المتهم بتزوير الانتخابات.
فرار أهم معارض من السجن
وترشّح البورجوازي ذو التوجهات الليبرالية فرانسيسكو أنداليسيو ماديرو، البالغ من العمر 37 عاماً، للانتخابات الرئاسية المكسيكية عام 1910 لمواجهة الرئيس والدكتاتور بورفيريو دياز، البالغ من العمر 80 عاماً، الذي حكم البلاد بقبضة من حديد منذ العام 1876.
أثناء فترة حكمه، استعان دياز بأثرياء المكسيك والولايات المتحدة لتطوير بلاده وتحسين بنيتها التحتية. وبينما ساهمت سياسة التحديث هذه في زيادة رفاهية البورجوازيين، عانى الفلاحون والفقراء الذين تكونوا أساساً من السكان الأصليين، من تدهور وضعهم المادي.
مع ترشح ماديرو، علّقت هذه الشريحة الهامة من المجتمع المكسيكي، أي الفلاحون والفقراء، آمالاً كبيرة على إمكانية رحيل بورفيريو دياز.
لكن ولسوء حظّهم لم يتردد الدكتاتور المكسيكي في سجن منافسه ماديرو بسجن سان لويس بوتوسي (San Luis Potosí) قبل فترة وجيزة من الانتخابات.
في الأثناء، استغل ماديرو ثغرة أمنية وتمكّن من الهرب من سجنه ليفر نحو الولايات المتحدة، حيث أصدر بياناً دعا من خلاله المكسيكيين للثورة.
مقتل ماديرو
مع تزايد الغضب الجماهيري ضد سياسته وفوزه، المشكوك فيه بالانتخابات، لم يتردد الرئيس دياز يوم 13 نوفمبر/تشرين الثاني 1910 في حبس العديد من أنصار المعارض ماديرو.
وبعد أسبوع واحد، أعلن المعارض باسكوال أوروزكو (Pascual Orozco) مساندته المطلقة لماديرو، المنفي بالولايات المتحدة، وكوّن فرقة مسلحة صغيرة لمقاومة نظام الرئيس دياز.
خلال الأسابيع التالية، لم يتردد القائد المنتمي للسكان الأصليين، إيميليانو زاباتا (Emiliano Zapata) والمتمرد وقاطع الطريق الشمالي بانشو فيا (Pancho Villa) في الالتحاق بحركة التمرد التي سرعان ما أجبرت الرئيس دياز على مغادرة البلاد يوم 25 مايو/أيار 1911.
ومع عودته من المنفى، انتخب ماديرو رئيساً للمكسيك يوم 6 نوفمبر 1911. ووسط ذهول الجميع رفض الأخير الوفاء بوعوده للفلاحين مفضلاً إرضاء البورجوازيين.
في المقابل، قرر الفلاحون حمل السلاح مجدداً ضد الرئيس الجديد ماديرو الذي استعان بالجيش المكسيكي لقمعهم.
وبسبب تخلي الجنرال فيكتوريانو هويرتا (Victoriano Huerta) فشل ماديرو في قمع هذه الحركة التمردية فاعتقل وقتل يوم 22 فبراير/شباط 1913 أثناء محاولته الهروب من المكسيك.
إلى ذلك، استمرت حالة عدم الاستقرار بالمكسيك لسنوات وأسفرت بحلول العام 1920، عقب معارك ضارية، عن مقتل نحو مليون مكسيكي.