قبل نحو 3 قرون، اهتزت مناطق هولندا والدنمارك والشمال الألماني على وقع فيضان مدمر أسفر عن سقوط آلاف القتلى، ودمّر جانباً كبيراً من الممتلكات.
فخلال ليلة عيد الميلاد، أي 24 كانون الأول/ديسمبر، عام 1717، ارتفع منسوب المياه بشكل سريع بعدد من المدن الهولندية والألمانية والدنماركية تزامنا مع هبوب عاصفة على المنطقة.
وبسبب تجاهلها لتحذيرات البحار توماس فان سيرات (Thomas van Seeratt)، اضطرت السلطات الهولندية بمقاطعة خرونينغن (Groningen) لتحمل عواقب هذا الفيضان المدمر الذي عرف تاريخيا بفيضان نويل وفيضان عيد الميلاد.
17 ألف وفاة ومجاعة وفقر
كما تشققت بالعديد من المناطق الواقعة بشمال ألمانيا وهولندا، السدود وانهارت يوم 24 كانون الأول/ديسمبر 1717 بسبب الرياح وضغط كميات الأمطار الهائلة التي رافقت الإعصار الذي ضرب المنطقة ليلة عيد الميلاد.
وتزامنا مع ارتفاع منسوب المياه بالسدود، التي تجاوزت طاقة استيعابها، وعلو مستوى البحر، فاضت بعض الوديان القريبة وعقّدت وضع المدن المحاذية لها.
بناء على إحصائيات تلك الفترة، أسفر فيضان أعياد الميلاد عن وفاة 17 ألف شخص غرقا أثناء محاولتهم مغادرة المدن والقرى التي غمرتها المياه. وبهولندا، بلغت مياه الفيضان مدنا كبيرة كخرونينغن، عاصمة مقاطعة خرونينغن، وزفوله (Zwolle) وهارلم (Haarlem) وأمستردام مخلفة دمارا هائلا بها. كما امتدت هذه الكارثة لتبلغ مدن تندر (Tønder) وشلسفيغ (Schleswig) بالدنمارك وشرق فريزيا (East Frisia) بالشمال الغربي الألماني.
وخلال الأشهر التالية، أسفر فيضان عيد الميلاد عن تزايد نسبة الفقر وظهور المجاعة بالمناطق التي حل بها حيث خربت المياه عددا كبيرا من الحقول والأراضي الخصبة وأسفرت عن وفاة كثير من الأغنام والأبقار. وأملا في جمع أموال إضافية لتحسين البنية التحتية لمجابهة كوارث مشابهة مستقبلا، عمدت السلطات الهولندية لفرض ضرائب إضافية على الأهالي، الذين خسروا في وقت سابق منازلهم وممتلكاتهم بسبب الفيضان، مساهمة بذلك في زيادة معاناتهم.
سدود خرونينغن
في مدينة خرونينغن المقدر عدد سكانها بحوالي 80 ألف نسمة حينها، فارق ما يزيد عن 2500 شخص الحياة بسبب الفيضان. ولولا تدخل البحار توماس فان سيرات لكان عدد الضحايا أكبر بكثير حيث تدخل الأخير في الوقت المناسب لإنقاذ أرواح سكان المدينة.
أما عام 1716، عيّن توماس فان سيرات مسؤولا عن المياه بمدينة خرونينغن. وأثناء جولاته التفقدية، تحدّث الأخير عن تآكل السدود وشكك في فاعليتها في مواجهة الأعاصير وكميات الأمطار الكبيرة منبها لقيام عدد من الفلاحين بحفر التربة القريبة من السدود.
ومع بداية فيضان عيد الميلاد الذي توقّع حدوثه، أعطى توماس فان سيرات إشارة بدء عمليات الإنقاذ بشكل مبكر مساهما بذلك في إبعاد عدد كبير من الأهالي عن الخطر. لاحقا، قاد هذا البحار السابق عمليات إعادة تهيئة سدود خرونينغن وفق مواصفات معاصرة. وبفضله، نجت هذه المدينة من الفيضانات عديدة خلال السنوات التالية.